شبكة الشموخ الأدبية

شبكة الشموخ الأدبية (http://www.alshmo5.com/vb/index.php)
-   منتدى مدونات الكتّاب (http://www.alshmo5.com/vb/f35.html)
-   -   مدار الأفكار ؟ (http://www.alshmo5.com/vb/t19.html)

عبدالعزيز الفدغوش 06-18-2010 06:31 PM

( 85 ) مدار الأفكار

إشراق الاتفاق

يقول الشاعر العربي:

حزت نصرا يا كويت العرب= وتسامى شعبك الحر الأبي
وسمت أعلامنـا خفاقـة= فوق هامات النجوم الشهب

في حياة الشعوب والأوطان أيام خالدة في الأذهان، وراسخة في القلوب والوجدان، وتظل تذكرها الأجيال ما

بقيت الحياة، لما لها من دور في تغيير وجه التاريخ، وبناء المستقبل المشرق، ومن بينها يوم التاسع عشر من

حزيران (يونيو) عام 1961، الذي يحتل موقعا مميزا وعلامة مضيئة في تاريخ الكويت، وسيظل خالدا في

ذاكرة الشعب الكويتي إلى الأبد، حيث يعتبر هو التاريخ الحقيقي لاستقلال الكويت عن بريطانيا ودخولها

مرحلة جديدة من تاريخها، لتطل من خلالها على أفق العالم المستقل ولتساهم في صنع السلام وحضارة

الإنسان، ففي ذلك اليوم وقع الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح الحاكم الـ 11 للكويت وثيقة

الاستقلال مع السير جورج ميدلتن المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي نيابة عن حكومته، وإلغاء

الاتفاقية التي وقعها الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا في 23 يناير عام 1899 لحمايتها

من الأطماع الخارجية، واستقلال الكويت ليس وليد الاتفاق الذي جرى بتبادل مذكرات مع الحكومة

البريطانية، بل هو حقيقة تكونت على مر السنين وتوالي الأحداث، وصنعتها التصرفات الحكيمة التي رسمها

حكام الكويت، وبمناسبة الاستقلال ألقى الشيخ عبد الله السالم، الذي امتدت فترة حكمه من عام 1950 إلى عام

1965 كلمة قال فيها: «ونحن على أبواب عهد جديد نرجو أن تبدأ الكويت انطلاقها بتقوية أواصر الصداقة

والأخوة مع شقيقاتها الدول العربية للعمل بتكاتف وتآزر على ما فيه خير العرب وتحقيق أماني الأمة

العربية، كما أن الوضع الجديد يتطلب منا العمل على الانتماء للجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة وغيرهما

من المنظمات التي تعمل لخير العالم وأمنه وسلامه كلما كان ذلك في الإمكان». وعمل الشيخ عبد الله السالم

ـ رحمه الله ـ حال إلغاء معاهدة الحماية وإعلان الاستقلال على استكمال قيام المؤسسات الدستورية

والحكومية فلم يمض شهران على توقيع معاهدة الاستقلال حتى كانت الخطوة الأولى التي جاءت في 26

أغسطس عام 1961 بصدور مرسوم أميري يدعو إلى إجراء انتخابات عامة لمجلس تأسيسي يتولى عند تأليفه

إعداد دستور للبلاد، وبعد إجراء انتخابات أعضاء المجلس التأسيسي عقدت أولى جلساته في 20 يناير 1962

وخلال تسعة أشهر أنجز المجلس مشروع دستور دولة الكويت الذي يتكون من 183 مادة وقدمه إلى سمو

الشيخ عبد الله السالم الذي صادق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962.

وكان استقلال الكويت بداية مرحلة جديدة لدخولها ضمن بلدان المجتمع الدولي وفق سياسة كويتية خاصة

أركانها السعي إلى السلام وتحقيق التعاون مع مختلف دول العالم ضمن إطار علاقات الأخوة والصداقة بين

الدول والشعوب، وهذا ما أكده الشيخ عبد الله السالم في الذكرى الأولى للاستقلال بتاريخ 19 يونيو عام

1962 بقوله: «إن دولة الكويت كلها عزيمة ومضي في السير قدما نحو بناء هذا الوطن، وهي تتابع سيرها

دولة عربية مستقلة متعاونة متضامنة مع شقيقاتها العربيات في جامعة الدول العربية، محافظة على استقلالها

تحميه بالنفس والنفيس، مؤمنة بحق الشعوب في الحرية والاستقلال، محبة للسلام ساعية إلى تدعيمه منتهجة

سياسة عدم الانحياز وساعية إلى توطيد روابط الصداقة ومتمسكة بميثاق الأمم المتحدة وشريعة حقوق

الإنسان»، وقدمت الكويت بعد استقلالها طلبا لعضوية جامعة الدول العربية حيث عقد مجلس الجامعة اجتماعا

بتاريخ 16 يوليو عام 1961وأصدر قرارا بقبولها عضوا إلى جانب شقيقاتها الدول العربية ، وكانت الكويت

ولا تزال جزءا من الوطن العربي، وهي بذلك تفخر بالانتماء إليه حيث وقفت على امتداد التاريخ العربي

تناصر القضايا العربية بالرجال والمال والسلاح وبكل وسيلة توفرت لها، وتطلبت مرحلة الاستقلال تحمل

الكويت مسؤولياتها في السياسة الخارجية بإنشاء وزارة الخارجية لتقوم بدورها المناط بها فصدر في 19

أغسطس عام 1961 مرسوم أميري يقضي بإنشاء دائرة للخارجية تختص دون غيرها بالقيام بالشؤون

الخارجية للدولة والتي تحولت في أول تشكيل وزاري بتاريخ 17 يناير عام 1962 إلى وزارة الخارجية، وفى

مايو عام 1963 تمت الموافقة على انضمام الكويت إلى عضوية الأمم المتحدة لتصبح العضو الـ 111، وفي

عام 1963 صدر مرسوم بدمج اليوم الوطني بذكرى تسلم الشيخ عبد الله السالم الصباح مقاليد الحكم في 25

فبراير عام 1950 ليصبح يوم الجلوس هو اليوم الوطني للبلاد، ومنذ فجر الاستقلال وشمس حزيران تسمو

بنا لفضاء الاستقلال والعطاء، والحرية والبناء، وعلى مدى 48 عاما أنجزت الكويت كثيرا على طريق

النهضة الشاملة بتعاون أبنائها خلف قيادة سمو أمير البلاد المفدى وسمو ولي عهده الأمين وسمو رئيس مجلس

الوزراء حفظهم الله ورعاهم.


تسعة عشر من شهر ستة حزيران= يومٍ لنا مشهـود بيـن البلاديـن
في موجبه تمت مواثيق وإعلان = لعهد ٍ جديد ٍ بالوطن يبهج العين
عبد العزيز الفدغوش
الأربعاء, 17 - يونيو - 2009
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Default.aspx?MgDid=113311&pageId=26

عبدالعزيز الفدغوش 06-19-2010 12:17 AM

( 86 ) مدار الأفكار

صفقات المسابقات

يقول الشاعر العربي :

مما يُزهِّدني في أرض أندلس= ألقاب معتمد فيها ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها= كالهرِّ يحكي انتفاخا صولة الأسد

إن الشعر عند العرب يمثل مرآة الحياة من جميع جوانبها، السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية، وفي

العصور القديمة ترى في قصائد العرب صورا من المعارك والخلافات والصراع بين القبائل وأنواعها، من

أدوات القتال كالخيل والسيف والرمح، وصورا من العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة، وفي داخل القبيلة

وعلاقتها بغيرها، كما ترى المدح والهجاء والرثاء والعقائد وغيرها، وعادة التنافس في الشعر قديمة عند

العرب، وتشهد كتب التاريخ بوجود أسواق مشهورة مثل «عكاظ وذو المجنة وذو المجاز ودومة الجندل

وهجر»، وغيرها والتي لم يقتصر دورها على التبادل التجاري، بل كانت ميدانا للتنافس الأدبي في مجالات

الشعر والخطابة بين القبائل العربية، ويتوافد إليها الشعراء والأدباء، وتعقد فيها المجالس لمناشدة الأشعار،

ومبادلة الخطب والأخبار مع وجود لجان تحكيم مؤهلة وعلى دراية بتقييم الشعر ونقده، وكما يقول أبو حيان

التوحيدي في مؤلفه «الإمتاع والمؤانسة» في أثناء حديثه عن مزايا وخصائص العرب: «ومما يدل على

تحضرهم في باديتهم، وتبديهم في تحضرهم، وتحليهم بأشرف أحوال الأمرين، أسواقهم التي لهم في الجاهلية،

كان ينزلها الناس، فيقيمون أسواقهم بالبيع والشراء، والأخذ والعطاء؛ فيتناشدون ويتحاجون ويتحادون، ومن له

أسير يسعى في فدائه، وهذه الأسواق كانت تقوم طوال السنة، فيحضرها من قرب من العرب ومن بعد. هذا

حديثهم، وهم همل لا عز لهم إلا بالسؤدد، ولا معقل لهم إلا السيف، ولا حصون إلا الخيل، ولا فخر إلا

بالبلاغة»، وفي السنوات الأخيرة عاد التنافس في مجال الشعر من خلال المسابقات الشعرية في القنوات

الفضائية، التي تهدف ـ وفق المعلن ـ إلى خدمة الموروث والأدب الشعبي وتسليط الأضواء على

المواهب التي لم تنصف إعلاميا، وهي تحمل في طياتها ـ كما يقول سعود المقاطي ـ «معاول هدم

للغة العربية وتهديد للنسيج الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية من خلال الدعوة للعصبية القبلية والتفاخر

بالأنساب وطغيان مفهوم العنصرية وثقافة الجهل»، ومن الكويت انطلقت أول مسابقة للشعر الشعبي في الخليج

ممثلة في برنامج «أمير القوافي»، وكان ذلك مطلع عام 2005 وبعده بعامين جاءت النسخة الأولى من

«شاعر المليون»، ثم ثلاث مسابقات تحمل اسم شاعر العرب ومسابقتين باسم شاعر الإسلام حتى زادت حمى

مسابقات الشعر وانفرط عقدها بحثا عن المادة وطرح الشعر سلعةً تجارية يتكسب من وراءها البعض

وبأساليب رخيصة كما أسند أمر التحكيم فيها إلى غير أهله وخرج كثير من هذه المسابقات عن المسار

الصحيح وساهمت في إذكاء العصبية القبلية والإقليمية، التي قال عنها مفتي عام المملكة العربية السعودية

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ: «يجب ألا ندخل في مسابقات شعرية كلها جاهلية، تؤصل

الأحقاد في النفوس وتنشئ الفتنة والحقد والكراهية في نفوس الصغار قبل الكبار وتولد الحقد والكراهية

بين القبائل»، ويقول سماحة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان (رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية) عند

سؤاله عن مزاين الإبل والمسابقات الشعرية: «لا تجوز تلك المسابقات، لأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

نهى عنها لأنها كانت من أيام الجاهلية وجاء الإسلام ونهى عنها»، ولأن مسابقات الشعر والمحاورة قد أثارت

النعرات القبلية والطائفية وشغلت الناس بأشياء تافهة لا فائدة منها، فقد أصدرت وزارة الأوقاف فتوى قاطعة

تحرم مثل هذه المسابقات وتحرّم أيضا استغلال الناس والتلاعب بهم، وتقول الدكتورة خلدية بنت محمد آل

خليفة: «إن دعم القائمين على إنتاج برامج المسابقات الشعرية ليس لخدمة الشعر الشعبي بشكل بريء، بل من

أجل تحقيق أعلى قدر ممكن من الأرباح»، أما الأديبة والشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة فتقول بشأن

المسابقات الشعرية: «تعالت أصوات المسابقات الشعرية بشكل لافت للنظر خلال الأعوام القليلة الماضية

وظهرت قنوات تلفزيونية خاصة بهذا الأمر، بحجة دعم الموروث الشعري الشعبي لتجند لذلك كل الوسائل

المتاحة من أجل تحقيق هدفها الخفي، ألا وهو الربح المالي من خلال المكالمات الهاتفية أو الرسائل الهاتفية

القصيرة التي ترسل إلى تلك القنوات من أجل تكديس الأموال لصالح رجال الأعمال المتاجرين بالشعر

والشعراء، وهذا ما أكدته العديد من التجارب السابقة، سواء منها التلفزيونية أو غيرها لترتفع أصوات الشعراء

الإعلاميين بصوت واحد: لا لاستغلال الشعر لأهداف مادية لصالح رجال التجارة، الشيء الذي أدى ومع

مرور الوقت إلى قلة مشاركات الجمهور ومساهماته الفعلية في رفع الدخل المادي لهؤلاء الأشخاص»، وقد

أصبح معروفا ومكشوفا أن الألقاب وتوابعها غير المادية تمنح وفق صفقات تتم بين المشاركين في المسابقات

والقائمين عليها، ما جعل الشعر الحقيقي هو الخاسر الوحيد والمتضرر الأكبر.

لا خير بألقابٍ تجـي وفـق صفقـات=مدفوعـة الشيكـات والعلـم مثبـوت
بيّن خفاء التحكيـم زيـف ودعايـات=وحبل الرجاء في وضع الأصوات مبتوت
عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-19-2010 07:55 PM

( 87 ) مدار الأفكار

رحيل الأصـيل

يقول الشاعر العربي:

أيّتُهَا النّفْسُ أجْمِلي جَزَعَا =إنّ الذي تحذرينَ قدْ وقعَا
إنّ الذي جمعَ السّماحة َ والنَّـ =ـجْدَة َ والحَزْمَ والقُوَى جُمَعَا

قضى الله على العباد بالزوال والفناء، وتفرد سبحانه وتعالى بالكمال والبقاء، فخلق الموت وجعله النهاية

الطبيعية لكل المخلوقات، قال تعالى: «كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ» (القصص: 88)، وقال

سبحانه: «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ, وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» (الرحمن: 26)، فالموت آية عظيمة من

آيات الله تمسّ كل إنسان منا، والسعيد من يعمل للدار الآخرة، من يعمل للموت الذي خلقه الله ليكون اختبارا

وابتلاء لنا قال تعالى: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ» (الملك: 2)،

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل فقال: يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من

شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن

الناس»، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام : «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل

سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

أخذ الرسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل»، وكان ابن

عمر يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظرالصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن

حياتك لموتك»، وفي وصف الموت يقول الشيخ ناصر بن مسفر الزهراني: «إنه زائرٌ لا يستأذن، وضيف

لا يعرف المجاملة، وباطش لا ترده الواسطة. يستوي عنده الكبير الصغير، والأمير والحقير، والغني والفقير،

والملك والمملوك. ليس لزيارته موعد محدد، ولا لقدومه زمن معين، ولا لهجمته وقت معلوم؛ يدلف في

السحر، ويقدم في الظهيرة، ويبهت في الغفلة، ينزل الراكب من على دابته، ويبطش بالملك على كرسيه،

ويختطف الوالد من بين ذويه، والصبي من يد والديه»، قال عز وجل: «كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ

أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ» (آل

عمران: 185)، ويقول كعب بن زهير: (كل ابن أنثى وإن طالت سلامته***يوما على آلة حدباء محمول)

ويقول أحد العلماء الباحثين في حقيقة الموت: «إن الموت ضروري للكائنات الحية ولا يقل أهمية عن

الحياة وأن هذا الموت هو مخلوق داخل كل خلية»، وها نحن وفي خضم تعدد مشاغل الحياة ومسؤولياتها

نودع كل يوم حبيبا، ونشيع عزيزا وقريبا، ولا نملك حيال ذلك إلا التسليم والصبر إيمانا بقضاء الله وقدره

القائل في محكم كتابه الكريم: «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ» (الأعراف:

34)،وفي الأسبوع الماضي غيّب الموت الرجل الفاضل العم خليفة المفرج الخليفة ليودع دنيانا الفانية إلى دار

القرار والسعادة الباقية بمشيئة الله بعد عمر طويل تجاوز التسعين عاما قضاها في خدمة دينه ووطنه وأبناء

قبيلته ومنطقته، فالفقيد هو أحد أبناء مدينة الجهراء الأوفياء، ومن رجالات الكويت الأفذاذ، عرف عنه سمو

الأخلاق، والطيبة والأمانة والكرم والإنسانية في أسمى معانيها، وتميز بتواضعه الجم، وسماحته وحسن

تعامله، وطيب شمائله وفتح بابه وقلبه لأبناء منطقته وديرته، ومد يد العون والمساعدة للمحتاجين وقاصديه من

سائر الناس، لقد رحل الرجل النبيل الأصيل في يومه الموعود ولكنه ترك بعده الذكرى الحسنة وخلف أبناء

وأحفادا ترسموا خطاه في معالي الأمور وشقوا طريقهم في ميادين الحياة ووصل كثير منهم إلى أرفع

المناصب واضطلعوا بأعمال ووظائف بارزة في البلاد، ومن شهد حشود المشيعين والمعزين يدرك أن الناس

تحف قلوبهم بالإنسان الصالح المحسن إليهم، الحريص على مصلحتهم الدينية والدنيوية، رحم الله الفقيد

وجزاه خير الجزاء فقد عانى يرحمه الله في سنين عمره الأخيرة من بعض المتاعب الصحية وصبر واحتسب

حتى وافاه أجله المحتوم رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا

إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

مرحوم يا من صار بيته مضافة= يوم الشدايد والسنيـن الكليفـة
يوم الفخر يحتاج وقفـة كلافـة=فيهـا تبيـن للخليفـة وظيفـة
رمز النقاء مع غيث جوده لطافة= وغير التقاء والطيب نفس خفيفة
مادك به عرق الردا والمخافـة= نبراس عزٍ والمناسـب شريفـة
يارب يامكرم رمـوز الخلافـة= تكرم نزل محتاج عفوك خليفـة
عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 24 - يونيو - 2009
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Default.aspx?MgDid=114234&pageId=26

عبدالعزيز الفدغوش 06-19-2010 09:34 PM

( 88 ) مدار الأفكار

أصنام الإعلام

يقول الشاعر العربي:

لا تنصروا اللات إن الله يهلكها=وكيف نصرُكُمُ من ليس ينتصرُ؟
إن التي حُرّقت بالنار واشتعلَت=ْولم يُقاتل لدى أحجارها هـدَرُ


إن الأصنام تعني ما اتُخذ آلهة من دون الله ومفردها «صنم»، وتؤكد المصادر التاريخية أن أول من جلبها إلى

جزيرة العرب هو عمر بن لحي الخزاعي، يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل وقوله الحق: «وَإِذْ قَالَ

إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ» (إبراهيم: 35)، وفي الجاهلية عبد العرب

هذه النصب والتماثيل التي كانت تتفاوت في هيئتها بين الرجال والإناث، وكانوا يتقربون إليها بنحر الذبائح

وتقديم القرابين، قال الله عزّ وجلّ: «إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً» (النساء:

117)، وقد اتخذت أحياء العرب أصناما خاصة بها وبالغوا في تكريمها وعبادتها والاعتناء بها، ومن هذه

الأصنام «أساف» و«نائلة»، وكانا قائمين عند الصفا والمروة، و«سعد» بساحل جدة وعبده ملكان من كنانة،

و«سواع» عبدته هذيل، و«العزى» أعظم أصنام قريش و«اللات» بالطائف، وكانت تعبدها ثقيف، و«مناة»

على الساحل بين مكة والمدينة وعبدتها الأوس والخزرج وغسان، و«نسر» عبدته حميّر و«هبل» أعظم

الأصنام وأشهرها وكان قائما في الكعبة و«ود» عبدته قبيلة كلب و«يعوق» عبدته همدان و«يغوث» بدومة

الجندل وعبدته مذحج قال تعالى: «أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى *وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى *أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى *ِتلك

إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ

وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى) (النجم:19- 23)، وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه

وسلم قال: «إن أول من سيّب السوائب وعبد الأصنام عمرو بن عامر الخزاعي، وإني رأيته يجر أمعاءه

في النار» ويوم فتح مكة نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله فلا يتركن في بيته

صنما إلا كسره أو حرقه وثمنه حرام»، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله موضوع أصنام

العرب فقال: «ثم اتخذوا العزى، وهي أحدث من اللات، وكانت بوادي نخلة، فوق ذات عرق، وبنوا عليها

بيتا، وكانوا يسمعون من الصوت، وكانت قريش تعظمها، فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، بعث

خالد بن الوليد فأتاها فعضدها، وكانت ثلاث سمرات، فلما عضد الثالثة: فإذا هو بحبشية نافشة شعرها،

واضعة يدها على عاتقها، تضرب بأنيابها، وخلفها سادنها، فقال الوليد: «يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت

الله قد أهانك»، ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة، ثم قتل السادن»، ويقول العلاَّمة عبد الرحمن بن ناصر

السعدي: «إن الوثن اسم جامع لكل ما عُبد من دون الله، لا فرق بين الأشجار والأحجار والأبنية، ولا بين

الأنبياء والصالحين والطالحين في هذا الموضع وهو العبادة فإنها حق الله وحده، فمن دعا غير الله أو عبده

فقد اتخذه وثنا وخرج بذلك عن الدين، ولم ينفعه انتسابه إلى الإسلام، فكم انتسب إلى الإسلام من مشرك

وملحد وكافر ومنافق، والعبرة بروح الدين وحقيقته لا بمجرّد الأسامي والألفاظ التي لا حقيقة لها»، ومن

المشروع كما يقول الحافظ ابن حجر: «إِزَالَة مَا فُتن بِهِ النَّاس مِنْ بِنَاء وَغَيْره سَوَاء كَانَ إِنْسَانًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ

جَمَادًا» أما أصنام العصر فهي الأسماء التي صنعها الإعلام وأوجدتها المطبوعات الشعبية، والقنوات الفضائية

لبعض الشعراء والشاعرات، والأدعياء من مستشعرين ومستشعرات، وبالغت في تمجيدها وتعظيمها ونعتها

بنعوت الكمال والتنزيه، ولكل مطبوعة وقناة توابعها من هذه الأسماء التي تسعى إلى تفخيمها و«تصنيمها»

ومنحها نوادر الألقاب، وهالات التبجيل والإعجاب! وإن كان حب المدح كما يقول عبد الله بن المقفع: «مثلبة

للرجل»، إلا أن الإنسان بطبيعة حاله مجبول على حب المديح والثناء، وميال للتمجيد والإطراء، فتجده يكره

النقد وإن كان صدقا، ويطرب للإشادات وإن كان مبالغا فيها، لذا فقد اتبع البعض تعليمات وتوجيهات مسؤولي

النوافذ الإعلامية حبا في الأضواء، وتشبثا بخيوط الشهرة الزائفة، وطمعا في المزيد من الألقاب التي تجاوزت

الحدود المقبولة والمعقولة، وكما يقال في المثل الشعبي «ما زاد عن حده انقلب ضده»، وبالرغم من التفنن

بأساليب الغش والخداع، وتضليل الدهماء والرعاع، فقد انكشفت أوراق مزيد من الأدعياء، وبانت حقائق كثير

من الدخلاء، ولا يصح إلا الصحيح على الرغم من تدليس وتفاني محترفي النفاق في الثناء والمديح.


لو زاد للأصنام تمجيد الإعلام=ما ينطلي تكرار قلب المفاهيـم




زيف الثناء وأحلام الأقلام مادام=رغم التفنن باتبـاع التعاليـم
عبد العزيز الفدغوش





عبدالعزيز الفدغوش 06-19-2010 09:37 PM

( 89 ) مدار الأفكار

منهاج الزواج

يقول الشاعر العربي:

ليس الفتاة بمالها وجمالها=كلا ولا بمفاخـر الآبـاء
لكنها بعفافها وبطهرهـا=وصلاحها للزوج والأبناء

خلق الله الإنسان لعمارة الكون وتنظيم التعايش والتناسل، فشرع له الزواج، وهو تعبير يطلق على رابطة تقوم

بين رجل وامرأة ينظمها القانون أو العرف، وتنشأ عن هذه الرابطة أسرة تترتب فيها حقوق وواجبات تتعلق

بالزوجين والأولاد، وهو تعبير رائع يكشف عن علاقة فريدة بين ذاتين لا تفنى إحداهما في الأخرى، ولا

تنفصل عنها، بل ترتبطان برباط لا شبيه له يتداخل معه الإحساس بالذات مع الإحساس بالغير، في انسجام

تنفرد به المخلوقات العليا من خلق الله، وللزواج أهمية كبيرة، فهو عقد مستمر يوثق العلاقة الزوجية

ويستشعر المسؤولية الملقاة على الطرفين، وهو نظام إلهي شرعه الله لخير الإنسانية ولمصلحة المجتمع

البشري في إقامة دعائم الأسرة التي هي عماد الأمة، كما أنه تكملة للدين، وصيانة للشرف، ودلالة على

الرجولة واكتمال النضج، وقد أمر الله عز وجل عباده بالزواج ورغب فيه لما فيه من المصالح العظيمة

والحكم المتعددة، فقد جعله الله سكنا للنفس وراحة وأمنا فقال سبحانه وتعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ

أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21)، وأباح

الله تعالى التعدد إلى أربع زوجات بشرط العدل في المسكن والكسوة والنفقة والمبيت، قال الله تعالى: «فَانكِحُواْ

مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ» (النساء: 3)، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال «يا

معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه

بالصوم فانه له وجاء»، وقال صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثربكم الأمم يوم القيامة»،

وقال صلى الله عليه وسلم: «من تزوج فقد أحرز شطر دينه فليتق الله في الشطر الآخر»، فالحياة الزوجية لا

تقوم ـ كما يقول الشيخ حمد بن عبد الله بن خنين ـ على عقد الزواج فقط، بل تقوم على الحب والاحترام

والوفاء والانسجام والتجانس. يقول صلى الله عليه وسلم:«إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ألا

تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، ويقول: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها،

فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وفي حديث آخر «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة». فالزواج آية من

آيات الله سبحانه وتعالى،وقد شرع لتحقيق مقاصد وفوائد كثيرة منها: غض البصر وإحصان الفرج والتعفف

عن الحرام، وبقاء جنس الإنسان والحفاظ على الأنساب، وكثرة النسل وتكثير سواد أمة الإسلام، وحصول

السكن والاستقرار النفسي والعاطفي، وإشاعة الفضيلة والحد من الرذيلة في المجتمع، ومما يؤسف له حقا أن

العنوسة والعزوف عن الزواج قد بدآ يطرقان أبواب البيوت المسلمة ويعزى السبب في ذلك إلى: «دراسة

المرأة، والمغالاة في المهور والتكاليف المصاحبة للزواج، والزواج من الأجنبيات»، وفي الأسبوع الماضي

تناقلت بعض الصحف والمواقع على شبكة «الإنترنت» قصة عانس خليجية في الثالثة والثمانين من عمرها

عرضت مبلغا وقدره خمسة ملايين ريال سعودي لمن يتقدم ويقبل الزواج منها، حيث حكت معاناتها وذكرت

أن لها أكثر من 15 عاما وهي تبحث عن عريس ولكن للأسف لم يقبل بها أحد! ما اضطرها إلى أن تعرض

هذا المبلغ الضخم لكي تسعد نفسها بعريس جديد!ويرى الدكتور مسلم محمد اليوسف أن الحل والعلاج لظاهرة

العنوسة في المجتمع الإسلامي يكمن في العودة إلى دين الله تعالى بتقوية البناء العقدي في الأمة، والتربية

الإيمانية للأجيال من الفتيان والفتيات، وتكثيف القيم الأخلاقية في المجتمع، لاسيما في البيت والأسرة،ومعالجة

الأزمات والعواصف والزوابع التي تهدد كيان المجتمع، وتيسير سبل الزواج، وتخفيف المهور، وتزويج

الأكفاء، وترسيخ المعايير الشرعية لاختيار الزوجين، ومجانبة الأعراف والعادات والتقاليد الدخيلة التي لا

تتناسب مع قيم ديننا الحنيف، فالصلاح والاستقامة والديانة والأمانة هي المعول عليه قبل الاعتبارات الأخرى،

خصوصا تحري صلاح الزوج، فبصلاحه تصلح الأسرة، فالزواج نعمة عظيمة، وحافز على علو الهمة

والحياة الكريمة، ويضفي المحبة والمودة، ويحقق السكون لصاحبه والراحة من عناء الدنيا، وعونا لنعيم

الآخرة، وقد ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن، وصفاء النفس، وراحة الفكر،

وأنس الضمير والخاطر.


يا طالبٍ بين الورى راحة البـال=أظفر بذات الدين بنت المشاكيـل
ترى الزواج يحقق الواو والـدال=ويجنّبك كثر العنـاء و الغرابيـل
خلِّ الذي لأجناس الأجناب ميّـال=واحرص على بنت البلد درة الجيل
دامك حريصٍ في مسارات الأنفال=لا ترتجي من غير دارك محاصيل
عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 1 - يوليو - 2009
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Default.aspx?MgDid=115142&pageId=26

عبدالعزيز الفدغوش 06-19-2010 11:02 PM

( 90 ) مدار الأفكار

تصنيف المصيف

يقول الشاعر العربي :

تفر من الهجير وتتقيه = فهلاً من جهنم قد فررتا
ولستَ تطيقُ أهونُها عذابًا=ولو كنتَ الحديدَ بِها لَذَبْتا

في مثل هذه الأيام من كل عام تبدأ نسمات الصيف تزداد سخونة، وتطول ساعات النهار ويبدأ موسم السفر،

وطلب المصيف في مختلف أنحاء المعمورة، ويحلو لبعض طلاب الراحة والسفر والسياحة من أبناء الخليج

شد الرحال والترحال للبحث عن مصايف أجنبية، ليست بحال من الأحوال أفضل من مصايف بلادنا في خليج

الخير والعطاء، ومنبع المجد والوفاء. وتتصف بعض مناطق الخليج بأجواء معتدلة وطبيعة خلابة جذابة،

وتحظى هذه المناطق باهتمام ورعاية الجهات المعنية بشؤون السياحة في دول مجلس التعاون لتهيئة أجواء

الراحة لروادها، وقد امتدت أيادي البناء والتعمير إلى هذه المناطق، بالإضافة إلى الاهتمام بما فيها من معالم

حضارية وتاريخية، وعن ضرر السفر إلى بلاد الكفار يقول العلامة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان: «إن

السفر إلى بلاد الكفار ـ خصوصا في هذا الزمان الذي عظمت فيه الفتنة وتنوعت ـ لا يجوز إلا في حالات

محدودة تصل إلى حد الضرورة مع التحفظ والحذر والابتعاد عن مواطن الفساد، وتكون إقامة المسلم هناك

بقدر الضرورة مع اعتزازه بدينه وإظهاره، ومحافظته على الصلوات في أوقاتها، واعتزاله مجمعات الفساد،

وجلساء السوء، فاعتزاز المسلم بدينه يزيده عزا ورفعة حتى في أعين الكفار، فالمسلم يحمل دينا عظيما

يشتمل على كل معاني الخير وحميد الخصال، صحة في الاعتقاد، ونزاهة في العرض، واستقامة في السلوك،

وصدقا في المعاملة، وترفعا عن الدنايا، وكمالا في الأخلاق، فهو يحمل الدين الكامل الذي اختاره الله لأهل

الأرض كلهم إلى أن تقوم الساعة». والمسلم هو المثال الصحيح للكمال الإنساني، ويجب عليه إذا اضطر إلى

السفر إلى تلك البلاد الكافرة أن يحمل هذا الدين بقوة، وأن يظهره بشجاعة أمام أعدائه الذين يجهلون حقيقته

بالمظهر اللائق حتى يكون قدوة صالحة لغيره؛ لأن كثيرا ممن يذهبون إلى تلك البلاد يشوهون الإسلام

بأفعالهم وتصرفاتهم. يشوهونه عند من لا يعرف حقيقته. ويصدون عنه من يتطلع إليه. ويريد الدخول فيه،

فحينما يرى تصرفات هؤلاء ينفر من الإسلام ظنا منه أنهم يمثلونه، وخطر السفر إلى بلاد الكفار عظيم

وضرره جسيم، والمطلوب من المسلم أن يتقي الله في أي مكان، وأن يتمسك بدينه ولا يخاف في الله لومة

لائم، فالإسلام دين العزة والكرامة والشرف في الدنيا والآخرة : «وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ

الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ» (المنافقون: 8)، ويقول الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي: «إن السفر إلى

بلاد المشركين أو إلى البلاد التي تنتشر فيها البدع والرذيلة ـ وإن كانت بلاد إسلام في الأصل ـ ما هو إلا

حلقة من حلقات التأثير في الأسرة والبيئة المسلمة لكي تتحلل من عقيدتها ودينها وأخلاقها وعاداتها الحميدة،

وتصبح تبعا للبيئات التي حكم الله سبحانه وتعالى عليها بالكفر والذل والخزي في الدنيا والآخرة، والمسلمون

وكما هو واضح لمن يقرأ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هم أمة التوحيد، أمة مجتباة ومصطفاة،

أُهِّلت لتكون من أهل الجنة بإذن الله. ونحن نعلم أنه لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة، ولا أهل

التوحيد والشرك، ولا أهل الطاعة والمعصية، ولا أهل السنة وأهل البدعة، ومن هنا كان من أوضح الدلائل

على أن الإنسان قد أسلم وجهه لله عز وجل وآمن بكتاب الله هاديا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، و أن

يفارق المشركين مفارقة قلبية، فيفارق قلبه عقائدهم وأديانهم، وتفارق جوارحه أعمالهم وعباداتهم، وكل ما هو

من شعائر دينهم، ومفارقة جسدية فلا يختلط بهم، ولا يعيش معهم، ولا يندمج في بيئتهم، ولهذا يقول النبي

صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من مسلم أقام بين ظهراني المشركين. قالوا: يا رسول الله، ولمَ؟ قال: لا

تتراءى ناراهما» أي: لا يرى المسلم نار المشرك، ولا يرى المشرك نار المسلم، فيبتعد عنه ابتعادا شديدا،

ولا يجوز للمسلم أن يسافر إلى بلاد الكفر، لا في عطلة ولا في غيرها، إلا من اضطر إلى العلاج، أو لدارسة

معينة تنفع المسلمين، ولا يوجد له ملجأ إلا تلك البلاد، فيجوز للضرورة، ولا شك في أن مشابهة الكفار في

الظاهر تورث التشبه بهم في الباطن؛ كما نص على ذلك شَيْخ الإِسْلامِ أحمد بن تيمية في كتاب: «اقتضاء

الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم»، فهذه المشابهة في الظاهر تؤدي إلى الاندماج والمشابهة في

الباطن شيئا فشيئا، وهذا ما قرره علماء الاجتماع وعلماء النفس في العصر الحاضر، بناء على تجارب

ملموسة واضحة، أما مصايف الخليج فتسعد بزوارها وتوجه إليهم الدعوة لزيارة الربوع الخضراء التي

تعتلي هامات الجبال العالية، فهل تقبل عزيزي المصطاف هذه الدعوة لتنعم بخيرات بلادك التي حباها الله

بكثير من الثروات وجمال الطبيعة وأنعم عليها بالأمن والأمان والخير والرخاء؟ وتبتعد عن البلاد التي تختلف

عنا اجتماعيا وعقائديا وواقع حال ومعيشة؟ سؤال مشفوع بأمل القبول موجه من مصايف خليج الحب

والشهامة، ومنبع الأصالة والمروءة والمجد والكرامة، وإلى من سألني عن يمة مصيفي لهذا العام أقول:


يا صاح مالي في بعيد المصايـف=ولا حدني عن ديرتي لاهب الصيف
حر ّ الوطن والعج بين الولايـف=يفوق عندي جوّ باريس وجنيـف
عبدالعزيز الفدغوش

الأحد, 5 - يوليو - 2009



عبدالعزيز الفدغوش 06-20-2010 04:15 PM

( 91 ) مدار الأفكار

ذنوب القلوب
يقول الشاعر العربي:


رأيت الذنوب تميت القلوب=وقد يورث الذل إدمانهـا
وترك الذنوب حياة القلوب=وخير لنفسك عصيانهـا


إن قلب الإنسان عبارة عن عضلة صغيرة بحجم قبضة اليد، تعمل على ضخ الدم في الشرايين، ومنها إلى

أنحاء الجسم الأخرى، كما أنها تستقبل الدم العائد من الأوردة، وينبض القلب من 60 ـ 80 نبضة في الدقيقة،

والنبضات عبارة عن التقلص والاسترخاء لعضلة القلب ليتم ضخ نحو 3 ـ 5 لترات من الدم في الدقيقة

الواحدة، وتتغذى عضلة القلب من الأوعية الدموية المحيطة بها، وأي انسداد فيها يؤدي إلى الموت، فالقلب

أهم جوارح الإنسان ويسيطر على سائر أعضاء الجسد، وله القرار في ضبط حركة الإنسان وتصرفاته في

هذه الحياة، و يقوم ـ كما يقول الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني ـ بتوجيه الإنسان إما سلبا وإما إيجابا، وعلى

ضوء صلاح هذا القلب أو فساده يتحدد مصير الإنسان، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أن في

الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»، والقلب هو موضع

إصلاح واهتمام جميع الرسالات السماوية التي أنزلت من السماء، وجميع الكتب وجميع الأنبياء إنما بعثوا

لإصلاح القلوب. لم يبعث الله سبحانه وتعالى نبيا واحدا يدعو إلى إصلاح الأجساد طبيبا، ولم يبعث الله نبيا

مهندسا يدعو إلى التقنية والتصنيع وتطوير المادة لأن سعادة الإنسان ليست في صحة جسده ولا في كثرة

صناعاته ولا في تنوع مزروعاته، والقلوب تمرض كما تمرض الأبدان وشفاؤها التوبة، وتصدأ كما تصدأ

المرآة وجلاؤها الذِكر، وتعرى كما تعرى الأجسام وزينتها التقوى، وتجوع كما تجوع الأبدان وطعامها

وشرابها المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة، وأمراض القلب كثيرة وهي تختلف وفق نوع المؤثرات التي تحيط

بالقلب، وكلما قويت المؤثرات على القلب، قوي المرض واشتد حتى يغلف ويُطمس ويقفل ويطبع عليه ويزيغ

عن الحق، وعندها تكون حالة موت القلب التي هي أسوأ الحالات؛ لأنها تنقل صاحبها من الإيمان إلى الكفر،

وتجعله في مرتبة البهائم والعياذ بالله، ومن أشد هذه الأمراض التي تصيب القلوب مرض قسوة القلب، وهو

مرض خطير تنشأ عنه أمراض، وتظهر له أعراض، ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله وأخذ بالأسباب،

وتظهر خطورة هذا المرض من خلال هذه الآيات، يقول تعالى «(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ

أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً» (البقرة: 74)، ويقول سبحانه «وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»

(الأنعام: 43)، ويقول عز من قائل «فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قلُوبُهُمْ» (الحديد: 16)، وأبعد القلوب من الله

القلب القاسي، وتعد قسوة القلوب وتبلد الأحاسيس وضعف المشاعر من أخطر أمراض العصر فقد انتشر

شررها، وعظم خطرها وكثر ضررها فلا يكاد يسلم منه أحد خصوصا من فئة الشباب فهم أكثر الناس وقوعا

فيه. وتعود أسباب قسوة القلب إلى أمور كثيرة ومتعددة ولعل أهمها: «تعلق القلب بالدنيا والركون إليها

ونسيان الآخرة، والغفلة ومصاحبة أصدقاء السوء، والجلوس في الأجواء الفاسدة، وكثرة الوقوع في المعاصي

والمنكرات بحيث تصبح شيئا مألوفا والاشتغال بما يفسد القلب ويقسيه ونسيان الموت وسكراته، والقبر

وأهواله وعذابه ونعيمه، ووضع الموازين، ونشر الدواوين، والمرور على الصراط، ونسيان النار وما أعد الله

فيها لأصحاب القلوب القاسية». وقد ذكر العلماء بعض السُبل التي تعالج قسوة القلب وتجعله رقيقا منكسرا

خاشعا لخالقه عز وجل ومنها: «المعرفة بالله تعالى، فمن عرف ربه حق المعرفة رق لبه، ومن جهل ربه قسا

قلبه، وتذكر الموت وما بعده من سؤال القبر وظلمته ووحشته وضيقه، وأهوال الموت وسكراته». وكان النبي

صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول: «أكثروا ذكر هادم اللذات الموت، فإنه لم يذكره

أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه». وكذلك زيارة القبور والتفكر

في حال أهلها والنظر في آيات القرآن الكريم وتذكر الآخرة والتفكر في القيامة وأهوالها والإكثار من الذكر

والاستغفار وزيارة الصالحين وصحبتهم ومخالطتهم والقرب منهم ومجاهدة النفس ومحاسبتها ومعاتبتها، فإن

رقة القلب من أجل النعم وأعظمها، وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعودا بعذاب الله فقد قال

سبحانه (فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ» (الزمر:22)، وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقا إلى

الخيرات، شمرا إلى الطاعات، وأحرص ما يكون على طاعة الله ومحبته، وأبعد ما يكون من معاصيه.


لا تأخذك في منهج الغي غفلات=واحرص ما ينفعك حيـث لديـت
ترى القلوب تصيبها بعض الآفات=والقلب لا منه قسا يعتبر ميـت
عبد العزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-20-2010 04:47 PM

( 92 ) مدار الأفكار

عناء الأجراء

يقول الشاعر العربي:

إذا كنت في نعمة فارعها= فإن الذنوب تزيل النعـم
وحُطها بطاعة رب العباد= فرب العباد سريع النقـم

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والفقر يصلح عليه خلق كثير والغنى لا يصلح عليه إلا أقل منهم،

ولهذا كان أكثر من يدخل الجنة المساكين لأن فتنة الفقر أهون، وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر، لكن لمّا

كان في السراء اللذة وفي الضراء الألم اشتهر ذكر الشكر في السراء والصبر في الضراء»، ولقد قسم الله عز

وجل الأرزاق بعلمه، فأعطى من شاء بحكمته، ومنع من شاء بعدله، وجعل الناس لبعض سخريا، قال تعالى:

«نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا

وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» (الزخرف: 32)، ولقد وسع الله أرزاق العباد في هذه الأيام وأغدق عليهم من

نعمه العظيمة، فقبل سنوات لا تتجاوز الثمانين عاما كانت هذه البلاد ـ كما يقول عبد الملك القاسم في رسالة

التوعية الموسومة «الخدم والأجراء» ـ بلاد جوع وخوف وأمراض وأوبئة، فأبدل الله حالها من فقر إلى

غنى، ومن خوف إلى أمن، ومن أمراض إلى صحة وعافية! ولو ذكر لأجدادنا أنه ستأتي سنوات يقدم إلينا

فيها من يكنس شوارعنا وينظف منازلنا ويحمل مخلفاتنا لما صدق العقل ذلك! ولكن الله عز وجل، وله الحكمة

البالغة، ساق لنا الخيرات، وجعل هذا البلد وافر الرزق ومحط الآمال. فندعو الله عز وجل أن يكون ذلك عونا

على طاعته وألا يكون استدراجا، فإن فتنة الغنى أشد من فتنة الفقر وأعظم، وقد وردت آيات كثيرة نصت

على الترف والمترفين وسوء ذلك على نفوس كثيرين، قال تعالى: «حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ

يَجْأَرُونَ» (المؤمنون: 64)، وقال جل وعلا: «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا

الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا» (الإسراء: 16)، وقد يجعل الله عز وجل هذه النعم والخيرات استدراجا لمن عصاه

وخالف أمره، كما سمعنا عن أمم سابقة، ورأينا ذلك في أمم ودول معاصرة، قال تعالى: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا

قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ

بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ» (النحل: 112)، وزوال النعمة وتحولها سببه المعاصي والذنوب، وعدم الشكر والحمد

لصاحب الإحسان والفضل جل وعلا. ومما نراه من كفر النعمة منع الحقوق عن أهلها، وتأخير مستحقاتهم،

فلا يخلو رجل أو امرأة من أهل الخليج إلا وتحت أيديهم من الأجراء والخدم ما ابتلاه الله بهم، ومع كثرة

الخيرات تراهم يماطلون في إعطاء المساكين والأجراء حقوقهم وهي دريهمات قليلة فمنهم من يؤخر الراتب

شهورا عديدة، فضلا عن تحميلهم ما لا يطيقون وإرهاقهم بالعمل طوال اليوم فلا يرتاحون ولا يُعانون،

فليخف الله المماطلون وليتقوا عذابه، وليعلموا أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ولا تُرد، حتى إن

كانت من كافر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» وقال: «من

كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء، فليتحلله منها اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان

له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه»، وقال عليه

الصلاة والسلام: «أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه»، وقال: «ولا تكلفوههم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما

يغلبهم فأعينوهم»، والسعادة كلها في إعطاء أهل الحقوق حقوقهم، والتخلص منها قبل يوم القيامة، وعن

الأجراء يقول الرسول الكريم: «نعم هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه

مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه». وقال: «ثلاثة أنا

خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل

ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره»، وتشير كثير من تقارير المنظمات الإنسانية إلى

معاناة الخدم والعمالة الوافدة في الخليج وازدياد سوء المعاملة والاضطهاد الذي أوصل كثيرا منها إلى

الانتحار ووضع حد لحياة البؤس والمرارة التي يعيشها الوافد بعد أن منى أسرته قبل سفره بالمال الوفير

والحياة الكريمة التي سيعود لهم بها بعد سنوات العمل، وتؤكد دراسة خليجية رسمية قدمت إلى وزراء

الشؤون الاجتماعية والعمل لدول الخليج أن ما يربو على مليونين من خدم المنازل في دول الخليج العربية

يمارسون أعمالهم بدون غطاء قانوني ويواجهون مشكلات متعددة في مقدمتها سوء المعاملة والانتهاكات

الجنسية، إضافة إلى عدم دفع الرواتب أو التأخر في دفعها، وأشارت الدراسة إلى أن العمالة المنزلية لا

تخضع لقانون العمل في أي من دول مجلس التعاون الخليجي الست، وأن أهم عوامل انتشار الخادمات في

الخليج هو خروج المرأة الخليجية للعمل وتدني أجور الخادمات وسهولة استقدامهن، إضافة إلى ما يتطلبه

استكمال متطلبات المكانة الاجتماعية لدى بعض الأسر خصوصا مع توفر الإمكانات المادية، ومما يؤرق

الإنسان ما يقرأه في الصحف اليومية من أخبار عن معاناة الخدم وسوء معاملتهم وتكرار حوادث الهروب

والانتحار على الرغم من أن سيد البشرية صلى الله عليه وسلم قد أوصى بالرحمة وحسن معاملة الخدم حيث

قال: «ارحَموا مَن في الأرضِ يَرحَمْكُم مَن في السَّماءِ»، وقالَ علَيه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «لا تُنزَعُ الرَّحمة إلا

مِن شَقي»، وقال: «مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ».



ارحم عسى يرحمك يا صاح مولاك=وأحذر ظليمة من وقع تحت أياديك
أعط الأجير الحق من قبل يشنـاك=وحذراك من غيٍّ يغـرك ويغويـك

عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-20-2010 08:40 PM

( 93 ) مدار الأفكار

ضحية العنصرية

يقول الشاعر العربي:

إن الحجاب الذي نبغيه مكرمـة = لكـل حواء ما عابت و لم تعبِ
نريد منهـا احتشاماً عفةً أدبـاً = وهـم يريدون منها قلة الأدبِ !

إن الحجاب لباس شرعي فرضه الله تعالى على المرأة المسلمة لتحصينها من الهفوات، ووقايتها من سهام

النظرات، وللحيلولة دون كشف العورات، فهو نعمة إلهية و قوة إيمانية، وتاج وقار وهيبة للمرأة المؤمنة قال

تعالى : (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن

فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) (الأحزاب :59) وقال سبحانه وتعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)

(النور : 31)، والحجاب كما جاء في القرآن الكريم، ومعاجم اللغة يعني الساتر، الذي يحول دون رؤية المتكلم

والمخاطب وجمعه حجب ومعناه الستر ومنع الرؤية، لذا يقال للستر الذي يحول بين الشيئين حجاب لأنه يمنع

الرؤية بينهما، أما شرعا فيذكر في الفقه بمعنى حجاب المرأة المسلمة لأنه يسترها عن الرؤية ويمنع الرجال

الأجانب أن يروها، وقد وردت لفظة حجاب في القرآن الكريم في سبعة مواضع، وكلها تدور حول معنى

الستر والمنع، ومنها قول الحق سبحانه : (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب)(الشورى:

51)، وقوله عز ّ وجل : (ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون) (فصلت : 5)وقوله تعالى : (وَبَيْنَهُمَا

حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بسِيمَاهُمْ) (الأعراف :46)، وقوله جلّ وعلا : (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ

جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً) (الإسراء:45) وفي موضع آخر قال سبحانه : (إِذَا

سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ )(الأحزاب :53)وكذلك قال سبحانه وتعالى : (فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ

حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً) (مريم:17)، و قال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ (أمر الله

نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً

واحدة‏ )، و قد نص شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - على وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب،

وفي نيل الأوطار (‏ذكر اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لاسيما عند كثرة الفساق‏)‏‏،

ويقول أحد الشعراء : (نص ّ الكتاب على الحجاب ولم* ** يبح للمسلمات تبرج العـذراء ) , واحتجاب المرأة

عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دل على وجوبه القرآن الكريم والسنة الشريفة، والاعتبار

الصحيح، والقياس المطرد، وكما يقول العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في (رسالة

الحجاب ): (إن من مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلّم، ذلك الخلق الكريم، خلق الحياء

الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلّم من الإيمان، وشعبة من شعبه، ولا ينكر أحد أن من الحياء المأمور به

شرعاً وعُرفاً احتشام المرأة وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتن ومواضع الريب‏‏ وإن مما لا شك

فيه أن احتجابها بتغطية وجهها ومواضع الفتنة منها لهو من أكبر احتشام تفعله وتتحلى به لما فيه من صونها

وإبعادها عن الفتنة‏ )، وامتثالا لأمر الحق تبارك وتعالى وتقديم ذلك على هوى النفس فقد التزمت الشابة

المصرية المسلمة مروة الشربيني وحافظت على زيها الشرعي وتمسكت بحجابها بالرغم من أنها تعيش منذ

2003 م في ألمانيا والتي تحارب ارتداء الحجاب داخل حدودها الجغرافية، وفي عام 2008 م تعرض لها

متطرف ألماني يدعى أليكس دبليو فقام بسبها ومحاولة نزع حجابها واتهامها بأنها إرهابية لأنها ترتدي

الحجاب وكونها سيدة عربية مسلمة تعتز بدينها فقد توجهت إلى ساحة القضاء و التي بدورها أنصفتها

وحكمت لصالحها، إلا أن الحكم قد استفز المتهم، وقام باستئناف الحكم وتربص لها في المحكمة، حيث أخرج

سكينا وقام بطعنها عدة طعنات فأرداها قتيلة أمام زوجها وأطفالها وذلك في الأول من يوليو الحالي بينما

أصيب زوجها بإصابات خطيرة أثناء محاولته إنقاذ زوجته والسيطرة على المجرم كما تعرض لطلق ناري من

قبل أحد رجال الشرطة، وقد وقعت جريمة القتل أمام سمع وبصر القضاة والحضور وبدلا من الوقوف إلى

جانب الحق بدأت الشرطة الألمانية حملة تفتيش لشقة (شهيدة الحجاب) بحثا عن دليل يشير إلي انتماء

أصحابها لتنظيم إرهابي لإدانتهم وتخفيف الحكم على القاتل وعبثوا في المصاحف وكتب التفسير وصادروها

واعتبروها دليل إدانة ضد الضحية، كما رفضت تلك السلطات الإفصاح عن اسم الضابط الذي أطلق النار

علي زوج القتيلة متصورا أنه إرهابي يجب القضاء عليه حسب تصوراته وسلوكيات مجتمعه المتعصب ضد

المسلمين، ويقول الدكتور على جمعة (إن سبب قتل مروة يرجع إلى النظرة الغربية المشوهة عن الإسلام )،

ويقول مصطفى حسن : (كشف حادث مصرع ابنة مصر الشهيدة مروة الشربيني داخل محكمة ألمانية علي يد

شاب متطرف أن هناك عداء تجاه العرب والمسلمين و نظرة تعصب تجاه الحجاب والإسلام الذي يتهمه

الغرب دائما بالإرهاب والتطرف وهي نظرة خاطئة ويجب أن تصحح المفاهيم المغلوطة لدى الغرب )، ومما


لا شك فيه أن الحادث الإرهابي الذي طال الفتاة العربية المسلمة مروة لو وقع لامرأة أوروبية في بلد عربي


أو مسلم، لرأيت هدير الإعلام الغاضب (عربيا وأجنبيا) يشجب ويستنكر وينعت العرب والمسلمين بالتطرف


والتعصب والعنصرية والإرهاب، ولكن بما أن الأمر يتعلق بدم امرأة عربية مسلمة فلن يحظى بما يستحق من


اهتمام لأن مظاهر العنصرية تزداد وتتعاظم ضد المسلمين وأصبحت دماؤهم رخيصة و تراق بصورة وحشية


متكررة في كثير من بلدان العالم، ونسأل الله الرحمة لمروة، وأن يعين كل حرة مسلمة تتشبث بالعفة

والالتزام، وتحرص على الفضيلة والاحتشام، في مواجهة العنصرية والحقد الغربي على أمة الإسلام .




بعيد عما قيـل زيـف ودعايـة=مروة ضحية نزعة ٍ عنصريـة
صار التطرف بالمحاكم هوايـة=وتسفك دماء الإسلام لوهي برية
شارك بسفك الدم عنصر حماية=وأعان للمجرم بصـورة جليـة


عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-21-2010 05:17 PM

( 94 ) مدار الأفكار

ضياء الإسراء

يقول الشاعر العربي:

فإن محمداً أسـري بليـل=إلى الأقصى من البلد الحرام
ويصحبه الأمين على براق=يخبـره بأحـوال جـسـام

إن حدث الإسراء والمعراج برسول الله يعتبر حدثاً له قيمته العظيمة في حياة الأمة الإسلامية من لدن بعثة

النبي إلى يوم القيامة، وذلك لما يحتويه من معانٍ قيمة، ومشاعر طيبة وذكريات خالدة مرت برسول الله

وصحابته الأجلاء، فقد شاء الله تعالى الذي لا راد لمشيئته سبحانه، القادر على كل شيء، أن يسري بحبيبه

المصطفى من البيت الحرام إلى بيت المقدس ثم العروج إلى السماوات العلا ثم اللقاء بجبار السماوات

والأرض سبحانه، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي

بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء :1)، فالإسراء آية من آيات الله تعالى التي لا

تعد ولا تحصى، وهو انتقال عجيب بالقياس إلى مألوف البشر وقد روى أئمة الحديث تفاصيل الحدث فقال ابن

القيم: (أسري برسول الله بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس راكباًَ على البراق، صحبه

جبريل عليهما الصلاة و السلام فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماماً وربط البراق بحلقة باب المسجد)، ومن هذه

الرحلة المباركة نتلمس الحكمة وقد عدَّد السيوطي مجموعة طيِّبة منها، فقال عن الحكمة من الإسراء: إنما

كان الإسراء ليلاً لأنه وقت الخلوة والاختصاص عُرْفًا، ولأنه وقت الصلاة التي كانت مفروضة عليه في قوله

تعالى: (قُمِ اللَّيْلَ) (المزمل: 2) ويقول الشيخ أبو محمد بن أبي حمزة: (الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس

قبل العروج إلى السماء إرادة إظهار الحقّ لمعاندة مَن يُريد إخماده؛ لأنه لو عُرج به من مكة إلى السماء لم

يجد لمعاندة الأعداء سبيلاً إلى البيان والإيضاح، فلمَّا ذَكَر أنه أُسْرِيَ به إلى بيت المقدس سألوه عن تعريفات

جزئيات بيت المقدس كانوا قد رأوها وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلمَّا أخبرهم بها حصل التحقيق بصدقه

في ما ذكر من الإسراء إلى بيت المقدس في ليلة، وإذا صحَّ خبره في ذلك لزم تصديقه في بقيَّة ما ذَكَرَه، فكان

ذلك زيادةً في إيمان المؤمن، وزيادة في شقاء الجاحد والمعاند) ومع ما ذُكِرَ من حكمة إسراء النبي إلى بيت

المقدس أوَّلاً فإن هناك دلالة أخرى على مدى ما ينبغي أن يُوجَد لدى المسلمين في كل عصر ووقت، مِنَ

الحِفَاظِ على هذه الأرض المقدَّسة، وحمايتها من مطامع الدُّخلاء، وأعداء الدين، وأمَّا الحكمة من المعراج فإنَّ

في دلالة اختيار النبي للَّبن دون الخمر، دلالة رمزية على فطرة الإسلام ونقاوته الأصيلة، الموافقة للطباع

البشريَّة كلها، كما أن في بقاء أبواب السماء مغلقة حتى استفتح جبريل ولم تتهيَّأ له بالفتح قبل مجيئه أنها لو

فُتِحَت قبلُ لظُنَّ أنها لا تزال كذلك، فأُبْقِيَتْ لِيُعْلَم أن ذلك لأجله، ولأن الله تعالى أراد أن يُطلعه على كونه

معروفًا عند أهل السموات؛ من أعظم ما نستفيده من رحلة المعراج بيان أهمية الصلاة وعظم شأنها حيث

فرضت لوحدها بين أركان الإسلام في السماء السابعة فكانت الركن الثاني بعد الشهادتين، وأصبحت قُرَّة عين

النبي، وبهذه الحادثة الجليلة أوضح الله تعالى بها أنه قادر على كل شيء، وأن محمدًا الفقير المعذَّب هو

وأصحابه في مكة استطاع ربُّه جلَّ وعلا أن يوضِّح له مدى الضآلة التي يعيش فيها هؤلاء الكفرة، بل جعله

الله خير خلق الله تعالى، فبإمامته للأنبياء في المسجد الأقصى وعروجه على الأنبياء الصالحين في السماوات

السبع، ثم وصوله لسدرة المنتهى يكون النبي قد أُلبس من العظمة الربانيَّة رداءً لم يلبسه أحدٌ من قبله، ولن

يلبسه أحد من بعده، فحادث الإسراء والمعراج لم يكن إلاَّ درجة من درجات التكريم، ووسيلة من وسائل

التثبيت، ولونًا من ألوان الاختبار، تجلَّى به على عبده ونبيِّه، وأسبغ عليه مِن بحار الفيض والإمداد ما تمكَّن

به في مدَّة وجيزة أو ساعات معدودة أن يكشف عن طريق المعاينة كثيرًا من آيات ربِّه وعجائبه، في أرضه

وسمائه، أَسْرَى به من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام، ثم عرج به إلى سدرة المنتهى، إلى

حيث شاء ربُّ العزَّة والملكوت ووردت الإشارة إلى المعراج من دون التعرض للإسراء ضمن سورة النجم:

(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى • ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى • وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى • ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى • فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى •فَأَوْحَى

إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى • مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى • أفَتُمارُونَهُ على ما يرى• ولقد رآهُ نَزلَةً أخرى• عِند سِدرَةِ

المُنتهى• عِندَها جنَّةُ المأوى إِذ يغشى السِّدرَةَ ما يغشى• ما زاغ البصرُ وما طغى•

لقد رأى مِن آيات ربّهِ الكُبرى) (النجم : 12 – 18).

سبحان من بأمره سرى فخر الأجيال= على البراق اللي سرى تالي الليل
للقــدس من مكة ومعراج الأهوال = في رحلة ٍ ما يصحبه غير جبريل
تحقق الإعجــــاز وآمال وأنفال = من بعد عام الحزن والعسر والميل
عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 22 - يوليو - 2009
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Default.aspx?MgDid=117811&pageId=26

عبدالعزيز الفدغوش 06-21-2010 05:42 PM

( 95 ) مدار الأفكار

فقيد التوحيد

يقول الشاعر العربي:

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم=على الهدى لمن استهدى أدلاّء
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه=والجاهلون لأهل العلم أعـداء
ففز بعلم تعش حياً بـه أبـداً=الناس موتى وأهل العلم أحياء

إن العلم أجلُّ الفضائل، وأشرف المزايا، وأعزُّ ما يتحلى به الإنسان، فهو أساس الحضارة، ومصدر أمجاد

الأمم، وعنوان سموها وتفوقها في الحياة، ورائدها إلى السعادة الأبدية، وشرف الدارين، والعلماء هم حملته

وخزنته، قال تعالى: «وما يعقلها إلا العالمون». العنكبوت «43» وقال عز ّ وجل ّ: (إنما يخشى الله من عباده

العلماء) (فاطر: 28) أي أن العلماء الذين عرفوا الحق وآمنوا به وعملوا له هم من يخشى الله تعالى ويخاف

عقابه ويرجو ثوابه، قال ابن عباس: «يريد إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني» وقال

مجاهد والشعبي «العالم من خاف الله تعالى» وقال الربيع بن أنس «من لم يخش الله فليس بعالم»، فالعلماء هم

سادة الناس وقادتهم الأجلاء، و منارات الأرض، وورثة الأنبياء، قال النبي صلى الله عليه وسلم في فضل

العلماء: (من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا

لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل

العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا

دينارًا ولا درهما و إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلّموا

العلم وعلّموه الناس، وتعلّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه)، وفي بيان أن

العلم أساسه العلماء وركنه الذي يقوم به قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (سمعت رسول

الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض

العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)،وقال معاوية بن

أبي سفيان رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)

(ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إذا مات العالم انثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف مثله)،

وفي 13 يوليو الحالي فقدت الأمة الإسلامية العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله - الذي يعد أحد

كبار علماء الدين البارزين فهو من مواليد 1352هـ،(1933م)، في إحدى قرى «القويعية» وسط المملكة،

وبدأ تعلم العلوم الشرعية منذ صغره؛ حيث أتقن تلاوة القرآن وحفظه في سن مبكرة، وكان لوالده الأثر الأكبر

في إقباله على النهل من علوم الشريعة، والاغتراف من بحورها، ودرس علوم الحديث، وعلم التوحيد، والفقه

الحنبلي، وغيرها من علوم العربية والشريعة على شيخه الثاني بعد أبيه الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري،

ثم انتقل إلى الرياض فنال شهادة الثانوية العامة عام 1377هـ.،و عُين مدرسا في معهد إمام الدعوة عام

1381هـ (1961م)، ودرس الكثير من المواد بالمعهد كالحديث، والفقه، والتوحيد، والتفسير، والمصطلح،

والنحو، والتاريخ، وفي عام 1388هـانتظم في معهد القضاء العالي ودرس فيه ثلاث سنوات ومنح شهادة

الماجستير عام 1390هـ ثم انتقل في عام 1395هـ (1975م) إلى كلية الشريعة بالرياض وتولى تدريس

التوحيد للسنة الأولى،وفي عام 1402هـ (1981م) انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة

والإرشاد باسم عضو الإفتاء، وتولى مسؤولية الرد على الفتاوى الشفهية والهاتفية، وفي عام 1407هـ

حصل على شهادة الدكتوراة من كلية الشريعة بالرياض بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، والشيخ ابن جبرين

من أشهر المفتين في العصر الحديث، وهو عضو إفتاء سابق بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية

والإفتاء، وكان يجيب عن أسئلة المواطنين عبر وسائل الإعلام المختلفة، وله ما يزيد على ستين مؤلفًا، من

أهمها في مجال الفتوى: «فتاوى الزكاة»، و «فتاوى رمضانية»، و «فتاوى في التوحيد»، و «فتاوى في

الطهارة»، و «الأجوبة» «الفقهية على الأسئلة التعليمية التربوية»، و «الفتاوى الجبرينية»، و «الفتاوى

النسائية»، وعن مناقب الفقيد يقول مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ: (إن الفقيد الشيخ عبد الله بن جبرين له موروث علمي كبير تزخر به

المكتبات في أنحاء العالم، سواء كانت كتبا علمية أو أشرطة دعوية نافعة)، ويقول الرئيس العام لهيئات الأمر

بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين: (أن الأمة فقدت شيخا جهبذا وعالما فذا من

علمائها، عرف بغزارة علمه وسعة أفقه واطلاعه وفتاواه المعتدلة والقيمة، وأنه أفنى وقته لتعليم وتوجيه

وإرشاد وتنوير الناس، فنشاطه الدعوي كبير،و أن ما خلفه من موروث علمي غزير أسهم في تنوير الناس

وتعليمهم شعائر دينهم وما ينبغي عليهم في دنياهم).



مرحوم يا نبراس مضمون الإرشاد= يا من بعلمك ترشد الناس وتفيـد
بين الورى في علمك الجم ينشـاد= ولك بالعطاء ستين مطبوع وتزيد


عبد العزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-21-2010 08:12 PM

( 96 ) مدار الأفكار

ضياء الحياء

يقول الشاعر العربي:


فلا والله ما في العيش خير=ولا الدنيا إذا ذهـب الحيـاء
يعيش المرء ما استحيا بخير= ويبقى العود ما بقي اللحـاء

إن الحياء كما عرفه العلماء: (خلق كريم من أخلاق الإسلام يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق

ذي الحق)، فهو نعمة عظيمة، وخلق نبيل يبعث على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات، ويدعو للخير

و يمنع صاحبه من التفريط والتقصير، ويعد من معالي الأمور التي يحبها المولى عز ّ وجل ّ لقول النبي صلى

الله عليه وسلم: (إن الله حَيي ستير، يحب الحياء والستر)، وكان النبي عليه الصلاة والسلام أشد الناس حياء،

و إذا كره شيئاً عرفه الصحابة في وجهه)، والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرَّها ورغب

فيها في مواضع عديدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء شعبة من الإيمان)، وقال صلى الله عليه

وسلم: ( ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه)، وقال في حديث آخر:

(الحياء والإيمان قرناء جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)، لأن كلاً منهما داع إلى الخير مقرب منه، صارف

عن الشر مبعد عنه، فالحياء كله خير وبركة ونفع لصاحبه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الحياء لا

يأتي إلا بخير ) وقال : (الحياء كله خير) ويكون الحياء في الإنسان من ثلاثة أوجه أحدها: حياؤه من الله

تعالى. والثاني: حياؤه من الناس، والثالث: حياؤه من نفسه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لكل دين

خلقًا، وإن خلق الإسلام الحياء) وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (“من ذهب حياؤه، مات قلبه)

وقال ابن القيم رحمه الله: (من لا حياء فيه فليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، كما

أنه ليس معه من الخير شيء)، ويقول أحد الحكماء: (حياة الوجه بحيائه كما أن حياة الغرس بمائه) ، ويقول

غيره: (من كساه الحياء ثوباً لم ير له الناس عيباً) ويقول أفلاطون (غاية الأدب أن يستحي الإنسان من نفسه)،

ويقول أحد الحكماء: (أحيوا الحياء بمجالسة من يستحي منه، وعمارة القلب: بالهيبة والحياء فإذا ذهبا من

القلب لم يبق فيه خير )، ويقول غيره : (استح من الله بقدر قربه من عقلك، وأطعه بقدر حاجتك إليه، وخفه

بقدر قدرته عليك، واعصه بقدر صبرك على النار، واعمل للدنيا بقدر مقامك بها، واعمل للآخرة بقدر بقائك

فيها) وقيل خمس علامات من الشقوة: (القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا،

وطول الأمل) ويقول يحيى بن جعدة: (إذا رأيت الرجل قليل الحياء ؛ فاعلم أنه مدخولٌ في نسبه)، ومن حياء

المسلم أن يغض بصره عن الحرام، وعن كل منظر مؤذٍ، مما يقتضي غض البصر، ويقول بهاء الدين العاملي

في مؤلفه القيم المخلاة: (لا وفاء لمن ليس له حياء، وأمير بلا عدل كغيم بلا مطر، وعالم بلا ورع كأرض

بلا نبات، وشاب بلا توبة كشجرة بلا ثمر، وغني بلا سخاء كقفل بلا مفتاح، وامرأة بلا حياء كطعام بلا

ملح)، وحياء المؤمن ملازم له كالظل وكحرارة بدنه لأنه جزء من عقيدته وإيمانه، فهو يجعل صاحبه

لا يعرف الكلام الفاحش، ولا التصرفات البذيئة، ولا الغلظة ولا الجفاء، إذ إن هذه من صفات أهل النار،، وقد

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في

النار)، فالحياء خلق يجمل كل فرد وكل إنسان، ولكنه في حق المرأة آكد وأكثر التصاقاً وتميزت المرأة

المسلمة على مر العصور عن سائر النساء بميزة الحياء الذي فهو زينة حيائها، ودليل عزتها، فلا قيمة للمرأة


بدون الحياء وقد امتدح القرآن الكريم حياء المرأة في قصة موسى عليه السلام، قال تعالى: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء)

(القصص: 25)، وقيل في الأمثال: (حياء المرأة أشد جاذبية من جمالها)، و (كلما زاد بالمرأة الخجل طال لها شهر العسل)،

ويقول الشاعر العربي :


إن الفتاة حديقة وحياؤهـا= كالماء موقوف عليه بقاؤها

ويقول شاعر آخر:

إذا قل ماء الوجه قل حيـاؤه=ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياءك فاحفظه عليك وإنمـا=يدل على فعل الكريم حيـاؤه

فالمرأة بدون حياء لا خير فيها، ومن الحياء أن تلتزم الفتاة المسلمة في ملابسها بالحجاب،، فلا تظهر من

جسدها ما حرَّم الله، بل تجعل الحياء عنوانا لها وسلوكا يدلُّ على طهرها وعفتها، ومما يؤسف له في الوقت

الحاضر أن خُلق الحياء قد اغتيل باسم التمدن والحرية، وبدعوى التحضر والعصرية، ومن جراء الغزو

الفكري فقد نزع الحياء الذي يرفرف حوله الإيمان ويصقله ذكر الله والقرآن وفقد عند كثير من النساء إلا من

رحم الله .


ترى الحياء للخير والعز ّ عنـوان=وشعبة من الإيمان في منهج الدين
نور ٍ يشع ويكتسي وجه الإنسـان=وبالدين والدنيا يعـدل الموازيـن

عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-21-2010 09:35 PM

( 97 ) مدار الأفكار

فهد العرب

يقول الشاعر العربي :


هوى نجمُ الحديثِ كما هوتْ من قبله قِمَم=ُوكم رجلٍ تموتُ بموتهِ الأَجيـالُ والأُمَـمُ
أفهدٌ خادمَ الحرمين... دَرْبُكَ قَصْدُه أَمَـم=ُرفعتَ لواءَ أمّتنا ولم تَقْصُرْ بـك الهِمَـمُ

بالأمس مرت بنا الذكرى الرابعة لرحيل الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله و طيب ثراه –

والذي يعتبر من أبرز قادة الأمة الإسلامية وصانعي تاريخها في العصر الحديث، فهو من مواليد مدينة

الرياض حاضرة المملكة العربية السعودية عام 1924 م وكان معلمه الأول والده جلالة الملك عبد العزيز،

حيث اكتسب منه كثيرا من الصفات وتأثر بشخصيته تأثرا كبيرا، وقد تلقى علومه الأولى في مدرسة الأمراء

التي أنشأها الملك عبد العزيز لتعليم أولاده، ثم التحق بالمعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة و الذي يعني

بتدريس العلوم الدينية واللغة العربية، وفي عام 1945م عيّن عضوا في وفد المملكة إلى الأمم المتحدة للتوقيع

على ميثاقها وافتتاح أعمالها وكانت أول مهمة رسمية تولاها، وفي 1953م عيّن وزيراً للمعارف وكانت فترة

توليه وزارة المعارف علامة مميزة في تاريخ تطور التعليم حيث وضع السياسة التي سارت عليها الوزارة،

وفي عام 1962م تولى وزارة الداخلية فأعاد تنظيمها وطور المعاهد و الكليات فيها، وفي عام 1960م وعام

1965م رأس وفد المملكة لمؤتمر رؤساء الحكومات العربي وفي عام 1967م عيّن نائباً ثانياً لرئيس مجلس

الوزراء بالإضافة إلى منصب وزير الداخلية.وقد تعددت وتشعبت المسؤوليات التي قام بها وشملت النطاقين

الداخلي والخارجي مما أكسبه خبرات عميقة ودقيقة بكل ما يتعلق بشؤون السياسة والحكم والإدارة، وفي 25

مارس 1975م تم اختياره وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء، ومن خلال موقعه تولى الرئاسة العليا لعدد

من المجالس والهيئات التي تغطي أهم قطاعات الحياة في المملكة، وعرف الفهد بشخصيته القيادية التي تجمع

العلم إلى العمل، والحسم إلى الحكمة، والنظرة البعيدة للمستقبل، وفي 13 يونيو 1982م بويع ملكا للمملكة

العربية السعودية والتي شهدت في عهده كثيراً من الإنجازات التي نقلت المملكة – حقا وواقعا – إلى القرن

الواحد والعشرين، واستن طريقة الاجتماع إلى أبناء شعبه والتحدث إليهم في حوار مفتوح وصريح حول

مختلف الأمور إيمانا منه بأن بناء الوطن يستدعي مشاركة جميع المواطنين على اختلاف أعمالهم

ومسؤولياتهم، وحرص على أن يشرف بنفسه على المشروعات الخاصة بالأراضي المقدسة والتي شهدت

المشروع الأعظم من نوعه وهو توسعة الحرمين الشريفين، بصورة مبهرة، لم يسبق لها مثيل، وكذلك إطلاق

أكبر مجمع طباعي من نوعه في العالم، معني تحديدا وخصيصا بطباعة كتاب الله الكريم، وترجمته بشتى

اللغات، وفي عام 1986م اتخذ لقب( خادم الحرمين الشريفين ) رسميا وإلغاء جميع الألقاب والتعابير الأخرى

ولعل في هذا اللقب الذي يفخر به ويحبه ما يفسر التطلعات التي تعتمل في ضميره ووجدانه، من التطلع إلى

الله تعالى معينا ومن دينه القويم هاديا، ومن شريعته السمحة طريقا، وخدمة الحرمين الشريفين شرفا

ومسؤولية، وقد شهد عهده، وتحديداً في عام 1992، صدور ثلاثة مراسيم ملكية، يتصل الأول بتحديد النظام

الأساسي للحكم، أما المرسوم الثاني فيتعلق بإنشاء مجلس للشورى، في ما يرتبط المرسوم الثالث بنظام

المناطق، إضافة إلى دوره المؤثر في حل الكثير من الأزمات العربية والإسلامية ومن أهمها المبادرة التي

قدمها عام 1982، إبان فترة ولايته للعهد، لحل القضية الفلسطينية، والتي عرفت بمبادرة الفهد للسلام، واتفاق

الطائف عام 1989م والذي وحّد لبنان وأنهى الحرب الأهلية فيها، وكذلك دوره البارز والفاعل في تحرير

الكويت إثر تعرضها للغزو في الثاني من أغسطس عام 1990 م حيث كان موقفه شجاعا و تاريخيا في الدفاع

عن الحق والتصدي للباطل، فاحتضنت المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعب الكويت، ولم تتردد

في تقديم التضحيات وإعطاء التسهيلات وحشد الطاقات حتى تم تحرير دولة الكويت واستعادة سيادتها ووحدة

أراضيها وذلك في 26 فبراير 1991م، كما قدم الملك فهد دعما ماديا وسياسيا لإنهاء اضطهاد المسلمين في

البوسنة خلال حرب البلقان خلال الفترة من ( 1992 - 1995م)، وفي الأول من أغسطس عام 2005 م

انتقل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز إلى رحمة الله تعالى بعد حياة حافلة في طاعة الله

سبحانه وتعالى وفي خدمة الإسلام والمسلمين، رحم الله الفهد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجزاه عن

أمته خير الجزاء .


يا رب لطفك بالفهد ريـف الأيتـام= وأجزل ثـواب ٍ مرتجـى بالخواتيـم
يا حي ّ من حسناك وآيات الإكـرام= عم ّ الفهد من نون عين ٍ وياء ميم
عم ّ الفهد في روح ريحان الأنسـام= وأحسن نزل فرّاج كـرب المغاريـم
فهد العرب غيث الشعب درع الإسلام= اللي جلا بأمر الولي ظلمة الضيـم
أعاد نور الحق مـن كهـف ظـلاّم= بعد الضياع وسبعة شهـور تعتيـم
سجل مواقف خالدة رغـم الأعـوام= على الشموخ وقوّ عزم ٍ وتصميـم
باني صروح المجد عام ٍ بثر عـام= وأرسى الثوابت في ثلاثة مراسيـم
حقق تطوّر فوق توصيـف الأقـلام= وفرّج عناء و شدات ناس ٍ مظاليـم
شادت بعهده كـل هيئـات الإعـلام= رمز التواضع والذكـاء والمفاهيـم
لاشك لو غاب الفهـد فيـه حكّـام= وعسى المسيرة بينهم دايـم مديـم
نجم ٍ يغيب وذاك لأجل الوطـن قـام= يكمل مسير النـور وفـق التعاليـم

عبد العزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-22-2010 05:28 PM

( 98 ) مدار الأفكار

احترام النظام

يقول الشاعر العربي :


وقامت أمـــة مثل البنـان=مضت تبني الحضارة و النظاما
تفـانى فوق ما يعني التفاني= وليس كمثله بـشـــر تسامى

في محطة للتزود بالوقود بإحدى مقاطعات بلاد ( الواق واق ) وقف طالبو الخدمة في صفوف منظمة وذلك

امتثالا والتزاما بروح النظام، واحتراما للذات ولإنسانية الخاص والعام، وإذا بأحد الشباب يتخطى الجميع

ويقف بمحاذاة عامل المحطة ويأمره بفظاظة وغلظة تزويد مركبته بالوقود استثناء من الدور، مما دفع صاحب

الأولوية وهو رجل وقور إلى النزول من مركبته ومعاتبة الشاب على فعلته فاستشاط غضبا و ثارت ثائرته

وطلب من الرجل الرزين بطاقته الشخصية وأن يرافقه إلى إدارة المرور التي يعمل ضابطا فيها برتبة

(نقيب)، ليقرر بحقه العقوبة التي يراها مناسبة لجريمته المتمثلة في (احترام النظام ) ومحاولة تطبيقه على

الجميع لأن القانون - وفقا لمنظور ذلك الشاب - غير قابل للتطبيق على الأكابر وعلية القوم، ولا يخضع له

إلا فاقدو فيتامين ( الواسطة)، فأعتذر الرجل الوقور منه وتنازل له عن دوره في الأولوية ملتمسا له عذر

الاستعجال الذي قد يكون بسبب مهمة تستوجب السرعة وعدم الانتظار إلا أن الشاب زاد في الغطرسة واعتبر

حلم الرجل وطول صبره ضعفا و أصر على موقفه بشأن مخالفته وتمادى في غيه مزهوا برتبته وانتصاره،

وعند ذلك لم يجد الرجل الحليم بدا من كشف شخصيته ليتضح بأنه يعمل بذات الإدارة وبرتبة ( عميد ) إلا انه

يحترم الأنظمة المعمول بها ويؤمن بأن الناس سواسية أمام قوة القانون مما أوقع الشاب والمنقول للإدارة

حديثا في موقف لا يحسد عليه، لقد تذكرت وقائع هذه القصة عندما قرأت أن النظام سلوكٌ دينيٌ ووعيٌ

حضاريٌ، وأنه أهم الأسس التي تقوم عليها الحياة، وأن أكبر شواهده احترامنا لذواتنا، والتزامنا بالصواب،

والبعد عن الخطأ في جزئيات حياتنا، والحذر من العشوائية والعبث والفوضى في أي شأنٍ مهما كان يسيراً،

فالنظام - كما يقول الدكتور محمود حمدي زقزوق-: (هو نقيض الفوضى والاضطراب والعشوائية

والارتجال، وإذا اختل النظام في مجتمع من المجتمعات تسود الفوضى وينعدم وضوح الحدود بين

الحقوق والواجبات، و بين ما يجوز وما لا يجوز)، ويقول الأمير خالد الفيصل: (لقد أصبحت دقة

الأنظمة وحظها من الاحترام المحك الرئيس للحكم على درجة رقي المجتمع وتقدمه، فنحن نرى

المجتمعات التي تسودها ثقافة احترام النظام قد احتلت موقعها البارز في قافلة التقدم، بينما تلك التي

يهون النظام في عيون أصحابها، تخور قواها ويهون في عيون الآخرين أمرها )، ويقول أحد العلماء

العرب : ( إن كل شيء عندنا على ما يرام، غير أننا أميون من حيث ثقافة ( الوقوف في الصف)،

وإن المجتمع الذي يفتقد تلك الثقافة يظل مكبلا بإرث الفوضى وازدراء النظام دون أي تقدم نحو الأمام )

، ويُعد احترام النظام إحدى القيم السلوكيةٌ الاجتماعية التي تُعنى بها المجتمعات وتحرص عليها، وتعمل

جاهدةً على تربية الأفراد على احترامها والتمسك بها حتى تكون سلوكاً يُعمل به وتتم ممارسته من قبل

الجميع، وإذا أمعنا النظر في تعاليم وتوجيهات وإرشادات ديننا الإسلامي الحنيف وتربيته الإسلامية

السامية، فإننا سنجدها قد حثت ودعت وعملت على تفعيل هذه القيمة التي تأتي كمبدأٍ وشعارٍ ينادي به

الجميع، ثم تحويله إلى سلوكٍ يمارسه الأفراد في حياتهم اليومية، ويتخلق به المجتمع في كل شأنٍ من

شؤون الحياة، وانطلاقاً من هذا المبدأ ؛ فإن على كل فردٍ في المجتمع أن يُعنى عنايةً خاصةً

بمسؤولياته المختلفة تجاه مجتمعه الذي ينتمي إليه، وأن يستشعر أهمية الواجب الملقى عليه في هذا

الشأن، ويأتي من أبرز هذه الواجبات أن يُسهم بإخلاصٍ وفعالية في حل مُشكلاته، وأن يعمل على نشر

الوعي في أوساطه، وأن يحرص على تفعيل مبدأ احترام النظام بين أفراده وجماعاته ؛ سواءً كان

كبيراً أم صغيراً، ذكراً أم أُنثى، مُتعلماً أم غير مُتعلم، مسؤولا أم غير مسؤول، و من أهم أساليب

احترام النظام أن يكون الإنسان قدوةً حسنةً وأسوةً طيبةً لمن حوله في القول والعمل والمظهر، وأن

يكون مُلتزماً في واقعه بالسلوك الاجتماعي المقبول في المجتمع، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا

بالتحلي بالأخلاق الفاضلة، والتمسك بالقيم الخُلقية والمبادئ والمُثل العُليا التي عليه أن يدعو إليها،

وأن يبُثها بين الآخرين من خلال تعامله الحسن وسلوكه المنظم وتصرفاته المُنضبطة، ويأتي من أبرز

الأساليب وأنفعها أن يحرص الإنسان على تقويم وتصحيح ما قد يصدر عنه من سلوكياتٍ خاطئةٍ غير

مقصودة، وأن يرجع إلى جادة الصواب إذا ما وقع في الخطأ . و أن يعمل على مُساعدة الآخرين من

حوله على اكتشاف دورهم الاجتماعي في الحاضر والمُستقبل الذي يمكنهم من خلاله المُشاركة

الجماعية في تنمية مظاهر الانضباط الذاتي للمجتمع، والطاعة الواعية عند أفراد المجتمع، فالنظام

هو الحياة الصحيحة بكل ما تعنيه من تخطيط سليم وتحضر ورقي في الفكر وفي السلوك، أما الفوضى

فإنها تعني التخلف والانفلات من كل القيم والنظم وهذا أمر مضاد لكل تعاليم الإسلام ولكل القيم

الحضارية المعتبرة.


يا ابن العرب حافظ على دين الإسلام= واحرص على تنفيذ روح النظامـي
ترى احترام الأنظمة هـدي وإلهـام=وسيما تقدم فـي عيـون الأنامـي


عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-22-2010 06:01 PM

( 99 ) مدار الأفكار

ضباب الأنساب

يقول الشاعر العربي:

عليكم بأنساب القبائـل كلهـا=معدّ وقحطان الكريـم نصابهـا
فإن بها إيصال مـا الله آمـر= بإيصاله فاسعوا وروموا طلابها

النسب في كتب اللغة مطلق الوصلة بالقرابة، فيقال بينهما نسب أي قرابة، وجمعه أنساب، ونسبته وعزوته

إلى أبيه، وانتسب إليه بمعنى اعتزى، والنسيب من كان أصله ثابتا، وقد أولت الشريعة الإسلامية النسب مزيداً

من العناية، وأحاطته ببالغ الرعاية، ولا أدل على ذلك من جعله في طليعة الضروريات الخمس وهي: (الدين

والنفس والنسب والعقل والمال) والتي اتفقت الشرائع السماوية على وجوب حفظها ورعايتها، ويترتب على

معرفة النسب غايات كثيرة، وثمرات واضحة شهيرة من أهمها معرفة الرجل لقبيلته أو فخذه أو البطن الذي

يعود إليه أو الشعب الذي تنتسب إليه قبيلته، بعيدا عن التفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب، قال الله تعالى:

«يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم»

(الحجرات: 13)، ولن يتحقق ذلك التعارف إلا بمعرفة الأنساب وحفظها عن الاشتباه والاختلاط.

ومن خلال معرفة النسب تتحقق صلة الرحم والتآخي والتآزر وكذلك يتم تحديد المواريث ومن هم الأحق بها

من جهة النسب، قال تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (الأنفال: 75)، وقال النبي صلى الله عليه

وسلم: (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في

الأثر)، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه): لتعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم فإنه ليكون

بين الرجل وأخيه الشيء ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخل الرحم لأوزعه ذلك من انتهاكه)، وعن الصلة بين

الأنساب يقول ابن خلدون في مقدمته المشهورة: (إن صلة الرحم نزعة طبيعية في البشر إلا في الأقل ومن

صلتها: النعرة على ذوى القربى وأهل الأرحام أن ينالهم ضيم أو تصيبهم هلكة فإن القريب يجد في نفسه

غضاضة من ظلم قريبه أو العداء عليه ويودّ لو يحول بينه وبين ما يصله من المعاطب والمهالك)، ويقول ابن

عبد ربه الأندلسي في كتابه (العقد الفريد): (من لم يعرف النسب لم يعرف الناس ومن لم يعرف الناس لم يُعد

من الناس)، ويقول سلمة العوتبي في كتاب الأنساب: (وقد حث أهل الأدب والفهم وذوو المروءة على تعليم

النسب والمعرفة ليحفظوا بذلك أنسابهم ويصلوا أرحامهم ويأتوا ما أمروا به وينتهوا عما نهوا عنه من سوء

الفعال وتجنب الأرذال والجهال فقد كانت العرب تحفظ أنسابها كحفظها أرواحها ما لم تحفظه أمة من الأمم

حتى إن الرجل منهم ليعلّم ولده نسبه كتعليمه بعض منافعه وهو فعلهم من قديم الدهر لئلاً يدخل الرجل منهم

في غير قومه ولا ينتسب إلى غير قبيلته ولا ينتمي إلى غير عشيرته حاطوا بذلك أحسابهم وحفظوا به أنسابهم

ولا يرى ذلك في غيرهم من الأمم حتى إن الرجل من غيرهم من الأمم يسأل عّما وراء أبيه فيبقى خجلا في

ما لا يعرفه ولا ينسبه ولست بواجد ذلك في أحد من العرب إلا من استنبط ومازج الأرذال وجهلة الناس ولام

فعله وساءت خليقته وجهل ما يأتيه وما يتقيه وحض النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده على تعليم

النسب ومعرفة العرب ليصلوا بذلك ما أمر الله به أن يوصل ويتقوا ما نهى الله عنه)، ويقول شهاب الدين

النويري في موسوعته (نهاية الأرب في فنون الأدب): (إن معرفة أنساب الأمم مما افتخرت به العرب على

العجم، لأنها احترزت على معرفة نسبها، وتمسكت بمتين حسبها، وعرفت جماهير قومها وشعبها، وأفصح

عن قبائلها لسان خطيبها وشاعرها، واتحدت برهطها وفصائلها وعشائرها، ومالت إلى أفخاذها وبطونها

وعمائرها، ونفت الدعي فيها ونطقت بمآثرها)، ورغم أن الإسلام حرم الادعاء الكاذب للنسب لقول النبي

صلى الله عليه وسلم: (كفر من تبرأ من نسبه وإن دق أو ادعى نسباً لا يعرف) إلا أن علم النسب قد ابتلي في

الوقت الحاضر بأقلام تمتهن - بلا خوف من الله عز وجل- الغش والتدليس والتزوير في الأنساب وفقا

للدوافع الدنيوية، والمنافع الشخصية، فتقوم وبمساعدة بعض المتنفذين والمستفيدين في القبيلة بالتطبيل وجذب

بعض العوائل والأسر غير معروفة النسب وإلحاقها دون أي دليل قاطع أو برهان ساطع بنسب قبائل كبرى

لها كيانها ومكانتها وتاريخها العريق مما دفع كثيراً من الأسر المتحضرة وغير المعروفة إلى ركوب الموجة

القبلية حتى تشعبت الأسرة الواحدة بالانتماء إلى أكثر من قبيلة فبينما يدعي أحد أفرادها بأنه ينتمي إلى قبيلة

معينة تجد شقيقه أو ابن عمه أو قريبه يدعي الانتساب إلى قبيلة أخرى، ورغم أهمية حفظ النسب وفق

الضوابط الشرعية والاجتماعية المرعية إلا أن تقوى الله تبقى هي سفينة النجاة وصمام الأمان وذخيرة الزاد،

وميزان أفضلية العباد قال تعالى: (و تزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب) (البقرة: 197).


يا ابن العرب حذراك من خلط الأنساب= حتى يجي لـك بالمعالـي مواجيـب
ترى الردي لو عز ّ مجناه ما طـاب= وتبين بـه لـو زاد مالـه عذاريـب
روح الفخر من كف يمنـاك تنسـاب= وإلا النسب والمال ما يصنع الطيـب
عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-22-2010 06:14 PM

( 100 ) مدار الأفكار

تنويع التواقيع

قول الشاعر العربي:

وما شيء إذا فكرت فيـه= بأذهب للمروءة والجمـال
من الكذب الذي لا خير فيه= وأبعد بالبهاء من الرجـال


إن الصدق كما يقال أحد أركان بقاء العالم وهو أصل المحمودات، وركن النبوات، ونتيجة التقوى،

ولولاه لبطلت أحكام الشرائع، والكذب انسلاخ من الإنسانية لخصوصية الإنسان بالنطق، فهو من

الصفات السيئة الذميمة، وترفضه الفِطرة والمروءة والعقول السليمة، وجاء التحذير منه في الكتاب

والسنة، وعلى تحريمه وقع الإجماع، وللكاذب عاقبة غير حميدة في الدنيا وفي الآخرة قال تعالى:

(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل:105)، وقال النبي

صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)، وقال صلى

الله عليه وسلم: (أربع خلال من كنَّ فيه كان منافقاً خالصاً إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد

غدر وإذا خاصم فجر ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها)، وقال أيضا:

(إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإن

الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا)،

وكتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى بعض عماله: (إياك أن تستعين بكذوب، فإنك إن تُطِع

الكذوب تهلكْ) ويقول ابن القيم رحمه الله: (إن الكاذب يصور المعدوم موجودا والموجود معدوما،

والحق باطلا والباطل حقا، والخير شرا والشر خيراً، فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له، ثم يصور

ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه فيفسد عليه تصوره وعلمه، ونفس الكاذب معرضة عن

الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العدم مؤثرة للباطل‏، وإذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه التي هي مبدأ

كل فعل إرادي فسدت عليه تلك الأفعال وسرى حكم الكذب إليها فصار صدورها عنه كمصدر الكذب

عن اللسان، فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله)، وقال الحسن البصري رحمه الله: (الكذب جماع النفاق)،

ويقول علي بن محمد الماوردي رحمه الله: (إن الكذب جماع كل شر، وأصل كل ذمٍٍّ، لسوء عاقبته،

وخبث نتائجه، لأنه ينتج النميمةَ، والنميمةُ تنتج البغضاءَ، والبغضاءُ تؤول إلى العداوة، وليس مع

العداوة أمن ولا راحة، ولذلك قيل: من قلَّ صدقُه قلَّ صديقُه)، وقد حرم الكذب لما فيه من الضرر ولم

يأت في الشرع جواز الكذب إلا في أمورٍ معينة، ومواضع بينة منها إنقاذ النفس أو إصلاح ذات البين،

أو مودة بين زوجين، غير أنّ إباحته مقتصرة على حد الضرورة لئلا يتجاوز إلى ما يستغنى عنه قال

ثوبان بن بجدد مولى رسول الله: (الكذب كله إثم إلا ما نفع به مسلما أو دفع عنه ضرر، ومع ذلك إذا

أمكنه جلب هذه المنفعة أو دفع هذه المضرة عن المسلم بالمعاريض فإنّ في المعاريض مندوحة عن

الكذب)، وقال ابن حبان: (اللسانُ سبعٌ عقور، إن ضبطه صاحبه سلم، وإن خلى عنه عقره)، فالعاقل

لا يشتغل بالخوض في ما لا يعلم، فيتهم في ما يعلم، لأن رأس الذنوب الكذب، وهو يبدي الفضائح، ويكتم

المحاسن، والكذب عمل مرذول، ومسلك غير مقبول، ومن أسباب رد القول، فهو دليل ضَعَة النفس،

وحقارة الشأن، وخبث الطوية ويعد من خصال النفاق، ومن شعب الكفر والشقاق، والكذاب مهين

النفس، بعيد عن عزتها المحمودة، فاقد للثقة وينظر إليه بعين الخيانة، فهو يقلب الحقائق، فيدني البعيد،

ويبعد القريب، ويُقبِّح الحسن، ويُحَسِّنُ القبيح، وقيل في ذم الكذَّاب: (لا تطلبوا الحوائج من كذاب، فإنه

يقربها وإن كانت بعيدة، ويبعدها وإن كانت قريبة) وقيل: (ليس لكذوب مروءة، ولا لضجور رياسة)،

وقيل في منثور الحكم: (الكذاب لصٌ، لأن اللص يسرق مالك، والكذاب يسرق عقلك)، وإن مما يؤسف

عليه في الوقت الحاضر كثرةَ الكذب، وقلةَ الصدق، فما أقلَّ من يصدق في حديثه، وعلاقاته، ومعاملاته

حتى أن بعض المسؤولين أصبح يتخذ عدة تواقيع وبألوان مختلفة كأنها شعار مهرجان (ميرا لونا)

في مدينة (هيلد سهايم) الألمانية لهذا العام والذي يمثل ستة وجوه في صورة توليفية وبأشكال فنية

متنوعة، وقد جاء اختراع التنوع بالتواقيع وبألوانها الزاهية في بلاد (الواق واق) من أجل التمويه

والإيهام بالموافقة وخداع المراجع أو الوسيط ومن ثم (زحلقته) بتوقيع لا قيمة له، ومن له صلة

بمواقع المسؤولية يدرك أسرار تباين التواقيع وألوانها وفاعليتها، أما في بلاد المريخ فإن المسؤول

ما دام في السلطة يلتزم توقيعا معتمدا معروفا وليس في مقدوره تغييره أو رفض أي معاملة ما لم

يسبب ذلك وفقا للأمر الذي أستند عليه ومن واقع كتيب لائحة الأنظمة في الدولة والذي يتم توزيعه

مجانا وفي متناول الجميع ويشرف عليه جهاز إداري متكامل يعنى بإجراء التعديلات ووضع التسهيلات

ومتابعة كل ما يطرأ على الأنظمة من مستجدات .


يا طالب العليا على عدل وإسنـاع= حـذرا تنـوّع بالتواقيـع تنـويـع
في منصبك لا تصير للناس خـدّاع=ولا لك وراء التعقيد زود ومنافيـع
خلك لعفو الحق وارضـاه طمّـاع= واللي ما هو له مقفي ٍ عنك ويضيع
عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-23-2010 05:42 PM

( 101) مدار الأفكار

أثاد العبّاد

يقول الشاعر العربي :

يا تاركاً لصلاتـه= إن الصلاة لتشتكي
وتقول في أوقاتها= الله يلعن تاركـي


إن الصلاة في اصطلاح الفُقَهاءِ تعني عِبادة تتضمّن أقوالا وأفْعَالا مَخصوصة، مُفْتَتَحَةٌ بِالتكبير مُخْتَتَمَةٌ

بِالتسليم، وهي جنة المسلم وسلاحه، وعنوان سعادته وفلاحه، وهي المفتاح الدائم الذي يفتح به كل قفل،

ويكشف به كل ما غم قلبه وأهمه وأشغل خاطره، إنها ليست حركات رياضية ونظاما رتيبا جامدا، لا روح

فيه ولا حياة، إنها عمل مشترك بين الجسم والعقل والقلب، الجسم قيام وركوع وسجود، والعقل تدبر وتفكر

واعتبار، والقلب خشوع وامتثال وخضوع، قال تعالى: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون)

(المؤمنون :1-2)، وهي علامة مميزة للمؤمنين المتقين، كما قال الله تعالى: (وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ) ([البقرة:3)،

و للصلاة في دين الإسلام أهمية عظيمة، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة بعد الشهادتين، وهي

الكتاب الموقوت، والتواضع لكبرياء الله، والخشوع لعظمته، والخضوع لربوبيته وهي غذاء القلب ومناجاة

الرب وعماد الدين، وأحب الأعمال إلى الله وأداؤها مع الجماعة من أوكد العبادات وأجل الطاعات وأعظم

شعائر الإسلام، قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) ( النساء : 103) و قال تعالى:

( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) (البقرة : 238)، وقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : (رَأْسُ الأمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُوده الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنامِهِ الجِهَادُ في سَبِيْل الله)، وينعت تارك الصلاة

بالكفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) وقال أيضا : (العَهْدُ الذي

بَيْنَنَا وبينهم الصلاةُ، فمن تَركها فَقَدْ كَفر)، و قال صلى الله عليه وسلم : (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة

عن الصلاة، فإن صلحت، صلح سائر عمله، وإن فسدت، فسد سائر عمله)، و قال صلى الله عليه وسلم : (لا

تترك الصلاة متعمدا، فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله) وقال ابن القيم الجوزي

رحمه الله: (الصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحة دافعة للأذى، طاردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه

مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى،شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للقلب،

حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مبعدة من الشيطان، مقربة من الرحمن)، ورغم أن إقبال فئة

الشباب والصبيان على أداء الصلاة مع جماعة المسلمين يبشر بالخير إلا أن تصرفات بعض كبار السن من

رواد المساجد - هداهم الله - أصبحت منفرة وطاردة للصبيان ممن بلغوا سن التمييز حيث يتم تأخيرهم دون

وجه حق من الصف الأول إلى الثاني وربما إلى الأخير وقد هجر كثير منهم المساجد نتيجة تلك التصرفات

غير المقبولة وعندما سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه عن ذلك قال: (أنني أوجه

النصيحة لأهل المسجد بأن تتسع صدورهم للصبيان الذين يشرع مجيئهم إلى المسجد، وأن لا يشقوا عليهم، أو

يقيموهم من أماكنهم التي سبقوا إليها، فإن من سبق إلى شيء فهو أحق به، سواء كان صبياً، أو بالغاً، فإقامة

الصبيان من أماكنهم في الصف فيه‏:‏‏ إهدار لحقهم؛ لأن من سبق إلى ما لم يسبقه إليه أحد من المسلمين فهو

أحق به‏، و فيه تنفير لهم عن الحضور إلى المساجد‏، كما أن الصبي يحمل حقداً أو كراهية على الذي أقامه

من المكان الذي سبق إليه‏، إضافة إلى‏ أنه يؤدي إلى اجتماع الصبيان بعضهم إلى بعض فيحصل منهم من

اللعب والتشويش على أهل المسجد ما لم يكن ليحصل إذا كان الصبيان بين الرجال البالغين‏.‏ وأما ما ذكره

بعض أهل العلم من أن الصبي يقام من مكانه حتى يكون الصبيان في آخر الصف، أو في آخر صف المسجد

استدلالاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى‏) فإنه قول مرجوح معارض بقول

النبي صلى الله عليه وسلم ( من سبق إلى ما لم يسبقه إليه فهو أحق به‏) والاستدلال بقول النبي صلى الله عليه

وسلم (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) لا يتم؛ لأن معنى الحديث‏:‏ حث أولي الأحلام والنهى على التقدم حتى

يلواالنبي صلى الله عليه وسلم لأنهم أقرب إلى الفقه من الصغار، وأتقن لوعي ما رأوه من النبي أسمعوه،

ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لا يلني إلا أولو الأحلام والنهى‏.‏ ولو قال ‏(‏لا يلني إلا أولو الأحلام

والنهى‏)‏، لكان القول بإقامة الصبيان من أماكنهم في الصفوف المتقدمة وجيهاً‏.‏ لكن الصيغة التي جاء

بها الحديث هي أمره لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا حتى يلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فالرفق

والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة أمور مهمة ينبغي على الدعاة ورواد المساجد التحلي بها والحذر من الشدة

والغلظة وأساليب التنفير، وقد قال الرسول الكريم عن بعض أصحابه في خطبة له «ان منكم منفرين» بسبب

شكوى أحد المصلين من الإمام الذي نفره من صلاة الجماعة بسبب تطويله للصلاة.


يا متبع نهج النبي والصحابـة=حذراك من تأخير بعض الشبيبة
دنياك بالأعمال ما هي نهابـة=واللي سبق للصف يأخذ نصيبه
ترى العمل يحتاج لين وحبابـة=وحذّر من التنفير نبراس طيبة


عبد العزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-23-2010 06:30 PM

( 102 ) مدار الأفكار

شقاء الجهراء


يقول الشاعر العربي :

ويؤلم قلبي ذكر الجهراء التـي=بها مات من الصحب الكريم كثير

بها مات من لم يقض حق إنائهم = إذا ما سلا عنهم و عاش ضرير


إن الله خلق العباد وقسم بينهم الأرزاق، وقدر لهم الآجال، فلا يتقدم الموت على أحد قبل أجله، ولا يتأخر عنه

قال تعالى : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)( المنافقون:11) , و لا يقضي سبحانه

وتعالى على عبده المؤمن بقضاء إلا كان خيرا له، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط , وقد فطر

الله سبحانه الأحياء كلها على الخوف من الموت، واتقاء أسبابه، واجتناب مظانه، كما فطرهم على التشبث

بالحياة، ومن تقدير العلي القدير على الإنسان موت الفجأة ، ويكون – كما يقول الشيخ إبراهيم بن محمد

الحقيل – : (عاما فيشمل أهل بلاد بوقوع وباء مهلك يحصد الأرواح، ويملأ المقابر، ويتساقط الناس فيه

سراعا، حتى تفنى أسر وعشائر بأكملها، وتغلق دور وتخلو مدن من ساكنيها، أو خاصا فيقع لفرد أو أسرة

على إثر هدم أو غرق أو حريق أو نحوه )، ولما كان الحريق سببه النار ، وهي مادة الشيطان التي خلق منها

، و فيه من الفساد العام ما يناسب الشيطان بمادته وفعله ، لذا فإن للشيطان إعانة عليه ، وتنفيذ له ، و النار

بطبعها تطلب العلو والفساد ،وهما هدي الشيطان ، وإليهما يدعو ، وبهما يهلك بني آدم ، فالنار والشيطان كل

منهما يريد العلو في الأرض والفساد ، وكبرياء الرب - عز وجل - تقمع الشيطان وفعله . ولهذا كان تكبير

الله له أثر في إطفاء الحريق ، وخمود النار واندحار الشيطان , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا

رأيتم الحريق فكبروا ، فإن التكبير يطفئه ) ,وفي 25 فبراير الماضي اندلع حريق هائل في صالة الرفاع

بمنطقة القصر أحد أحياء محافظة الجهراء , والذي قيل وقتها أنه ناجم عن انفجار في محول كهرباء داخل

الصالة، مما أدى إلى تدافع النساء الحاضرات هربا من ألسنة اللهب وقد أسفر الحريق عن خمس حالات وفاة

و أكثر من 70 مصابا ، وفي 15 أغسطس الحالي تكررت الكارثة وبشكل مأساوي أكبر عندما شب حريق

مروع في خيمة عرس وضعت أمام منزل أصحاب الفرح في منطقة العيون والتي كانت تغص بالنساء

المدعوات مما أدى إلى وفاة 44 سيدة وخمسة أطفال و إصابة أكثر من 100 , فقد كان ذلك اليوم مأساويا

وكارثيا حيث لم يستغرق الفرح وقتا طويلا حتى تحول إلى صراخ وفزع ,وذهول وهلع ، وهرعت النساء

للخروج من أبواب الخيمة وسط بكاء ونحيب وبحث عن أفراد أسرهن , إنها مأساة تذيب القلوب كمدا ,

فالنيران تأكل كل من حولها وتشتعل في الأجساد , وتلتهم النساء وفلذات الأكباد ، وتحول كل ما تطوله إلى

ركام ورماد ,وتحول العرس إلى مأتم,إنها بالفعل كارثة و مصيبة ومأساة حقيقية,وعن تزايد الوفيات في هذه

الفاجعة يقول مدير عام الإدارة العامة للإطفاء اللواء جاسم المنصوري : ( إن أسباب حالات الوفاة يرجع إلى

سقوط الخيمة المشتعلة على الحضور، فضلاً عن ضيق المساحة , حيث انه بعد الانتهاء من عمليات المكافحة

والإنقاذ تم اكتشاف جثث تحت معدات الخيمة وتحت جثث أخرى، فضلاً عن أطفال توفوا في أحضان أمهاتهم

) ,ويقول وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان : ( إن السبب الرئيسي للحريق هو عدم

توافر اشتراطات الأمن والسلامة في الخيمة, وانه سيتم تشكيل لجنة تحقيق على مستوى مجلس الوزراء ومن

الجهات المختصة), وقال وزير الصحة الدكتور هلال الساير : ( إن ما حصل مأساة، وإن إعداد الوفيات لا

تزال غير معلومة لوزارة الصحة) وحظي حادث حريق العيون الذي أبكى عيون أهل الكويت باستنكار نيابي

وعن ذلك يقول النائب علي الدقباسي : ( إن ما حصل في الجهراء المنكوبة من سوء الخدمات يكشف عدم

قدرتنا على مواجهة الكوارث والأزمات، وأن البرامج التي صرفت على الدفاع المدني كانت أوهاما) , وقال

النائب محمد هايف : ( على المسؤولين في وزارة الصحة متابعة مصابي الحادث، والتفاعل بالحضور

ومضاعفة الجهود لإنقاذ ضحايا الجهراء، فلا يكفي الاعتماد على خدمات مستشفى الجهراء وحده وقدرته

المحدودة أمام هذه الكارثة الإنسانية) ، وقد أطلق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لفظ الشهيد على الغريق

والحريق، ومن مات بهدم وغير ذلك , ونسأل الله العلي العظيم أن يتغمد الضحايا و موتى المسلمين بواسع

رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان , وأن يمن ّ بالشفاء العاجل على

جميع المصابين.


يا الله يا رافـع لسبـع السمـاوات=يا منجي ٍ ذا النون من داخل الحوت
في رحمتك يا رب ترحـم للأمـوات=وتشفي الذي نجيت بأمرك من الموت
عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء , 19 - أغسطس - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-23-2010 07:56 PM

( 103 ) مدار الأفكار

شهر الخير

يقول الشاعر :

رمضان أقبل يا أولي الألباب = فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة = فتنبهوا فالعمر ظل سحاب

لاشك أن شهر رمضان موسم عظيم جعله الله ميدانا للتنافس في الطاعات والتسابق إلى فعل الخيرات وزيادة

الأجر والحسنات , فهو شهر الصيام والقيام , والاجتهاد في أعمال الخير وتلاوة القرآن , قال تعالى : ( شهر

رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان

مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) ( البقرة : 185 ) ومن فضائله إنه تفتح فيه أبواب الجنان , وتغلق

فيه أبواب النيران , وتصفد فيه الشياطين ومردة الجان , ومن صامه وقامه محتسبا الأجر والثواب من عند

الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه ,فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى

الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام رمضان إيمانا

واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر )

فهو شهر الخير والعمل والإحسان , شهر التقوى والفضائل والإيمان , شهر التهجد والتراويح والغفران ,

شهر العبادات وتلاوة القرآن, وصوم رمضان من فرائض دين الله الواجبة , وأمانته التي ائتمن عباده عليها ,

وأمرهم برعايتها , وهو سرّ بين العبد وربه لا يطلع عليه الإ هو سبحانه , وقد اختار الله تعالى من الشهور

رمضان وجعل صيامه أفضل الصيام , وهو أحد أركان الإسلام , وبلوغ هذا الشهر وصيامه نعمة عظيمة

ومنّة كبيرة , ومن خلال الصيام يتم كسر شهوات النفس من الشبع والري ومعاشرة النساء , كما أن الصوم

سبيل لإزالة قساوة القلب وغلظه وطريق لترقيقه,وليونته فتزكو تبعا لذلك النفوس وتشعر بحلاوة العبادة ,

إضافة إلى انه ينمي الشعور بحال الفقراء والعطف والحنو عليهم , ويساعد كذلك على تقوى الله تعالى التي

هي اسم جامع لكل ما يتقى به النار من فعل المأثورات , واجتناب المنهيات , ونسأل الله العلي العظيم في هذا

الشهر الكريم أن يضيء بصيرتنا ويحرك إلى فعل الخير نفوسنا ويبعدها عن الشر ويطلقها من أسر سيء

العادات, ويحررها من رق الشهوات , وأن يهدينا إلى سبل السداد, وطرق الخير والرشاد, وأن يجعله شفيعا

لنا ومكفرا لذنوبنا وأن نكون من عتقاء هذا الشهر الفضيل , وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا

كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب

وصفدت الشياطين وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل , ويا باغي الشر أقصر , ولله عتقاء من النار وذلك كل

ليلة ) فينبغي على المؤمن أن ينتهز هذه الفرصة وهي ما منّ الله به عليه من إدراك شهر رمضان فيسارع

إلى الطاعات , والاجتهاد في الصلوات وعمل الخيرات .


حييت يا شهر التسابيح والصوم=يا حافل ٍ بأمجاد في عز ّ الإسلام
شهر ٍ بروح الخير والنور مأسوم=شهر الفضايل والتراويح وقيـام

عبدالعزيز الفدغوش
الأحد 23 أغسطس 2009 م
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-23-2010 11:41 PM

( 104 ) مدار الأفكار

فضل العمل

يقول الشاعر العربي:


بِقَدْرِ الْكَدِّ تُكْتَسَبُ المعَالِـي=ومَنْ طلب العُلا سَهرَ اللَّيالِي
ومن طلب العُلا من غير كَدٍّ= أَضَاع العُمْرَ في طلب الْمُحَالِ

إن العمل آية الحياة ودليل الوجود ، و حق للإنسان كي ينسجم مع المعنى الحقيقي لوجوده ، وهو المصدر

الرئيسي للرزق والقوت الذي يرتجيه كل إنسان على وجه الأرض,ويعتبر العمل عزة وكرامة للإنسان,

ودرعاً واقياً عن الذل والهوان, وهو معروف للإنسان منذ بدء الخليقة ويعتبر بالنسبة له أحد العوامل الرئيسية

لاستمرار الحياة وتوفير مستلزماتها,وعلى ضوء عمل الإنسان يتحدد مستواه المعيشي والثقافي والاجتماعي

والاقتصادي, وفي ديننا الإسلامي الحنيف تتجلى أهمية العمل في كثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث

النبوية الشريفة , قال الحق سبحانه وتعالى : ( وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) ( التوبة :

105 ),وقال تعالى: ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ,

( الملك : 15 ) , وقال عزّ وجل ّ: ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ)

( الأعراف : 10 ) , وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ),وقال

عليه الصلاة والسلام: (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده) وقال أيضا : (من أمسى كالاًّ

من عمل يده أمسى مغفوراً له) , و يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أني لأرى الرجل

فيعجبني فأقول أله حرفة فإن قالوا لا سقط من عيني) , ويقول لقمان الحكيم : ( إياك والكسل والضجر، فإنك

إذا كسلت لم تؤد حقاً وإذا ضجرت لم تصبر على حق) , ويقول الأوزاعي : ( إذا أراد الله بقوم سوءاً أعطاهم

الجدل ومنعهم العمل ) , ويقول أبو العباس بن شريح : ( غبار العمل خير من زعفران العطلة ) وقيل :

( الدنيا ظلمات إلا موضع العلم , والعلم كله هباء إلا موضع العمل , والعمل كله هباء إلا موضع الإخلاص

) ,وقال بعض الحكماء: ( لا شيء أحسن من عقل زانه حلم، ومن عمل زانه علم) , وللعمل أهمية كبيرة

سواء للفرد أو المجتمع أو الدول، والدول والمجتمعات تقاس جديتها وتقدمها -كما يقول عبد الله بن راشد

السنيدي- : ( باهتمامها بالعمل، والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في

العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدية أبنائها في العمل) ، ورمضان ليس مجرد شهر للصيام والعبادة فقط، بل

هو شهر للجد والاجتهاد و العمل والجهاد , ويحفل شهر رمضان الكريم بالعديد من الانتصارات الإسلامية

التاريخية , فقد كتب الله في هذا الشهر المبارك النصر للجيوش الإسلامية في كثير من الغزوات والمعارك

الفاصلة في تاريخ الإسلام ولعل من أشهرها وأعظمها : ( غزوة بدر الكبرى سنة ( 2هـ-623م) , و

غزوة الخندق سنة ( 5هـ ـ626م) , و فتح مكة سنة( 8هـ-629م) , و معركة القادسية عام (15هـ-

636م),و فتح بلاد الأندلس عام( 92هـ-711م ),وفتح عمورية سنة (223هـ - 838م)ومعركة حطين

سنة ( 583هـ - 1187م ) و معركة المنصورة سنة( 647هـ -1249 م) و معركة عين جالوت سنة

( 658هـ-1260م) وفتح شقحب سنة (702 هـ - 1304م ) ,وفتح قبرص في عهد المماليك عام

(829هـ - 1426م) , وفي العصر الحديث حرب العاشر من رمضان عام ( 1393هـ - 6 أتوبر

1973 م ) وفيها تمكنت القوات العربية المسلمة من الانتصار على القوات الصهيونية الغاصبة، فعبرت

الجيوش العربية قناة السويس وحطمت أسطورة "الجيش الإسرائيلي" الذي لا يقهر، وهدموا بفضل الله خط

بارليف , فرمضان هو شهر العمل والعبادة ، والجهاد والإنجازات والانتصارات، حيث أن الصيام مصدر قوة

روحية تدفع إلى العمل , وتمد المؤمن بالصبر والجلادة , وقوة العزيمة والإرادة ؛ وليس كما يعتقد البعض

بأنه شهر النوم والراحة و الكسل,والانقطاع والتفرغ للعبادة , وإهمال الأعمال وتعطيل مصالح العباد بحجة

أن الصيام يسبب التعب والخمول , فالعيب ليس في الصيام بل في الصائم المتقاعس عن أداء عمله ,

وتؤكد بعض الدراسات أن إنتاجية الموظف الخليجي ، كما هي إنتاجية العامل العربي، تنزل إلى أضعف

مستوياتها خلال شهر رمضان , بالرغم من أن الصوم في الإسلام يعتبر محفزاً على الإخلاص و حب

العمل , وطلب العلم والجهاد والاجتهاد , ودافعا للخير والترابط والتواصل الاجتماعي .


ما للكسل في شهر الإحسان عنوان= يا معتبر خـذ عبرتـك بالبراهيـن
تنبيك بدر وفتـح مكـة بوكـدان= والأندلـس والقادسيـة وحطيـن


عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-24-2010 06:01 PM

( 105 ) مدار الأفكار

شهر التسامح

يقول الشاعر العربي :


أتى رمضان مزرعة العبـاد= لتطهير القلوب مـن الفسـاد
فـأد حقوقـه قـولا وفعـلا= وزادك فاتـخـذه للمـعـاد

إن رمضان يحرك النفوس إلى فعل الخير ويسكنها عن الشر ّ, فتكون بالخير أجود من الريح المرسلة وأبعد

عن الشرّ من الطفولة البلهاء , ولشهر رمضان منزلة رفيعة ومكانة عظيمة بين الشهور , فهو الشهر الوحيد

الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى

والفرقان ) ( البقرة : 185 ) , وهو الشهر الذي اختصه بفريضة الصيام وأنزل فيه القرآن وفيه ليلة القدر

التي يعد العمل فيها خيرا من عمل ألف شهر, وإن العمرة فيه تعدل حجة فيما سواه مصداقا لقول النبي صلى

الله عليه وسلم : ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) وهو شهر الطاعات , وكسب الأجر والحسانات, واجتناب

المعاصي والمنكرات , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم

من ذنبه ) أي أنه ينبغي أن يكون مؤمنا بفرضيته ووجوبه وأن يكون محتسبا للأجر فيكون صيامه من التقوى

وإخلاصا لله لا لتقليد مجتمعه وأهله وعاداتهم , وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشّر

أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول : ( جاءكم شهر رمضان شهر بركة , يغشاكم الله فيه , فينزل الرحمة

ويحطّ الخطايا ويستجيب الدعاء , ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته , فأروا الله من أنفسكم خيرا ,

فإن الشقي من حرم رحمة الله ), ويقول سفيان الثوري : ( بلغني أن العبد يعمل سرّا فلا يزال به الشيطان

حتى يغلبه فيكتب في العلانية ثم لا يزال به الشيطان حتى يحب أن يحمد عليه فينسخ من العلانية فيثبت في

الرياء ) , فالمقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه وتعظيم حرماته , وجهاد النفس على مخالفة هواها

في طاعة مولاها , وتعويدها الصبر عما حرّم الله , وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشراب وسائر

المفطرات وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الصيام جنّة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا

يرفث ولا يصخب , فإن سابّه أحد أو قاتله أحد فليقل إني صائم ) و صح عنه عليه السلام أنه قال : (من لم

يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) ,وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم

: (كم من صائم ليس له من صيامه إلا العطش والجوع ) فالصيام ينقي القلوب ويهذب النفوس وعلى المسلم

أن يلتزم سمو الأخلاق, وقويم السلوك في رمضان وفي غيره من الشهور إلا أن رمضان فرصة ثمينة يجب

أن تستغل لتدريب النفس على الأخلاق الحميدة , والأفعال المفيدة وكما يقول الشاعر الشعبي:


حييت يا شهر الفرح والتراويـح= شهر التلاوة والوتر والفضيلـه
شهر المحبة والرضا والتساميح= شهر التراحم والصلة والنفيلـه
شهر التهجد والثناء والتسابيـح= شهر الصيام اللي عظيم ٍ حصيله

إن إدراك شهر رمضان نعمة ربانية , ومنحة إلهية , ففيه تتضاعف أجور الأعمال الصالحة , وتفتح أبواب

التسامح والتواصل والإحسان , والعفو والصفح والغفران ونتمنى أن يستغل الجميع هذا الشهر الكريم وما فيه

من صفاء ونقاء وروح تسامح لطرح الخلافات ونبذها وطي صفحات التشاحن والنزاعات فهو موسم

للاستزادة من الخير والبعد عن الشرّ .

حييت يا شهر التسامح والإحسان= شهر ٍ بخيره يرجحن الموازيـن
شهر التواصل والتراحم وقرآن = ونبذ الخلاف وكل ما يقدح الدين

عبد العزيز الفدغوش
الأحد 30 أغسطس 2009 م
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-24-2010 10:50 PM

( 106 ) مدار الأفكار

اغتيال الجبال


يقول الشاعر العربي:

فيُمناه عزمٌ يهـدُّ الجبـالَ= أقام الليالي .. وما أقعـدا
و رؤياهُ حزمٌ تخطّى الحدود=َلِيعلو بصرح المنى فرقـدا


يعتبر الأمن من أهم النعم في حياة الناس ,و هو مبتغى الشعوب، وأغلى أمانيها، و به تحفظ الأعراض

وتحرس الأموال, ولتحقيقه يُبذل الغالي والنفيس، ولقد حرص ديننا الإسلامي الحنيف على ضرورة توفر

نعمة الأمن في المجتمع الإسلامي وذلك انطلاقاً من أن الأمن في الأوطان و الصحة في الأبدان من أهم

ما تسعد به البشرية, وقد قرن الله تعالى نعمة الطعام بنعمة توفر الأمن , قال تعالى : (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن

جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) ( قريش : 4 ) بل إن الله امتن على هذه الأمة بدعوة الخليل إبراهيم عليه السلام

بقوله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا...) (إبراهيم : 35 ), وقال النبي عليه الصلاة والسلام :

(من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ),لذا فقد جاءت

شريعة الإسلام مقررة أهمية الأمن والمحافظة عليه، وأكدت على ضرورة صون الضرورات الخمس وهي :

(الدين، والنفس ، والعقل، والنسل، والمال)، و تتسابق الأمم في توفير الوسائل، وتهيئة السبل وتبذل كل ما

تستطيع من عُدة وعتاد، من أجل بسط الأمن ، وفي المملكة العربية السعودية يسود الأمن والأمان ,والراحة

والاستقرار والاطمئنان نتيجة لتطبيق شريعة الله , وفي أحد اجتماعات الأمم المتحدة للنظر في الجريمة

على مستوى بلدان العالم وجد ( أن المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول إن لم تكن الأولى التي تتمتع

بالأمن ) ؛ وقد تحقق ذلك بفضل الله ثم التمسك بدين الإسلام عقيدة وشريعة، إضافة إلى ما وفرته المملكة

وجندته من مال ورجال، ووقت وجهد من أجل إرساء الأمن وتثبيته من خلال العيون الساهرة على أمن

الوطن والمواطن، وفي الصفوف الأولى والطليعة لسلم الجهاز الأمني السعودي يقف جبل الأمن ونبراس

الاستقرار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود مساعد وزير الداخلية

للشؤون الأمنية والذي تعرض في قصره بجدّة يوم الخميس الموافق 27 أغسطس 2009 إلى محاولة

اغتيال على يد مهاجم انتحاري زعم بأنه يرغب في تسليم نفسه للسلطات الأمنية السعودية ,وبالرغم من

الخطورة التي كانت تحيط بمسألة استقبال المطلوبين أمنيا الراغبين في تسليم أنفسهم للأمير محمد بن نايف

شخصيا، غير أنه لم يكن يتردد في تلبية طلب أيٍ منهم، حيث كان يتعامل معهم كما يقول تركي الصهيل

بمبدأ«حسن النية» , وقد أثار سموه إعجاب الجميع عندما ظهر، بعد ساعات قليلة من محاولة الاغتيال

الفاشلة التي تعرّض لها فيحوار مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله

ورعاه - ليتحدّث ببساطة عن الأمر الخطر، ويؤكّد في رسالة واضحة عزيمته وإصراره تحت مظلّة الدولة

على محاربة الفئة الضالة , والأمير محمد بن نايف من مواليد الرياض عام1959، وفيها أنهى مراحل

التعليم الأساسية ويحمل الدرجة العلمية في العلوم السياسية من الولايات المتحدة الأمريكية، وأتم دورات

عسكرية متقدمة داخل وخارج السعودية تتعلق بمكافحة الإرهاب، ومنذ توليه الموقع القيادي مسؤولا عن

الأجهزة الأمنية عام 1999م بدأ بإعادة ترتيبها وهيكلتها، وهيأ لها مسارات حديثة للتواصل مع

الجمهور,ولمع نجمه وبات اسمه حاضرا في وسائل الإعلام، من دون أن يصرح لواحدة منها، وذلك مع

ارتفاع وتيرة الإرهاب في المنطقة، خاصة مع الأحداث التي شهدتها السعودية عقب عام 2002، وظهور

المعركة العلنية مع تنظيم القاعدة، وما قدمته الأجهزة الأمنية في ظرف زمني قياسي، من قدرة على تفكيك

التنظيم وصد عملياته قبل حدوثها, ومقابل الشراسة التي يبديها سموه في ميدان الذود عن الوطن

ومكتسباته أمام كل من يحاول المساس بأمنه، يتمتع في الجانب الآخر، بطيبة قلب متناهية، لا تتوقف على

الأقوال، بل تتعداها للأفعال وهو من أشد الناس اقتناعا بأن الفكر مصدر تحول الشخص من معول

لـ«الهدم» إلى أداة «بناء» فاعلة , وينعت سمو الأمير محمد بن نايف بأنه رجل المبادرات والمهمات

الذي يعمل بهدوء و بعيدا عن الأضواء و الكاميرات .


يا أمير يا رمز العطاء بين الأجيال= خطاك سوّ الوقت بـأول وتالـي
يا كاسب ٍ جم ّ المعالي والأنفـال= وفي منهجك للأمن رجل ٍ مثالـي
ترى الجبال الشاهقة صعب تنزال=وأشد منهـا بالعـزوم الرجالـي
عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء 2 سبتمبر 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread.php
do=newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-26-2010 02:54 PM

( 107 ) مدار الأفكار

مآثر الخرافي

يقول الشاعر العربي:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم= فطالما استعبد الإنسان إحسـان
وكن على الدهر معوانا لذي أمل= يرجو نداك فان الحـر معـوان

في السادس من سبتمبر عام 1993م وبعد حياة حافلة بالعطاء، ومسيرة مليئة بالإحسان والخيرات على امتداد

التراب الكويتي والعالم العربي والإسلامي، توفى المحسن محمد عبد المحسن الخرافي ورحل عن دنيانا الفانية

ولكنه بقي حيا في القلوب و الوجدان،ولم يرحل من الذاكرة الوطنية التي تطفح بمآثره العظيمة ومواقفه الكبيرة

على مستوى الخليج والوطن العربي، وهو من مواليد منطقة القبلة بمدينة الكويت عام 1919م و ينتمي إلى عائلة

عريقة تعود أصولها إلى منطقة الزلفى في نجد، وعندما بلغ السادسة من عمره التحق بالكُتَّاب لتعلم القرآن الكريم

ومبادئ القراءة والكتابة والحساب، ثم التحق بمدرسة الملا محمد العجيري وفيها أتقن القراءة والكتابة، وتعلَّم

تجويد القرآن الكريم، وفي عام 1928م التحق بالمدرسة الأحمدية ليتلقى تعليماً نظامياً وحصَّل فيها كل ما كان

متاحاً من المهارات التعليمية الأساسية خلال أربع سنوات دراسية، وفي عام 1932م بدأ مسيرة العمل في

التجارة عندما أرسله والده في رحلة تجارية إلى عدن لتدريبه على أصول التجارة، وفيها التحق بمدرسة خاصة

حيث درس بعض العلوم التجارية، كما واصل دراسة اللغة الإنجليزية، وكان في الوقت ذاته يتردد على النادي

العربي في عدن، مما أتاح له الفرصة للاختلاط بالعرب من دول مختلفة ومعايشة الأفكار الجديدة في ذلك الميناء

المنفتح على العالم، وقد استفاد كثيراً من رحلاته التعليمية بين مدارس كراتشي وعدن فارتفع مستواه التعليمي

والثقافي لدرجة لفتت إليه الانتباه وجعلته محط الإعجاب، و في عام 1936م عاد إلى الكويت، ليبدأ مرحلة جديدة

من حياته التجارية وذلك بالعمل إلى جوار والده الذي استقر بالكويت ولم يعد يسافر إلى تجارته في البصرة أو

الهند، ولكنه كان ينيب ابنه عنه للسفر عند الضرورة ,وقد واصل (محمد) رحلاته التجارية الموسمية إلى الهند

لمتابعة تجارة العائلة بعد أن تزوج ابنة التاجر جاسم محمد بودي عام 1938م. وفي أوائل الأربعينيات قرر

الإقامة في الهند فاصطحب معه زوجته وابنيه جاسما وناصراً، وهناك أدخلهما إحدى المدارس بمدينة بومباي

بينما تفرَّغ هو لعمله ,وفي أوائل الخمسينيات عاد إلى الكويت مع أسرته ولكنه استمر في السفر الموسمي إلى

الهند لأمور تتعلق بتجارته,وفي عام 1955م استقر نهائياً في الكويت وترك التجارة مع الهند عندما بدأت أموال

النفط تنعش الاقتصاد الكويتي وتهيمن عليه؛ مما جعل التجارة مع الهند ليست كما كانت عليه من قبل من حيث

الأهمية، لقد كانت تجربة المرحوم محمد الخرافي التجارية موفقة وناجحة بكل المقاييس، فقد عركته الحياة

التجارية منذ بواكير حياته فأتى إليها بجد بحثاً عن المجهول في عوالمها مستلهماً من تجربة والده ما يعينه على

المضي في الطريق الذي سلكه في الحياة وعندما اتسعت رقعة أنشطته التجارية وتنوعت في الفترة التي أعقبت

ظهور النفط وبداية حركة التنظيم والعمران في الكويت، فإنه إلى جانب ذلك كان يدرك أن المال الذي بين يديه

لابد أن يكون فيه نصيب للمحتاج,وصاحب العوز والفاقة مصداقاً لقول الحق سبحانه و تعالى : ( وَالَّذِينَ فِي

أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُوم ٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) ( المعارج:24 - 25) وقوله تعالى: (إن الله لا يُضِيعُ أجْرَ المحسنين)

( التوبة: 120)وعملاً بهذه المعاني القرآنية السامية، كان يفتح بابه لكل محتاج، فلم يرد سائلاً أبداً وقد كان

حريصاً على أن يكون ذلك سراً بينه وبين ربه، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وقد أوصى – رحمه الله –

ذريته من بعده بالاستمرار في أعمال الخير بالصرف من ثلثه فكان عمله وعمل ذريته من بعده ظاهراً للعيان،

شاهداً على حرصه وحرص ذريته على فعل الخير, وفي كتاب (محسنون من بلدي ) الصادر عن بيت الزكاة

الكويتي جاءت إشراقات كثيرة من أعماله في الخير والبر والإحسان داخل وخارج الكويت منها (عمارة المساجد

وتنظيم مسابقات القرآن، وكفالة الأيتام رعاية المعاقين، ودعم الجمعيات الخيرية والهيئات الإسلامية، وبيوت

القرآن والمدارس والمعاهد ودور نشر العلم، وبناء مساكن للفقراء، وتشييد قاعات المحاضرات والصالات

الرياضية، وتحمل نفقات الحج والعمرة لفقراء المسلمين ) وغيرها كثير، ولم يقتصر دوره الوطني على أزمنة

الرخاء، وإنما تجلى أثناء محنة الغزو الغادر من خلال موقفه الإنساني الرائع الذي تجسد في المسارعة بتقديم

المساعدات العاجلة لعدد من أبناء الكويت في الداخل و الخارج، و تقديم المساعدات الخيرية للمحتاجين في القارة

الأفريقية, كما أسهم في تأسيس اللجنة الشعبية الكويتية لجمع التبرعات كبادرة جديدة للتنظيم الشعبي لدعم القضايا

العربية والإسلامية بالمال؛ والتي تجلى دورها من خلال دعم ثورة التحرير في الجزائر، وكذلك المبادرة لمساعدة

مصر عام 1956 م أثناء تعرضها للعدوان الثلاثي، ولدوره الفاعل في خدمة قضايا الأمة ومساهماته التنموية

الكثيرة فقد نال وسام الاستحقاق من جمهورية مصر العربية. رحم الله نبراس العطاء والإحسان محمد عبد

المحسن الخرافي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجعل الفردوس الأعلى نُزُله ومثواه.


مرحوم يا رمز العطاء والمحامد= والله يبيحك يا الخرافـي محمـد
غيثك ضفى للشعب خارج وصامد=وسيفك من الإحسان ما هو مغمد

.
عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 6 - سبتمبر - 2009
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Default.aspx?MgDid=120975&pageId=84

عبدالعزيز الفدغوش 06-26-2010 03:08 PM

(108 ) مدار الأفكار

أنفلونزا الدنانير

يقول الشاعر العربي :


دع المقادير تجري في أعنّتهـا= و لا تبيتـن إلا خالـي البالـي
ما بين غمضة عين و أنتباهتها= يغير الله من حال إلـى حـال

مازالت الأوبئة تتحدى الإنسان في العصر الحديث وتستنفر قدراته للبحث عن وسائل فعالة لمغالبتها، وفي

السنوات الأخيرة توالت أمراض نالت اهتمام الإعلام العالمي، جنون البقر( Mad Cow Disease ) عام

1994م ,والحمى القلاعية Foot & mouth disease) ) عام 2001م , والجمرة الخبيثة ( ANTHRAX)

عام 2001م , و متلازمة الالتهاب الرئوي ( SARS) ا عام 2002 م وأنفلونزا الطيور عام 2004 م وأخيرا

أنفلونزا الخنازير( Swine influenza )عام 2009م و التي بدأ النفير العام يتوجه إليها مع تحذير منظمة

الصحة العالمية بإمكانية تحول المرض إلى وباء يقضي على ثلث سكان الكرة الأرضية, ورغم حالة الهلع

والفزع التي أصابت الشعوب في شتى بقاع المعمورة نتيجة لظهور المرض في عدد متزايد من الدول إلا أن

أصواتا متزنة بدأت تخرج للتحذير من المبالغة في الأمر وأن هناك جهات تسعى لإفزاع العالم لأغراض

معينة تخدم مصالح الدول الكبرى التي يهمها صرف الأنظار عن مخططاتها التوسعية, كما تحاول إنقاذ

شركات الأدوية العالمية من الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها باختراع مرض جديد مما يؤدي إلى ضخ

المليارات في خزائنها مقابل أدوية للوقاية وأدوية أخرى للعلاج , ومما جاء في مجلة تايم (Time ) الأميركية

: ( يبدو أن داء أنفلونزا الخنازير هو أقل خطورة مما أثير بشأنه حول العالم، في ظل الرعب الذي انتشر مع

بداية ظهور الداء في المكسيك في أبريل الماضي.و أنه في الوقت الذي أصاب فيه الداء قرابة 12 ألفا في 23

بلدا، من بينهم أكثر من 6500 إصابة في الولايات المتحدة، لم يقض بسببه حتى الآن سوى 86 من الضحايا

),ويقول عالم جزيئات الفيروسات الدكتور كريستوفر أولسن: ( إن تفشى فيروس (اتش1- إن 1) قد لا يحدث

خسارة كبيره كالتي تسببها الأنفلونزا عادة كل شتاء بدون أيه ضجة إعلاميه كبيرة , و دعونا لا نفقد مسار

كون الأنفلونزا الموسمية العادية هي من مشاكل الصحة العامة الضخمة التي يذهب ضحيتها عشرات الآلاف

من الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بالإضافة إلى مئات الآلاف في جميع أنحاء العالم) .

ويقول عالم آخر رائد في عالم فيروسات الأنفلونزا في مستشفى أبحاث الأطفال في ممفيس : ( إن هذا

الفيروس ليس لديه قدره القتل مثل فيروس 1918 الذي راح ضحيته ما يقدر بـ30 مليون ضحية في أنحاء

العالم . وقد تم التعرف على أوجه الشبه بين الفيروس الحالي وفيروس 1918 وكلاهما من سلاله (اتش1- إن

1)وأطلق عليهما هذا الاسم لشموليتهما على نوعين من البروتينات ), ويقول الخبير في الميكروبولوجي

والأنفلونزا في مركز سيناي الطبي في نيويورك ، الدكتور بيتر باليسى : ( هناك بعض الخصائص الجزئية

التي يفتقر إليها الفيروس الحالي ..إذ ليس به الأحماض الأمينية ولكي يكون فتاكا فإنه يجب أن تزيد عدد

جسيماته في الرئة ) , ويقول الدكتور محمد زكريا : ( إن هذه الأمراض المستجدة التي يقدر عددها اليوم ما

بين 20 إلى 50 مرضا، أصبحت تعرف بأمراض النخبة والأغنياء وهي تحظى باهتمام كبير، وتشكل لها

لجان أممية ومتابعات إعلامية قوية في حين يتم تجاهل عشرات الأمراض التي تفتك بالإنسان الإفريقي الفقير

مثل الملاريا والإيبولا ) , وتقول الدكتورة ليلى أحمد الأحدب : ( إن معدلات الوفاة بهذا الفيروس تبلغ 1.0%

وهو المعدل العادي للوفاة بالإنفلونزا الموسمية ) ، ويرى البعض بأن تهويل خطر ( أنفلونزا الخنازير ) هي

مؤامرة قادتها بعض شركات الدواء الغربية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وذلك لتسويق عقاقير

بدأت تنتجها و أول الأسباب التي يسوقها أصحاب نظرية المؤامرة هو إصرار المسؤولين عن الصحة

العالمية توجيه العالم للبحث عن اللقاحات الواقية من المرض، وكيفية مواجهة آثاره السلبية على البشرية

والاقتصاد, مع تجاهل تام لمرحلة ما قبل انتشار المرض والأسباب التي أدت إليه خلافا لطريقة التعامل مع

الأمراض السابقة الشبيهة والتي عرفها العالم .


لا تستمع يا صاح تهويل الأضـرار= مالك عن المقسوم رغم المحاذيـر
ناس ٍ تزيد وتبتدع صنـع الأخطـار=ورأس الهدف معروف كسب الدنانير


عبد العزيز الفدغوش
الأربعاء 9 سبتمبر 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-26-2010 03:18 PM

( 109 ) مدار الأفكار

إيذاء الأطباء

يقول الشاعر العربي :



غلط الطبيب علي غلطة مورد= عجزت موارده عن الإصـدار
والناس يلحون الطبيب وإنما= غلط الطبيب إصابـة الأقـدار

إن مهنة الطب مهنة إنسانية وأخلاقية , وتعدّ من أصعب المهن وأشرفها وأعلاها قدرا ومنزلة،

وتتطلب ذكاء حادّا، وصبرا طويلا، وقدرة كبيرة على التمييز بين الأعراض ، و تقوم- كما جاء في ( لائحة آداب

مهنة الطب المصرية ) الصادرة بتاريخ 5 سبتمبر 2003م - على العلم و تحتم على من يمارسها أن يكون ملماً

بها و مدرباً تدريباً كافياً على ممارستها و أن يحترم الشخصية الإنسانية في جميع الظروف و الأحوال، وقد

صنف الإمام الغزالي - رحمه الله - علم الأبدان في مرتبة بعد علم الأديان مباشرة , وقد جاء في ( نظام

مزاولة المهن الصحية) في المملكة العربية السعودية والصادر بتاريخ 4/11/1426هـ : ( إنَّ الطبيب

مؤتمن على صحة الإنسان وهي من أثمن ما لديه ومؤتمن على أسرار المرضى وأعراض النّاس، ولذا

صارت مهنة الطب من أشرف المهن وأنبلها، فإن عرف الطبيب قدر مهنته وعظيم شرفها لم يسعه إلا أن

يتصرف بما يليق بقدرها ومكانتها فيسمو بنفسه عن ارتكاب كل ما لا يليق به وبمهنته كالخداع، والكذب،

والتزييف، وإخلاف المواعيد والتكبُّر، وادعاء مالا يعرف، وغير ذلك ممّا لابد أن يُعرف إن عاجلاً أم آجلاً،

فيكتب في ميزان سيئاته، وينقص قدره عند الناس، فيخسر دينه ودنياه ) , و يقول الدكتور حسن الزهراني:

( لقد كانت الناس و إلى عهد قريب تسمي الطبيب حكيماً , وهي نقطة تجمع بين سمات العلم والحكمة

والضمير, و إن مهنة كهذه تتطلب من صاحبها أخلاقيات رفيعة قد لا تكون بالمستوى نفسه في المهن

الأخرى , وتفرض عليه سمات ومواصفات سامية لا تتوافر وللأسف الشديد إلا في القليل ) , ورغم إن مهنة

الطب تفرض على المنتسب إليها مستوى معيناً من السمو الأخلاقي إلا أنها كغيرها من المهن لا تخلو من

الدخلاء وقد تم اكتشاف عدد من الأطباء المزورين لشهاداتهم وكان آخرهم ما نشر عن طبيب عمل

اختصاصياً في جراحة المخ والأعصاب ثم اتضح بأنه سباك ، وفي أرقى مستشفيات الخليج اكتشف

العشرات من المزورين مما يدل على أن حجم المشكلة كبير وبالذات في الخليج والبلاد العربية وكذلك تضم

المهنة بعض ضعاف النفوس من أربابها ممن يستغل هذه المهنة الشريفة لتحقيق مآربه الدنيئة , وقد تناقلت

وسائل الإعلام عن أطباء ينتهكون أعراض مريضاتهم بل ويغتصبونهن ويصورون تلك الأفعال المشينة

و هو أمر يندى له الجبين, والمثير في الأمر أن الظاهرة عالمية وفق تقارير من أمريكا وأوروبا ثم للأسف

الشديد في دول عربية, أما ظاهرة الأخطاء الطبية فحدث ولا حرج , فقد بات لا يخلو منها مستشفى بما في

ذلك المستشفيات الكبرى ومع هذا مازال الدفاع مستميتاً من قبل البعض عن المخطئين مما أوجد ظاهرة

ضرب الأطباء والاعتداء على الجسم الطبي , والتي يقول عنها الدكتور مخلد الفاعوري عندما تابع برنامجا

يسلط الضوء على الظاهرة : ( لقد ظهرت أصوات وبوضوح مع الاعتداء على الطبيب وكل له رأي نابع

من شعوره بالمرارة والمعاناة من سلوكيات بعض الأطباء وشعور الشخص مثلا في بعض مراكز الإسعاف

إن الطبيب لا يقوم بالتفاعل والحرارة المطلوبة في تعامله مع الحالة القادمة إليه مثلا كأن يكون يتحدث عبر

هاتفه الخلوي ولا يقوم بقطع مكالمته فورا أو يتقدم الطبيب نحو حالة ببطء شديد وتثاقل أو مثلا لا يبدي

تعاطفا مع المريض أو ذويه ) , ويقول الدكتور خالد بن علي الوزان موجها الأطباء الجدد : (لا يغرنّك خطأ

الآخرين مهما علا قدرهم، فخطأ الآخرين ليس مبرراً في أن ترتكب الخطأ، والله محاسبك على عملك، والإثم

ما حاك في نفسك وإن رأيت من هو أعلى منك قدراً يـرتكبه) ,ولكن رغم كل ذلك وبعيدا عن التطرف في

مطالب بعض العاملين في الحقل الطبي يبقى التأكيد على أن عمل الطبيب يستهدف مصلحة المريض

المطلقة, أما الأسباب والمبررات التي يسوقها البعض فأنها لا تمنح المريض أو أحد ذويه - مهما تكن

الظروف والحالة النفسية – أن يمارس أو يوقع أي إيذاء على الطبيب الذي نذر نفسه من خلال عمله

للإنسانية وخدمتها, والأجدر في حال وجود الخلل تقديم شكوى إلى الجهات المسؤولة وفق القوانين التي تحكم

الجميع وتنظم العلاقات البشرية .


ما يملك الدكتـور مصبـاح مـارد= حتى يحقق كل مـا يطلـب الفـرد
ترى الخطأ بأعمال الإنسـان وارد= والحكم للقانون بالخصـم والطـرد
من حق موهوب الوطن يا أبو جارد= نهدي له التقدير مع باقـة الـورد

عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 13 - سبتمبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-26-2010 05:46 PM

( 110 ) مدار الأفكار

اعتگاف الأسلاف

يقول الشاعر العربي :



ترنموا بالذكر في ليلهـم= فعيشهم قد طاب في الترنم
قلوبهم للذكر قد تفرغـت= ودموعهم كلؤلؤ منتظـم

في شهر رمضان تتنوع العبادات، وتتضاعف الأجور والحسنات، وتتنزل الرحمات وتعم الخيرات، ومن

خصائص هذا الشهر الكريم أن العشر الأواخر منه تحظى بالاهتمام إقتداء بسنة سيد الأنام فقد كان النبي صلى

الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها،فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أن النبي صلى الله

عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهدُ في غيرها )، وقالت أيضا: (كان النبي صلى الله عليه

وسلم إذا دخل العشرُ شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله )، ومن الأعمال التي يعملها في العشر الأواخر :

الاعتكاف وهو لزوم المسجد والتفرغ للعبادة طاعة لله عز وجل،وقيل في تعريف الاعتكاف هو: (قطع العلائق

عن كل الخلائق للاتصال بخدمة الخالق)، والمقصود بذلك قطع العلائق الشاغلة عن طاعة الله وعبادته

والاعتكاف من السُنن الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى : (وَلاَ تبَاشرُوهُنَّ

وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) (البقرة:187)، وقال سبحانه وتعالى : (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا

بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) (البقرة : 125 ) وعن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله

عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده)

والاعتكاف من السُنن المهجورة التي قلَّ العمل بها وغفل عنها كثير من الناس، قال الإمام الزهري رحمه الله:

(عجباً للمسلمين ! تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله

عز وجل )، وقد شُرع الاعتكاف لحِكَمٍ عظيمة، منها: زيادة الصلة الإيمانية بالله، والجوانب العبادية التي

تزكي النفس وتجعل المرء أكثر قدرة على مواجهة فتن الدنيا والعمل على استنقاذ الآخرين منها، إضافة إلى

أنه فرصة عظيمة لطلبة العلم الذين اشتغلوا بتحصيله ومن ثم تعليمه، وقيل إن من أعظم ما يقصد من

الاعتكاف التماس ليلة القدر، قال ابن القيم رحمه الله : ( لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره

إلى الله تعالى متوقفاً على جمعيته على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب وفضول المخالطة، وفضول

الكلام، وفضول المنام مما يزيده شعثاً، ويشتته في كل وادٍ، ويقطعه عن سيره إلى الله، أو يضعفه أو يعوّقه

ويوقفه: اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب،

وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه

بالخلق، فيُعِدُّه بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور،حين لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود

الاعتكاف الأعظم، ولما كان هذا المقصود إنما يتم مع الصوم، شرع لهم الاعتكاف في أفضل أيام الصوم،

وهو الأواخر الأخير من رمضان)، ويقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله : (الاعتكاف عبادة

وسنة وأفضل ما يكون في رمضان في أي مسجد تقام فيه صلاة الجماعة)، ويقول محمد اليحيى : (لقد شرع

الله لعباده كثيراً من الطاعات التي تجمع على المرء الجوارح والقلب لينشغل بعبادة الله تعالى وحده، وإن من

أجلّ هذه الطاعات تلك السّنّة التي يخلو المرء فيها بربه خاضعاً فيناجيه معترفاً، وينصرف بها عن الدنيا

فتزكو نفسه وتسمو ليصبح إنساناً ربانياً، إنها السنّة التي حافظ الرسول عليها طوال حياته، إنها سُنّة الاعتكاف

)، ولقد حرص رسول الأمة على هذه العبادة رغم انشغاله بالدعوة والتربية والتعليم والجهاد، تاركاً لمن يقتفي

أثره وينتهج نهجه درساً عظيماً في أهمية الانقطاع إلى الله عز وجل والتحرر من المشاغل والمسؤوليات كائناً

من كان صاحبها في الدعوة والعلم. ؛ وقد بلغ السلف الصالح في جوانب العبادات غايات يستصعب ضعاف

الهمم السعي إلى مقاربتها فضلاً على الوصول إليها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبيناً أهمية بقاء

المرء في ذكر دائم: (الذكر للقلب كالماء للسمك؛ فكيف يكون حال السمك إذا خرج من الماء؟)، ويقول ابن

القيم رحمه الله : (حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة فصلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من

انتصاف النهار ثم التفت إليّ وقال: هذه غدوتي ولو لم أتغد سقطت قوتي)، و يقول مالك بن دينار رحمه الله :

(ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل فليس شيء من الأعمال أقل مؤونة منه ولا أعظم لذة، وأكثر فرحة

وابتهاجاً للقلب)، ورغم أهمية الاعتكاف وفضله إلا أن بعض الناس يترك عمله، ووظيفته وواجبه المكلف به،

كي يعتكف، وهذا تصرف غير سليم ؛ إذ ليس من العدل كما يقال أن يترك المرء واجبا ليؤدي سنة ؛ فيجب

على من ترك عمله المكلّف به واعتكف، أن يقطع الاعتكاف، ويعود إلى عمله لكي يكون كسبه حلالا، وأمّا

إذا استطاع أن يجعل الاعتكاف في إجازة من عمله أو رخصة من صاحب العمل فهذا خير عظيم، وتصرف

قويم .



يا متبع نهج النبي خيـر منهـاج= لا يبعدك عن منهجه عاتي الموج
أحيّ الدجى في مرتجى وال الأفراج= ولك بالتضرع والدعاء خير منتوج

عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-26-2010 08:09 PM

( 111 ) مدار الأفكار

يوم الجائزة

يقول الشاعر العربي:


بالبر صمت وأنت أفضل صائم= وبسنة الله الرضيـة تفطـر
فانعم بعيد الفطر عيـداً إنـه= يوم أغر من الزمان مشهـر


إن عيد الفطر السعيد يسمى يوم الجائزة , جائزة للمسلمين الذين صاموا شهر رمضان , وقاموا لياليه وأكثروا

من تلاوة كتاب الله عز وجل وألحوا بالتضرع والدعاء , وأخرجوا زكاة أموالهم وخاصة صدقة الفطر ,

وحافظوا على صلاة الجماعة في المساجد وحرصوا على المفيد من القول والعمل ,وأحيوا ليلة القدر فهنيئا

للمسلمين الذين صاموا شهر رمضان , يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا

غفر له ما من ذنبه ) , ويقول أيضا : ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ), وقد ورد

أن الملائكة تنزل صبيحة يوم عيد الفطر تقف في أبواب الطرق وتنادي : ( يا أمة محمد أخرجوا إلى رب

عظيم يعطي الجزيل ) , فيخرج المسلمون لأداء صلاة العيد , يقول الله سبحانه وتعالى للمسلمين : ( لقد

أرضيتموني ورضيت عنكم اذهبوا مغفورا لكم ) , ففي عيد الفطر السعيد يفرح المسلم ويشكر ربه على نعمة

الصيام والقيام ,و العيد هو كل يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال تعالى : ( (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ

يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُوا

نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ

اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآيَةً مِّنْكَ وَارْزُقْنَا َأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )

( المائدة : 112- 114 ) ويقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (إن العيد هو عيد لمن قبل الله

صيامه، وشكر قيامه ) ،ويقول الحسن: ) كل يوم لا يعصي الله فيه فهو عيد، وكل يوم يقطعه المؤمن في

طاعة مولاه، وذكره، وشكره فهو له عيد) , ويقول ابن الأعرابي: ( سُمِّيَ العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرحٍ

مجدد ) وعيد الفطر سمي كذلك لأن المسلمين يفطرون فيه بعد صيام رمضان و هو يوم الجائزة من الله

لعباده المؤمنين , والعيد ما هو إلا تعبير عن السعادة التي تغمر الصائمين بنعمة الله التي أنعمها عليهم

باكتمال صيام الشهر الفضيل , قال بعض السلف: ( ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله، فالغافل يفرح

بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمولاه( , وقيل ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعته تزيد وعمل ليوم

الوعيد , وليس العيد لمن تجمّل باللباس والمركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب, و ليس العيد لمن حاز

الدرهم والدينار إنما العيد لمن أطاع العزيز الغفار,وليس العيد لمن لبس الثياب الفاخرة , إنما العيد لمن عمل

وخاف الآخرة,فالعيد لمن صلى وصام وأطاع الملك العليم العلام , واتبع سيد الأنام ومصباح الظلام عليه

الصلاة والسلام, ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : ( إن كثيراً من الناس تضيع أوقاتهم

في العيد بالسهرات والرقصات الشعبية، واللهو واللعب، وربما تركوا أداء الصلوات في أوقاتها أو مع

الجماعة، فكأنهم يريدون بذلك أن يمحوا أثر رمضان من نفوسهم إن كان له فيها أثر، ويجددوا عهدهم مع

الشيطان الذي قل تعاملهم معه في شهر رمضان ,إن العيد شكرٌ وليس فسقاً، فاحفظوا أبنائكم وإخوانكم،

وانظروا في ملابس زوجاتكم وبناتكم وأخواتكم التي أعدت للعيد، وألزموهن اللباس الشرعي، ولا تسمحوا بأي

مخالفة للإسلام في هذه الملابس، وكونوا عوناً لشباب الأمة على غض أبصارهم وحفظ فروجهم. ومن جملة

شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه ومغفرته لذنوبه،و أن يصوم بعد رمضان ستاً من

شوال، فيكون كمن صام السنة كلها، لقول النبي : ( من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر

) , وبهذه المناسبة يسرنا مشاركة الجميع فرحتهم بحلول عيد الفطر السعيد أعاده الله على كويت الخير وعلى

الأمة العربية والإسلامية بالخير والسلام , والرخاء والوئام , وكل عام والجميع بخير .


العيد عاد وحيّ عيـد إرمضانـي= الله يعيده بالفرح كـل مـا حـان
الله يعيـده بالهنـاء والأمـانـي= على مرابع دارنا فخـر الأوطـان
دار الشهامة والوفاء والحسانـي= وعلى جميع الشعب حضر ٍ وبدوان
يا كويت يا نبراس فيض الحنانـي= يا شعلة الأمجاد في كـل ميـدان
يا دولة ٍ تضمن شعبهـا ضمانـي= حسب العهود وتلتزم حق الإنسان
يا منبع الخيـرات سـر ّ وبيانـي= يا دار ساس الجود والأمن وإيمان
يا رمز حب الشعب ساس التفانـي= بالعيد أهني كل شعبـك بوكـدان
أهنـي الإسـلام قاصـي ودانـي= وأخص نور الدار عنوان الإحسان
رموز المعالي والفخـر والتفانـي= آل الصباح اللي لهم بالملا شـان

عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 20 - سبتمبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-27-2010 12:53 PM

( 112) مدار الأفكار

يوم التوحيد

يقول الشاعر العربي :


جلجل الحق في ربوع الرياض= لاهب الوقد عارم الانقضاض
وانتشى العز شامخـاً يتغنـى= بالبطولات والنـدى الفيـاض

لقد كان بزوغ شمس الخامس من شوال عام 1319 هـ الموافق 15 يناير 1902م بداية انطلاقة عهد جديد

في تاريخ الجزيرة العربية , فما أن تمكن الملك عبد العزيز آل سعود من فتح الرياض عاصمة ملك آبائه

وأجداده حتى واصل ملاحم البطولة على مدى 32 عاما تم له خلالها توحيد أجزاء المملكة وإعلان قيامها

دولة موحدة محققا بذلك ما كان يطمح إليه أبناء هذه البلاد من وحدة ووئام وسلام , فقد قامت المملكة

العربية السعودية على قواعد ثابتة أساسها التوحيد وتحكيم كتاب الله الكريم , وسنة رسوله عليه أفضل

الصلاة وأتم التسليم , وانطلقت مسيرته الحضارية مختصرة مراحل الزمن لتتبوأ خلال عقود قليلة مكانتها

البارزة التي تحتلها في العالم اليوم ,وعن مسيرة الملك عبد العزيز وجهاده لتوحيد المملكة يقول الكاتب

الإنجليزي كنث وليمز : ( من النادر أن تجد رجلا تجمعت فيه المزايا التي تجمعت في ابن سعود فهو

جندي موفق ظافر , ومصلح مبدع مبتكر , وتقي ورع صالح , وإنسان لطيف مهذب , وجواد سخي سمح ,

وراسخ وطيد متين , وذكي حاذق لبيب , وشجاع جريء مقتحم , نبيل في تواضعه , جليل في احتشامه ) ,

ويقول عنه المستشرق المجري عبد الكريم جرمانوس : ( يجمع في طبيعته روح الحرب وروح السلم , لا

يقاتل الناس ولا يعتدي عليهم , وإنما يحارب الجهل , ويقاتل الجمود ,ويكافح التأخر ) , ويقول المستشرق

الأمريكي إس تويتشل : ( يعتبر ابن سعود باتفاق آراء الناس , رجلا ذا حكمة واستقامة , وقد زادت في

شهرته وشعبيته صفات العدل والكرم وحسن الضيافة ) , ويقول المؤرخ الألماني داكوبرت فون مبكوش :

( نجح ابن سعود أيما نجاح في إيجاد الحلول لكل مشكلة , والتوفيق بلباقة بين المتناقضات , هادفا إلى

إيجاد طريق وسط بين الرجعية والتقدمية العصرية بحيث تفيد بلاده من جميع المستحدثات العصرية دون

المساس بالدين أو بالتقاليد أو العادات الموروثة , وهو أمر على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للمملكة

العربية السعودية التي تضم مكة وفيها الكعبة قبلة المسلمين , وعليها أن تكون أكثر الأمم الإسلامية تمسكا

بأحكام الدين والقرآن الكريم ) , أما الفرنسي موريس جورنو فيقول : ( إذا كان ابن سعود قد نجح في لم ّ

شعب الجزيرة العربية تحت لوائه , وإذا كان قد جعل من بلد مضطرب آهل بالعصابات , بلدا أكثر أمنا في

العالم , فمرد ذلك ليس قوة السيف فحسب , بل لأنه سكب في أعماق الأمة الناشئة أقوى عوامل التراص

والتماسك أي التقيد الشديد بأحكام القرآن , فالجرائم التي ترتكب حاليا في السعودية خلال عام كامل أقل

مما يرتكب في باريس خلال يوم واحد ) ,وقد مزجت ( أسطورة التوحيد )- كما يقول عبد الرحمن الشبيلي

- العمق الإيماني مع الدهاء السياسي وفن الإدارة وبعد النظر ووضوح الهدف والرؤية، والإقدام

العسكري، واحتواء الأعداء، وتأليف القلوب، واصطفاء الرجال والإغداق النديّ، ومكارم الخصال حتى

أضحت محل اهتمام كبار الشعراء والمؤرخين لتوثيق تفاصيلها ورصد ملامحها ومشاهدها، وفي الثالث

والعشرين من سبتمبر من كل عام تحتفل الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية بيومها الوطني تخليدا

لذكرى توحيد المملكة في كيان واحد , ودولة قوية متماسكة الأركان بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى الملك

عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله وطيب ثراه – وذلك في عام 1932م حيث أعلن

توحيدها تحت اسم المملكة العربية السعودية والتي تحتل مكانة مرموقة في التحديث والتطوير ومواكبة

روح العصر في شتى الميادين فهي تستعين بكل معطيات التقنية الحديثة للوصول إلى أهداف التنمية

الشاملة إذ تتوخى خطط التنمية الاقتصادية في المملكة تحقيق عدد من الأهداف أهمها الحفاظ على القيم

الدينية والروحية والأخلاقية وتنمية الموارد البشرية , وفي ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية

نذكر مسيرة الخير والكفاح والجهاد والإصلاح في هذا البلد الطاهر الذي تعجز الأقلام عن وصف منجزات

قادته واستمرت مسيرة الخير في البناء والتوحيد , والتعمير والتشييد , لبعث نهضة حضارية شاملة وهذا

بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بالدعم غير المحدود من حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين

وأسرة آل سعود الكريمة , وبهذه المناسبة العزيزة نتقدم بأصدق التهاني وأسمى الأماني على حكومة

وشعب المملكة العربية السعودية ونسال المولى عز ّ وجل ّ أن يديم على الجميع نعمة الإسلام , والأمن

والخير والوئام .



في شموخ ٍ واقتدار ٍ واعتـزاز= لم ّ شمل المملكـة عبد العزيـز
وحّد الأركان من غير اهتـزاز= في طموح وسيف حق ونور ميز
شاد صرح ٍ في مسار الخير فاز= وأعلن التوحيد في يوم ٍ عزيـز


عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 16 - سبتمبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-27-2010 03:29 PM

( 113 ) مدار الأفكار

قمم الهمم

يقول الشاعر العربي:

له همم لا منتهى لكبارها = وهمته الصغرى أجلّ من الدهر
وراحته لو أن معشار عشرها = على البر كان البر أندى من البحر

في تاريخ الأمم والشعوب أيام لا تنسى،ومناسبات خالدة لا تمحى، رسخت في ذاكرة التاريخ والزمن، وسكنت

وجدان المواطن والوطن ، ومن هذه الأيام الخالدة يوم الثالث والعشرون من سبتمبر عام 2009م الذي سيبقى

محفوراً في الوجدان، وفي سجل التاريخ والأذهان، حيث حلّت الذكرى الـ( 79 ) لوحدة الجزيرة العربية

وتأسيس المملكة العربية السعودية متزامنة مع قيام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل

سعود – حفظه الله ورعاه - بافتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية( كاوست kaust) والتي تمثل نقلة

حضارية بارزة في رحاب التقدم و العلم والمعرفة , وقد كانت قبل ربع قرن حلماً يرتسم في مخيلة الملك عبد

الله حتى تحقق الحلم بمشيئة الله وأصبح واقعاً شامخاً يجسد روح الطموح، وعلو الهمة وقوة الإرادة،

وقديما قيل: «الهمة طريق القمة»، و «رجل ذو همة، يحيي الله به أمة»، ويقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله

عنه : «همم الرجال تزيل الجبال، و لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها»، ويقول ابن الجوزي : «الهمة خروج

النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم والعمل»، ويقول ابن القيم في مدارج السالكين : «علو همة المرء

عنوان فلاحه»، وجاء في رسائل الإصلاح للشيخ محمد الخضر حسين «علو الهمّة: هو استصغار ما دون

النهاية من معالي الأمور» وعن فكرة إنشاء الجامعة التي تقع في محافظة ثول على ضفاف البحر الأحمر

وعلى بعد 80 كيلومتراً شمالي مدينة جدة، قال الملك عبد الله في كلمة الافتتاح: «إن الجامعة تمثل جسرا

للتواصل بين الثقافات والحضارات وإمكانياتها مسخرة لخدمة الإنسانية جمعاء في هذا العصر الذي ازدادت

فيه أهمية العلم والمعرفة لبلوغ غايات التقدم والتطور والنهوض بالأمة العربية والإسلامية، وإن فكرة إنشائها

كانت حلما ًراودني طوال 25 عاماً تحولت خلالها إلى هاجس ملح عشت معه طويلاً، وأحمد الله أنه تحول

إلى واقع شامخ نراه اليوم»، وتقول وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون : « إنها مركز عالمي

للتفوق ورغائبُ شتّى والتعلم»، ويقول رئيس جامعة ميونخ للتقنية فولفاجانج : «إنها منارة علمية واقتصادية

ليست للسعودية وحدها وإنما لجميع دول المنطقة والعالم الإسلامي»، ويقول البروفيسور محمد يونس : «إن

جامعة الملك عبد الله إنجاز تاريخي يحمل تصورا جديدا للتعليم والمستقبل»، وقال وزير البترول والثروة

المعدنية رئيس أمناء الجامعة المهندس علي بن إبراهيم النعيمي: «في ظل معاني يوم المملكة الوطني المجيد

يسجل التاريخ بادرة سعودية جديدة ستذكرها الأجيال القادمة بكثير من العرفان والامتنان والشكر لصاحب

الرؤية الرائدة في بناء هذا الصرح العلمي الحديث، و إن مشروع هذه الجامعة هو أهم وأجمل المشاريع التي

شاركت في بنائها طوال سنوات عملي، فهذه الجامعة تهيئ بيئة راقية للعلم الذي يعم ولا يخص وينفع ولا

يضر ويوفر للنوابغ من كل أرجاء العالم كل السبل والوسائل التي تمكنهم من الوصول إلى أهدافهم العلمية»،

وبقيام جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية أهم جامعة في الشرق والتي جاءت حاملة لواء العلم والمعرفة

ومشعل التقدم والريادة فقد أصبح الحلم واقعا معاشا بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم التصميم والإرادة لإعادة

المجد للأمة العربية والحضارة الإسلامية التي أسهم علماؤها في إرساء دعائم المعرفة في جميع المجالات

والعلوم الإنسانية.



يا متبع نهج الهـدى و الرشـادي= يا مسيّر الديـرة بفكـر ٍ سديـدي
كل ٍ بمنهاجك على الخيـر شـادي= يا مشيد ٍ صرح ٍ جديـد ٍ فريـدي
الله يعـزّك يـا نزيـه المـبـادي= ويا عل ّ عمرك يا أبو متعب مديدي

عبد العزيز الفدغوش
الأربعاء, 30 - سبتمبر - 2009
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Default.aspx?MgDid=122751&pageId=84

عبدالعزيز الفدغوش 06-27-2010 05:11 PM

( 114 ) مدار الأفكار

تنويع المشاريع

يقول الشاعر العربي :

إن المناصب لا تـدوم لواحـد= إن كنت تذكـر ذا فأيـن الأول
فاعمل من الفعل الجميل محامدا= فإذا عزلـت فإنهـا لا تعـزل

في ظل الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي تسعى دول مجلس التعاون الخليجي لإقامة كثير من المشاريع

التنموية الشاملة التي تغطي مختلف مجالات الحياة كالتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية والطرق الحديثة

والاتصالات والسياحة وغيرها من المجالات الحيوية. وما زالت تواصل مسيرة العطاء و البناء لتحقيق الحلم

والأمنيات الغالية لأبناء الخليج ، وقد تحقق كثير من الأمنيات والأحلام التي أصبحت حقيقة شامخة تجسد حجم

ومستوى الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع , وخلال شهر سبتمبر الفائت شهدت المنطقة تدشين عدد

من المشاريع الحيوية في كثير من دول المجلس , ففي دولة الإمارات العربية المتحدة تم بتاريخ 9 سبتمبر

2009م افتتاح مشروع ( مترو دبي ) وهو شبكة مترو آلي بدون سائق في مدينة دبي ثاني أكبر مدن

الإمارات،و يهدف المشروع إلى تخفيف حدة الازدحام المروري، وتخفيض الوقت المستغرق أثناء التنقل ويعد

بناءه نموذجاً جديداً متميزاً في فن العمارة , و يهدف إلى التخفيف من التلوث الناتج عن وسائل المواصلات

الاعتيادية،وتبلغ قيمته (15.5) مليار درهم , وسيشكل حلقة ربط رئيسية تربط مدينة دبي مع مطارها الدولي،

وفي مملكة البحرين جاء مشروع ( درة البحرين ) أو «اللؤلؤة الطالعة» ، والذي يتألف من 13 جزيرة تم

إنشاؤها على مساحة 20 كيلومترا من الأراضي البكر المستقطعة من الصحراء والبحر والتي تشكل الأساس

لإنشاء منطقة سكنية وسياحية وترفيهية بالمستويات العالمية ,و تبلغ تكلفة إنشائها ( 1.2) مليار دولار وسوف

يتم الانتهاء من المشروع بأكمله بنهاية العام الحالي ، ويتوقع أن يستوعب حسب طاقته الكاملة أكثر من 30

ألف ساكن بصورة دائمة إلى جانب 4 آلاف زائر في اليوم , أما في المملكة العربية السعودية فقد دشن خادم

الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود عددا من المشاريع التنموية والصناعية في الجبيل

باستثمارات تفوق 54 مليار ريال , إضافة إلى مشاريع جامعية فاقت كلفتها حاجز الـ(13) مليار ريال،

شملت تطوير عدد من الكليات التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم جاءت جامعة الملك عبد

الله للعلوم والتقنية والتي تعد أهم جامعة في الشرق وقد تم افتتاحها رسميًا في 23 سبتمبر 2009 مما يؤكد

أن سياسة المملكة ماضية نحو تنفيذ المشاريع التنموية والتزامها بتنفيذ الميزانيات المعتمدة لتحقيق النهضة في

البلاد , وفي سلطنة عمان تم البدء في مشروع الموج The Wave بالقرب من مسقط الذي تبلغ تكلفته 805

ملايين دولار، ويمتد على مساحة 260 هكتارا من الأراضي وبشاطئ يمتد ستة كيلومترات. ويضم المشروع

عدة أحياء تتكون من أربعة آلاف فيلا وشقة، بالإضافة إلى ملعب غولف ومارينا تتسع لحوالي 300 يخت،

بالإضافة إلى العديد من المنافذ التجارية السياحية والفنادق والمكاتب والحدائق العامة. ولا يبعد الموقع الفريد

سوى خمسة كيلومترات من مطار السيب الدولي , وسوف ينتهي العمل فيه مطلع عام 2012وكذلك مشروع

(المدينة الزرقاء) الذي يعد أكبر مشاريع السلطنة على الإطلاق وبكلفة حوالي 20 مليار دولار وهي مدينة

ساحلية كاملة تقع على مساحة 35 كيلومترا مربعا على الساحل الشمالي من مسقط، وتقع على مقربة نصف

ساعة بالسيارة من العاصمة العمانية. وتحوي وحدات سكنية وتجارية ومستشفى ومعاهد تعليمية بالإضافة

إلى قرية رياضية وحوض للأحياء البحرية وقاعة اجتماعات وينتهي العمل فيه عام 2020م ,وفي دولة قطر

بدأ العمل في مشروع ألمنيوم قطر«قطالوم»، بتكلفة 5.6 مليار دولار، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 565 ألف

طن، وهو أضخم مشروع للألمنيوم في العالم يبنى في مرحلة واحدة والأكبر من حيث الطاقة الإنتاجية

والتكنولوجية المستخدمة فيه, وسوف يفتتح في شهر أبريل 2010 م، وفي دولة الكويت سيتم الانتهاء بنهاية

العام الحالي من عدة مشاريع ضخمة منها مجمع العاصمة المشروع الضخم الذي يقع على شارع فهد السالم

في قلب عاصمة الكويت وهو عبارة عن مجمع تجاري ضخم جدا مكون من محلات تجارية ومقاه ومطاعم

ودور للسينما وناد صحي وشقق فندقية و يحتوي على برج للمكاتب بارتفاع 70 دوراً ويضم المشروع

مساحات زراعية تجميلية كثيرة لإعطاء الموقع طابعا جماليا وكذلك مدينة الأعمال الكويتية وهي فريدة من

نوعها في الكويت حيث تخدم التجار ورجال الأعمال و تحتوي على 9 أبراج , و مشروع ( الجوفرا) الذي

يتكون من 3 أبراج ومجمع تجاري و فندق كبير و دور سينما و حديقة على سطح المجمع وغيرها من

المشاريع المهمة , ونسأل الله أن يديم على خليج الخير والعطاء نعمة الأمن والرخاء ,وفيض من الازدهار

والاستقرار .


يا الله تعز ّ بلادنـا بيـن الأوطـان= وتضفي علينا نعمة الأمن والديـن
ست الدول تسعى على عز ّ الإنسان= وبيّن لها في كل محفـل براهيـن

عبدالعزيز الفدغوش


عبدالعزيز الفدغوش 06-29-2010 06:50 PM

(115 ) مدار الأفكار


تشرين الميامين

يقول الشاعر العربي :

تشرين يا موعد الفرسان يا قدراً = يجثو على قدمي ميلاده الفخـر
تعانق النسر والتاريخ ملحمـة = وكبّر العشب والينبوع والحجـر

إن بعض الأحداث تستقر بالأذهان , وتستوطن الذاكرة والوجدان , ويسطرها التاريخ بحروف من نور, وتأتى

حرب أكتوبر المجيدة ويوم النصر العبور في مقدمة تلك الأحداث ففي السادس من أكتوبر (تشرين ) عام

1973م ، وقعت حرب العزة والفخر والكرامة والتي دارت رحاها بين كل من مصر وسوريا من جانب

وإسرائيل من الجانب الآخر, و بدأت المعركة بهجوم مفاجئ من قبل الجيش العربي المصري والسوري على

القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان وقد عبر الجيش العربي خط الهزيمة إلى

النصر وخط بدماء الشهداء عنواناً للكرامة العربية فكان نصر أكتوبر المؤزر الذي أحدث انقلابا جذريا في

معادلة الصراع ( العربي - الإسرائيلي ) والاستراتيجيات العسكرية التي عرفها العالم , وجسّد قوة الإرادة

ووحدة وتكاتف العرب ,وقد كان دور الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – بارزا في حرب

أكتوبر والذي سجله الرئيس المصري أنور السادات -رحمه الله - حين قال: ( إن الملك فيصل هو بطل

معركة العبور، وسوف يحتل اسمه الصفحات الأولى من تاريخ جهاد العرب، وتحويلهم من الجمود إلى

الحركة، ومن الانتظار إلى الهجوم، وهو صاحب الفضل الأول في معركة الزيت، وهو الذي تقدم الصفوف

وأصر على استعمال هذا السلاح الخطير، والعالم مندهش لجسارته، وهو الذي فتح خزائن بلاده للدول العربية

المحاربة، تأخذ منها ما تشاء لمعركة العبور والكرامة، وتسحب ما تشاء بلا حدود ) , وفي أكثر من كتاب

صدر عن حرب تشرين جاء التأكيد على أن ما جرى كان مفاجأة إستراتيجية للعدو من الزاوية العسكرية

وأن النصر الذي حققه الجيش العربي المصري والسوري يمثل نموذجاً فريداً لمواجهة ناجحة للجيش الأقوى

في المنطقة الذي اعتبره الخبراء خامس جيوش العالم من حيث القوة والتجهيز بالمعدات الحديثة , ويقول زياد

أبوشاويش : (إن سر الانتصار يكمن في مسألتين هامتين جعلتاه واقعاً فرض على عدو متغطرس ومدجج

بالسلاح هما الإرادة الصلبة والرغبة في دحر إسرائيل وهزيمتها، والثانية في القدرة على استيعاب آليات

وتكتيكات حرب عصرية حديثة تستخدم فيها تقنيات متطورة للغاية ), وفي مذكراته عن حرب أكتوبر يقول

حاييم هيرتزوج رئيس دولة إسرائيل الأسبق : ( لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان

ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم لقد كانوا صبورين

كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماما حتى بدأ العالم الخارجي يتجه إلي

الثقة بأقوالهم وبياناتهم ) ,وفي مؤلفها ( كتاب حياتي ) تقول غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل خلال

حرب أكتوبر : ( إن المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء وتوغل السوريون في العمق

علي مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة علي الجبهتين وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا

نطلع الأمة علي حقيقة الموقف السيء أم لا في مجال الكتابة عن حرب يوم الغفران لا كتقرير عسكري بل

ككارثة قريبة أو كابوس مروع قاسيت منه أنا نفسي وسوف يلازمني مدي الحياة ) , ويقول موشيه ديان

وزير الدفاع الإسرائيلي : ( إن إسرائيل تواجه لأول مرة منذ عام 1948م حربا هجومية تقترن بخطة

مدروسة وتوقيت محكم ) , وفي كتابه ( زلزال أكتوبر) يقول زئيف شيف المعلق العسكري الإسرائيلي :

(هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال

ويحتاجون إلي علاج نفسي هناك من نسوا أسماءهم , لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة في حرب

يوم عيد الغفران وفي تحقيق نجاحات عسكرية , لقد أثبتت هذه الحرب أن علي إسرائيل أن تعيد تقدير

المحارب العربي فقد دفعت إسرائيل هذه المرة ثمنا باهظا جدا , لقد هزت حرب أكتوبر إسرائيل من القاعدة

إلي القمة وبدلا من الثقة الزائدة جاءت الشكوك وطفت علي السطح أسئلة هل نعيش على دمارنا إلى الأبد

هل هناك احتمال للصمود في حروب أخرى ) , وتعد حرب أكتوبر والتي انتهت رسميا بالتوقيع على اتفاقية

فك الاشتباك في 31 مايو 1974م إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي وفيها تم استرداد السيادة الكاملة

على قناة السويس، وإعادة شبه جزيرة سيناء و جزء من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة

,و كذلك تم تدمير خط بارليف و تحطيم أسطورة ( أن جيش إسرائيل لا يقهر ) والتي كان يقول بها قادة

الجيش في إسرائيل قبل هزيمتهم في حرب أكتوبر , ولاشك أن انتصار العرب في هذه الحرب يعد انتصارا

للمقاتل العربي وللإرادة العربية .


ياحرب تشرين الفخر بين الأوطان= عدتي لنا نصر العـرب بالمياديـن
من منهجك نستلهم الدرس وكدان= حيث ٍ لنا بالعز ّ ترجـح موازيـن
يشهد لنا التاريخ في ماض الأزمان= ويشهد لنا تشرين بالعسر و اللين

عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 7 - أكتوبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 06-30-2010 10:30 PM

( 116 ) مدار الأفكار

توبيخ الشيخ

يقول الشاعر العربي :


إن الحجاب الذي نبغيه مكرمة = لكل حواء ما عابت ولم تعب
نريد منها احتشاما عفة أدبـا= وهم يريدون منها قلة الأدب

إن الحجاب عفة وعبادة ,وطهارة وسعادة , وتاج للوقار, وحاجب عن النار وفتن الأنظار,ويعني كما جاء

في قواميس اللغة المنع أو الستر عن الأنظار, وشرعا هو حجب زينة ومفاتن المرأة عن أنظار الرجال ,

قال تعالى : ( وإذا سألتموهن فاسألوهن من وراء حجاب ) ( الأحزاب : 53 ) ومكمن زينة المرأة الملفت

لنظر الرجال هو (الوجه المظهر لزينتها ), ومعنى احتجبت المرأة أي منعت أنظار الرجال إليها بغطائها

لوجهها وجسدها بالجلباب قال تعالى : ( يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن

من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) ( الأحزاب : 59 ) وجاء في

الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال: ( يا رسول الله لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب).

فأنزل الله آية الحجاب, وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرأة

عورة)و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم

ينظر الله إليه يوم القيامة) فقالت أم سلمة رضي الله عنها: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: ( يرخين

شبراً ) فقالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: ( فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه ) وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله

عنها قَالَتْ : ( كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا

سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا وعَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاه), وقد فرض الله الحجاب على نساء

المسلمين, كما أنه كان معروفاً في شرائع الأمم من قبلنا ، ونرى ذلك في لباس الراهبات المحتشم عند

النصارى ، أما عند العرب في الجاهلية فيعد ستر النساء وصيانتهن من المآثر و مكارم الأخلاق كما

جاء ذلك في مفاخرهم و أشعارهم ، وعن صفة الحجاب الشرعي يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز

رحمه الله : ( الحجاب الشرعي هو أن تحجب المرأة كل بدنها عن الرجال : الرأس والوجه والصدر والرجل

واليد , لأنها كلها عورة بالنسبة للرجل غير المحرم لقول الله جل وعلا : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ

مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) وقوله : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ) المراد بذلك أزواج النبي صلى الله

عليه وسلم وغيرهن من النساء كذلك في الحكم وبين سبحانه أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء

وأبعد عن الفتنة وقال سبحانه : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ) ,والوجه من أعظم الزينة

والشعر واليد كذلك ويمكن أن تحجب المرأة وجهها بالنقاب وهو الذي تبدو منه العينان أو إحداهما ويكون

الوجه مستور , لأنها تحتاج إلى بروز عينها لمعرفة الطريق ويمكنها أن تحتجب بحجاب غير النقاب

كالخمار لا يمنعها من النظر إلى طريقها لكن تخفي زينتها وتستر رأسها وجميع بدنها وعلى المرأة أن

تجتنب استعمال الطيب عند خروجها للسوق أو المسجد أو محل العمل إن كانت موظفة ؛ لأن ذلك من

أسباب الفتنة بها) .ولأن الحرب و منذ أقدم العصور قائمة بين الخير والشر , وبين الفضيلة والرذيلة فقد

نال الحجاب الإسلامي نصيبه من هذه الحروب والتي جاءت بشعارات باطلة مثل تحرير المرأة والمساواة

بالرجل ومحاربة الرجعية , وقد تبنى تلك الشعارات الزائفة كثير من دعاة الباطل وسعاة الفتنة وأرباب

التغريب ولم يكن الأمر مستغربا منهم ولكن الغريب والمستهجن هو ما أقدم عليه شيخ الأزهر محمد سيد

طنطاوي أثناء تفقده لأحد المعاهد الأزهرية في مدينة نصر حيث فوجئ أثناء زيارته للمعهد بطالبة في

الصف الثاني الإعدادي ترتدي النقاب داخل قاعة الدرس فانفعل وطالبها بخلعه, و قال أمام التلميذات : (إن

النقاب مجرد عادة ولا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد), ونسي أنه قال في مؤتمر صحفي عام

2003 م : ( إن مسألة الحجاب للمرأة المسلمة فرض إلهي، وإذا قصرت في أدائه حاسبها الله على ذلك؛

ولذلك لا يستطيع أي مسلم سواء كان حاكمًا أو محكومًا أن يخالف ذلك، هذا إذا كانت المرأة المسلمة تعيش

في دولة إسلامية) ، والأدهى والأمر أن المفتي أصدر بعد ذلك قراراً يقضي بحظر ارتداء النقاب في جميع

المعاهد الأزهريّة رغم أن قانون منع ارتداء الحجاب في أماكن الدراسة يعد تدخلا في مجال الحريات

الفردية، ومنها اللباس الذي يعد تعبيرا عن الانتماء الحضاري والديني والفكري للشخص وميوله

الشخصية, ويقول الدكتور روان ويليامز رئيس أساقفة كانتربري : ( إن التشريع الفرنسي بشأن حظر

الحجاب في المدارس الحكومية يعد استفزازيا ومدمرا جدا) .



يا شيخ ما فعلك بفعل المشايـخ= يا مجازي ٍ من يتبع الحق توبيخ
رأس الفتى مما جرى منك دايخ= والله يعين المبتلى في ضرر شيخ

عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 11 - أكتوبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 07-01-2010 07:30 PM

( 117 ) مدار الأفكار

شكرا للواسطة

يقول الشاعر العربي :

الناس للناس من حضر ٍ وبادية ٍ = بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
وكل عضو ٍ لأمر ٍ ما يمارسهُ = لا مشي للكفّ بل تمشي بك القدم

إن الواسطة ظاهرة اجتماعية موجودة في كثير من المجتمعات، و قد نشأت مع حاجة الإنسان إلى تأمين

متطلبات معيشته، وتحسين أوضاع حياته. حيث أن لجوء الناس إلى الواسطة وطلب شفاعة أصحاب

السلطة والنفوذ, والجاه و المال ,معروف منذ القدم وذلك بهدف تذليل الصعوبات وتحقيق المصالح والرغبات ,

والواسطة نوعان واسطة محمودة و أخرى مذمومة ,فالواسطة المحمودة تتمثل في مساعدة شخصاً ما

للحصول على مطلب يستحقه أو إعفائه من شرط لا يجب عليه الوفاء به أو أن تساعده في الحصول على

حق لا يلحق الضرر بالآخرين, أما الواسطة المذمومة فهي أن تقوم بهذا الدور لحصوله على حق لا يستحقه

أو إعفائه من حق يجب عليه دفعه مما يلحق الضرر بالآخرين، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قول

الحق سبحانه وتعالى : ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها)

( النساء : 85 ) , و يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (اشفعوا تؤجروا ) ويقول أيضا : (لأن أمشي مع

أخي في حاجة خير لي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً ) , ويقول الشاعر : (وأحسن الناس بين الورى

رجل ** تقضى على يده للناس حاجات ) , ويرى (عبد الله الممدوح ) وهو أحد مثقفي بلاد ( الواق واق )

بأن الواسطة عمل سيئ وفعل ممقوت، ومحرم شرعاً، وتعيق تقدم المجتمع , وتنسف مبدأ المساواة وتكافؤ

الفرص وتؤدي إلى ظلم الناس والإضرار بمصالحهم مهما أضفي عليها من مسميات لتجميل صورتها,وهي

ظاهرة سلبية يجب محاربتها بكل الوسائل والطرق,وعندما عاد إلى بلاده حاملا شهادته الجامعية وبتقدير

امتياز وبتخصص نادر يحلم أن يخدم من خلاله وطنه إلا أن ذلك لم يشفع له بالحصول على وظيفة تناسب

تخصصه المطلوب والمرغوب ولا حتى في مجال آخر, وأثناء مراجعاته الكثيرة للوزارات والدوائر كان

يصطدم بواقع الأنظمة واللوائح و البيروقراطية و الروتين الممل والإجراءات المعقدة التي ليس لها فائدة سوى

تأخير المعاملات وتعقيدها ,بينما زميله (عبد الحميد المادح ) قد حصل على وظيفة مرموقة بسهولة ويسر

وفي زمن قياسي بالرغم من أنه أقل منه تقديرا وأدنى تخصصا فتحرى عن السر فوجده يكمن في الواسطة

ودورها الفاعل في المجتمع والتي تنعت بـ ( فيتامين واو ) وقد جبل عليها كثير من الناس حتى صارت

جزءاً من حياتهم اليومية , وأصبح من المعتاد أن يمنح المسؤول من خلال موقعه امتيازات لأقاربه ومعارفه

وهم لا يستحقونها شرعاً وقانوناً، ويحرم منها صاحب الحق الأصلي والأولى بها رغم أن الوظيفة التي تستغل

من قبل البعض استغلالاً خاطئاً لتحقيق المآرب والمصالح الخاصة هي أمانة ومسؤولية و تكليف لا تشريف ،

وفقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه، ناصحاً له ومرشداً: ( يا أبا ذر إنها

أمانة، وإنها حسرة وندامة إلا من أخذها بحق الله فيها ) ,عند ذلك أدرك عبد الله بأن الواسطة أهم من الشهادة

والكفاءة وقد انتشرت انتشاراً واسعاً في كثير من مؤسسات بلاده حتى أنها أصبحت تعرف في المراجع

الأجنبية باسمها المتداول في محيطه Wasta)) ، لذا فقد نازعته بعض الأفكار وأحتار فيما يختار منها فأما

العودة إلى بلاد الغربة التي تدرس بها حيث أن الواسطة في المجتمعات المتقدمة تعد شبه نادرة، وأن الكفاءة

في العمل والإخلاص فيه هما المقياس الأساسي للنجاح والأفضلية ,أو أنه يخضع لسلطان الواسطة ويتخلى

عن نظرته لها باعتبارها من معوقات التنمية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية, وجاء قراره لصالح الاختيار

الأخير وركب موجة الواسطة وحقق من خلالها الوظيفة التي كان يحلم بها وغيرها من متطلبات الحياة

,فأصبح ينظر إلى الواسطة بأنها علاج المعضلات ,والسند في كل الأمور والملمات ,وكتب على مكتبه

( شكرا للواسطة ) فهي التي تخدم الأوطان وتحقق طموح الإنسان .


يا متبع بالجاه منهاج الأخيار=وشفاعتك دايم على نية الخير
تدفع بجاهك والوساطة للأضرار=حيث ٍ لك بالمجتمع قوّ تأثير
لك الثناء يا صاحب الجاه والكار = وآيات شكر ٍ بالمعاني وتقدير
عبد العزيز الفدغوش
الأربعاء, 14 - أكتوبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 07-01-2010 08:27 PM

( 118 ) مدار الأفكار

شرور السفور

يقول الشاعر العربي :


منع السفور كتابنا ونبينا= فاستنطقي الآثار والآيات
صوني جمالك بالبراقع إنّها= ستر الحسان ومظهر الحسنات

إن نعمة الله على المرأة المسلمة عظيمة,ومنته عليها كبيرة جسيمة ,حيث هيّأ لها في الإسلام أسباب

سعادتها ,وصيانة فضيلتها وحراسة عفتها, ودرء المفاسد والشرور عنها وتثبيت كرامتها , لتبقى زكية

النفس,طاهرة الخلق منيعة الجانب مصونة عن كل موارد التهتك والابتذال ,محمية عن أسباب الزيغ

والانحراف والانحلال , فلقد أكرمها الإسلام أعظم إكرام ,وصانها عن العيون ونظرات واللئام ,وتكفل لها

بحياة كريمة , شعارها الستر والنقاء , ودثارها العفاف والحياء , ورايتها إشاعة الأدب وتثبيت الأخلاق

,وغايتها صيانة الشرف وحماية الفضيلة ,ونبذ مواطن الفساد والرذيلة , وستبقى المرأة المسلمة عزيزة

الجانب ,رفيعة المنال ,ما دامت متمسكة بدينها ,محافظة على أوامر ربها ,مطيعة لنبيّها مسلمة وجهها لله ,

مذعنة لشرعه وحكمه ,فتنال بذلك السعادة والراحة في دنيا العناء ,والثواب والأجر في دار القرار و البقاء

,ومن المؤلم والمؤسف أن المرأة المسلمة تتعرض لهجمات شرسة ومؤامرات حاقدة ومخططات آثمة

تستهدف الإطاحة بعفتها ودك كرامتها ,وخلخلة دينها وإيمانها ووأد فضيلتها ,وبين فترة وأخرى يتجدد جدل

دعاة السفور , وأرباب التضليل والفجور ,استنادا إلى أحاديث ضعيفة, والإدعاء بأن الشريعة الإسلامية لا

تأمر المرأة بتغطية الوجه والكفين عند الرجال الأجانب ويعد ذلك القول فتنة ظاهرة وخطرا عظيما على

مجتمعات الأمة الإسلامية و كما يقول الشيخ زيد المدخلي : ( إن كشف المرأة وجهها وكفيها أمام الرجال

الأجانب حرام لا يجوز لأدلة صريحة صحيحة نقلية وعقلية وعرفية ) , وذكر العديد منها في رسالته القيمة

الموسومة ( وجوب ستر الوجه والكفين ) ,ومن تلك الأدلة قول الله عز وجل: ( ولا يبدين زينتهنّ إلا ما

ظهر منها )( النور:31) أي مما لا يمكن إخفاؤه من الثياب الظاهرة من جلباب ومقنعة ونحوهما أو

ما ظهر بدون قصد بل بسبب أمر غير اختياري كهبوب الرياح أو حمل المتاع ونحوهما مما يعفي عن

المرأة إذا انكشف وجهها وكفاها بسببه,وقوله تعالى: ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين

يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين )( الأحزاب : 59 ) ,و في معنى الآية قال ابن

الجوزي أي يغطين رؤوسهن ووجوههن ليعلم أنهن حرائر , والمراد بالجلابيب الأردية ,ويقول أبو حيان

في البحر المحيط , قوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن ) شامل لجميع أجسادهن و المراد بقوله

( عليهن ) أي وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه ,وقال أبو السعود الجلباب ثوب

أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقي منه ما ترسله على صدرها ,أي يغطين به

وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي ,وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي

صلى الله عليه وسلم قال : ( المرأة عورة ) وهو دليل صريح على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق

الرجال الأجانب ووجهها وكفيها أولى بالستر لأنها محل الرغبة من الرجال ومحل الفتنة من النساء وقد فقه

الإمام أحمد بن حبل رحمه الله مدلول حديث ابن مسعود فقال ( ظفر المرأة عورة ) , أما حديث كشف

(الوجه والكفين ) الذي يستدل به كثير من دعاة التغريب والسفور فقد ضعفه جمع من العلماء وحتى يتضح

موضع الضعف يحسن أن نذكر سند الحديث فقد روى أبو داود في سننه قال: حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي

ومؤمل بن الفضل الحراني، قالا: حدثنا الوليد عن سعيد عن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك، عن عائشة –

رضي الله عنها -، أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعليها ثياب رقاق

فأعرض عنها وقال: ( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا) وأشار إلى

( وجهه وكفيه) , قال أبو داود: هو مرسل وكذا قال أبو حاتم الرازي, وعندما سئل العلامة عبد العزيز بن

باز- رحمه الله - عن ذلك الحديث قال : (هذا الحديث ضعيف جداً، ولا تقوم به حجة للعلة المذكورة، وهي

الانقطاع بين خالد وعائشة، وهو مراد أبي داود وأبي حاتم بقولهما مرسل، ولضعف سعيد بن بشير، وتدليس

قتادة وقد عنعن وبذلك يتضح أن هذا الحديث بهذا الإسناد في غاية الضعف والسقوط؛ لهذه العلل الثلاث، ولو

صحّ لكان محمولاً على ما كانت عليه الحال، قبل نزول آية الحجاب، وهناك علة خامسة وهي نكارة متنه فإنه

لا يظن بأسماء - رضي الله عنها - مع تقواها وإيمانها أن تدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم – في

ثياب رقاق ولا تستر عورتها), لذا فأنه لا محيص للمرأة المسلمة من استعمال اللباس الشرعي الذي

أساسياته النقاب على الوجه إلا العين والقفازان للكفين أو ما يقوم مقامهما ويؤدي وظيفتهما وذلك عند

الاختلاط بالأجانب لاسيما في هذا الزمان الذي قل فيه الأخيار وكثر فيه الأشرار,ومن دعا إلى كشف وجه

المرأة وكفيها أمام الأجانب متذرعا بما لا يسوغ ذلك شرعا فإنه لا يبحث عن كشفهما فقط، لكنه يريد

العراء الكامل والفساد العريض، يريد أن تخرج المرأة متفسخة لا تتقيد بقيد من قيود الشرع، فهو يبدأ

بالوجه والكفين لأن هذا هو معيار الحياء، فإذا كشفت المرأة وجهها سهل عليها بعد ذلك أن تكشف بقية

الجسد؛ لأن الحياء قد تمزق، ولأن الجمال أصبح مكشوفاً أمام الناس، ومن سن سنة سيئة يحمل وزرها ووزر

من عمل بها ومن تاب إلى الله وأناب تاب الله عليه ويبدل سيئاته حسنات , ولأن الحق أحق أن يتبع فقد

تراجع شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي عن أفكاره المناهضة للنقاب، مؤكدا احترامه الشديد للنساء المنقبات

وأنه ليس ضد النقاب بأي حال من الأحوال، وللمرأة أن ترتديه (سواء كانت حلوة أو وحشة( , وكما يقال

(رجوع بالحق ولا تماد بالباطل ) .



يا دعاة الغي وشرور السفور = شركم شر ٍ عظيم ٍ مستطير
ضيعت دعواتكم حور الخدور = والدعاوي منّكم غرّت غرير
كل داعي شرّ يقمح ومعثور = والشريعة فيض نور وديم خير

عبد العزيز الفدغوش


الأحد, 18- أكتوبر - 2009

عبدالعزيز الفدغوش 07-01-2010 10:26 PM

( 119 ) مـدار الأفكــار

تنصير المغارير

يقول الشاعر العربي :


الله أكبر إن دين الله حق= والقرآن أقوى وأقوم قيلا
لا تذكر الكتب السوابق قبله= طلع الصباح فأطفئ القنديلا


نسمع ونقرأ بين الحين والآخر بأن العقائد الخاطئة,والمذاهب المنحرفة آخذة في التغلغل عبر وسائل كثيرة ,

وطرق متعددة , للنفاذ ونفث سمومها بين أبناء الأمة الإسلامية , وكما يقول الشيخ نبيل العوضي : ( إن

الشكاوى كثرت من توزيع منشورات كثيرة على السيارات وعند أبواب المنازل تدعو إلى الدين النصراني،

ونحن وإن كنا واثقين من عدم قدرة أي دين على اختراق ديننا أو إقناع أي مسلم فهم دينه ودخل الإيمان

قلبه بترك دينه، فإن حدث لأحد فهو من الذين آمنوا بلسانهم ولم يدخل الإيمان قلوبهم، إلا إننا مع هذا

نؤمن أن ديننا هو خاتم الأديان و ناسخ لكل دين قبله، ولن يقبل الله دينا سواه (ومن يبتغ غير الإسلام دينا

فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ( آل عمران : 85 ) ,ويتقن دعاة التنصير وسائل الدس

والتدليس وإغراء الناس بالأماني العذبة و والمستقبل الباهر الذي يحقق حسب مزاعمهم ووعودهم العدل

المساواة , والحرية والرخاء , مما يصعب كشفه وتمييزه سيما بين الطبقات الغريرة و الغــرّ والغرير

كما يقول أرباب اللغة هو من لا تجربة له , فيقال شاب غرّ وغرير وجارية غرّة وغريرة , ويجمع الغرّ

أغرار, والغرير أغرّاء , ومصدرها الغرارة , وفي اللهجة يقال ( مغارير ) و يقول النبي صلى الله عليه

وسلم : ( المؤمن غرّ كريم والكافر خبّ لئيم ) أي أنه ليس بذي نكراء فالغرّ الذي لا يفطن للشر ّويغفل

عنه والخبّ ضد الغرّ وهو الخدّاع المفسد ,والغار هو الغافل والغرّة تعني الغفلة وفي المثل يقال : ( الغرّة

تجلب الدّرّة ) أي أن الغفلة تجلب الرزق ,وممن ينطبق عليهم النعت السابق شباب من أبناء القبائل

العربية عرفوا بالطيبة , والنشاط , وكرم الشمائل ودماثة الأخلاق , إلا أن معاناتهم ومعضلتهم تكمن في

كونهم من فئة (البدون ) أي إنهم عديمي الجنسية , ويقول أحدهم بأنه سمع عن بارقة أمل تلوح في

أفق بعض البلدان الأجنبية و تتمثل بوجود لجان تسعى عن طريق سفارات بلدانها لمساعدة( البدون )

ومنحهم جنسيات تلك الدول بشرط أن يتم تغيير الديانة من الإسلام إلى النصرانية وهو تغيير - كما يؤكد

وسطاء التجنيس - صوريا وعلى الأوراق فقط والهدف منه سرعة إنجاز المعاملات وتسهيل وضمان عملية

التجنيس ولا تأثير له على العقيدة لأن حرية الأديان مكفولة على - حد قولهم - وفق أنظمة وقوانين تلك

الدول , ويتساءل ( الشاب الغرّ ) ومعه الكثير, عن موقف الإسلام من ذلك وتأثيره على المدى البعيد على

أبنائهم ؟ , مع الأخذ بعين الاعتبار دوافع ومنافع التجنيس والهجرة لطالبيها ولأن البقاء على الوضع

الحالي كما يرى سيزيد من تفشي ( الجهل , الفقر, التشرد , المرض ,والبطالة ) بين المسلمين من أبناء

هذه الفئة , وهذا ما لا يقره الإسلام لما له من مردود سيء وضار ,وهل ينطبق على من قبل من البدون

بالوضع الحالي بمساوئه قول الحق سبحانه وتعالى : ( إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا

فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم

جهنم وساءت مصيرا ) ( النساء : 97 ) ؟ , لأن الأرض الوارد ذكرها في الآية تعني كل بقعة من بقاع

الأرض تصلح الهجرة إليها , أو أن الهجرة في كل زمان ومكان يجب أن تكون بقصد صحيح ونية خالصة

غير مشوبة بشيء من أمور الدنيا مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيّات ،

وإنما لكل إمريء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت

هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) , ولأن الإنسان يجهل أمورا كهذه

فإنه يلجأ - كحال السائل - إلى أهل العلم و الذكر يسألهم في أمور دينه ودنياه استجابة لقول الله

سبحانه وتعالى: ( فأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) (النحل: 43 ) ! هكذا يترك أبناء جلدتنا من

العرب المسلمين تتقاذفهم أمواج التغرير والتنصير؟!بينما نفرح و نحتفي عندما يدعي أحد الوافدين من

العمالة الآسيوية اعتناق الإسلام لمصلحة يصيبها ,وعلى سلم أول طائرة تقله عائدا إلى بلاده ينسى كل ما

أدعاه , ولا نقصد بالطبع الجميع , فهناك أناس شاء الله لهم الهداية فبعد أن كانوا على شفا حفرة من النار

أنقذهم الله منها فدخلوا في الإسلام , وشهدوا للواحد العلّام , ولنبيه خير الأنام , فأنقذهم الله من رجس

الأوثان وضلالة الأديان إلى نور الإسلام ونعيم الإيمان .


يا مرتجي ضوح ٍ سرى بين بالأقطار= لا تنخدع بوعود زيف المناشير
وش عاد لو كثرت مناشير الأخطار= ترى الهدف تنصير بعض المغارير

عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 21 - أكتوبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newthread....newthread&f=34

عبدالعزيز الفدغوش 07-01-2010 10:54 PM

( 120 ) مدار الأفكار

شعراء الأضواء

يقول الشاعر العربي :


الشِّعـر يلهج بالحقيقـة واقعـاً = مُـرَّاً وحلـواً بالمعـاني فائض
الشِّعـر ديــوانُ الحياة ورسْمُها = يحكي صداها بالمعـاني نـابِضُ

يعد الشِّعر رأسُ الآداب و ُفنُّ العربية الأول ,وأكثر فنون القول هيمنة، فهو ديوانُ العرَب ,و سجلُّ الأمجاد

والمفاخر,وخزانة التراث والمآثر,وسفر التاريخ والأنساب ,وعنوان البلاغة وقاموس اللغة والآداب,

وروايته وتعاطيه شأن النُّخبة من الأذكياء والعلماء ، وتعلُّمه وإتقانُه والاستشهاد به شرطٌ أوَّليٌ لطلب العلوم

الأخرى من فقْه وتفسير وحديث ونحو وبلاغة, و قد حثَّت الشريعة الإسلامية على قول الشعر وإنشاده في

نصرة الحق وأهله, وكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة)

, ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( خير صناعات العرب أبيات يقدِّمها الرجلُ بين

يدَي حاجته,يستميل بها الكريم ويستعطف بها اللئيم) ,ولا يخفى على ذوي البصر أن أشعار العرب هي

مجامعُ الاحتجاجات بفصاحة الكلام ودلالته وحسْن تركيبه , ويقول ابن عباس : (إذا قرأتم شيئاً من كتاب

الله فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب ,و إذا أعْيَتْكُم العربيةُ في القرآن فالتمسوها في الشعر فإنه ديوان

العرب ) , ويقول ابن سيرين: (الشعر كلام عُقِدَ بالقوافي فما حسُن في الكلام حسُن في الشعر وكذلك ما

قبُحَ منه ) , وقيل لسعيد بن المسيب : إن قوماً بالعراق يكرهون الشعر فقال : (نسَكوا نُسُكاً أعجمياً ) ,

,فالشِّعر وثيقة يمكن الاعتماد عليها في التعرُّف على أحوال العرب وبيئاتهم وثقافتهم وتاريخهم دون إخراجه

من دائرة الفن إلى دائرة أخرى ,ويقول ابن سلام في طبقات فحول الشعراء : ( كان الشعر في الجاهلية

ديوان علمهم، ومنتهى حكمهم، به يأخذون، وإليه يصيرون) , وفي عيون الأخبار يقول ابن قتيبة : (الشعر

معدن علم العرب، وسفر حكمتها، وديوان أخبارها، ومستودع أيامها) , وفي كتاب الصناعتين يقول

العسكري : (الشعر ديوان العرب، وخزانة حكمتها، ومستنبط آدابها، ومستودع علومها) ,و يكمن تأثير

الشعر في قوة نفوذه في جميع المستويات ,وعلى كافة الأصْعِدة في المجتمعات,إذ أنه يخاطَب به الفردُ

والقبيلة , والرجلُ والمرأة ،والعالم والجاهل , والكبير والصغير ، والقوي والضعيف ،والغني والفقير

،والكريم والبخيل،والقريب والبعيد ,وله تأثير في القِيَم والمبادئ والسلوكيات ، وفي الأخلاق والأفكار

والتوجُّهات, ولدى الأُمم والشعوب والحضارات ، ويشحْذِ الهمم والمدارك والتطلُّعات ، وتتجلى أهمية

الشعر في صقْل المواهب وتنمية القدُرات, وقد فطِن السلفُ لذلك فأَوْلَوْه الرعاية والتشجيع ,فجاء في

كتاب العمدة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب لأبي موسى الأشعري : ( مُرْ من قِبَلَك بتعلُّم

الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق ، وصواب الرأي ، ومعرفة الأنساب ) ,ويقول معاوية بن أبي سفيان

رضي الله عنه : ( يجب على الرجل تأديبُ ولده , والشعر أعلى مراتب الأدب) ,ويقول الزبير بن بكار :

سمعت العمريَّ يقول : ( رووا أولادكم الشعر , فإنه يحل عقدة اللسان ، ويشجِّع قلبَ الجبان ، ويُطلق يدَ

البخيل ، ويحضُّ على الخلق الجميل ), وفي الوقت الحاضر يحظى الشعر, والشعبي منه على وجه

الخصوص باهتمام كبير في مجلس التعاون لدول الخليج العربية, ومما يؤسف له أن الأضواء أصبحت في

الغالب الأعم تمنح للأدعياء ومحترفي فن تسويق الذات على حساب جودة وأصالة الشعر ولكن يكمن

العزاء في أن الإنسان الفاهم الواعي يدرك أن الشهرة وتسليط الأضواء لا تعني بحال من الأحوال الجودة

والتميز , والتمكن والاقتدار وذلك في كل مجالات الحياة ومنها الشعر والفن فأغنية ( صبوحة خطبها نصيب)

و ( أنا بأكره إسرائيل ) و( البامبو السوداني) من أكثر الأغاني شهرة في الوطن العربي إن لم تتجاوز

خارطته إلى المنفذ العالمي بالرغم من ضعف الكلمات ورداءة اللحن وسوء الأداء وعلى هذا القياس نجد إن

بعض أدعياء الشعر ركبوا الموجة ودخلوا ساحته قسرا ارتكازا على عوامل المحاباة والمجاملة وتبادل

المصالح بالرغم من فشل هذه الفئة بالتميز والعطاء إلا إنها تحظى بالأضواء وتتمتع بشهرة واسعة في طول

الخليج وعرضه وهذه الشهرة مستمدة من حركاتهم التمثيلية وتصنعهم الحماس أثناء الأداء وتعالي صراخ

البعض أو التغنج والابتعاد عن الرجولة والرزانة ومنهم من ينافس أشهر الراقصات بحركاته التمثيلية

المضحكة فتجدهم أضحوكة الجمهور مما يفقد الشعر جوه الحماسي أو العاطفي ويتحول الشعر مع هذه الفئة

المشهورة بالتمثيل من مرآة لآمال وآلام المجتمع إلى تهريج وخواء فكري .


يا كاتب التاريخ سجّل للأجيال =وأنظر لشعر (عوير) و(صوير) بالحيل
ما عاد به تجسيد عن واقع الحال= وقـيل ٍ بليا أهداف ماله محاصـيل
خالي من المضمون وآيات الأمثال= ما غير تهريج ٍ و صوت ٍ و تمثيل

عبدالعزيز الفدغوش

الأحد, 25 - أكتوبر - 2009


عبدالعزيز الفدغوش 07-03-2010 09:05 PM

(121 ) مدار الأفكار

طلال الأفعال

يقول الشاعر العربي :

هو الموت ما عنهُ ملاذٌ ومهرب= ٌمتى حطَّ ذا عن نعشهِ ذاك يركبُ
نؤمل آمـالاً ونرجـو نتاجهـا= وباب الردى مما نؤمـل أقـربُ

إن الدنيا دار عناء و فناء ،والآخرة دار قرار وبقاء , وقد خلق الله سبحانه وتعالى الموت وجعله النهاية

الطبيعية لكل المخلوقات, قال تعالى : (كل شيء هالك إلا وجهه) ( القصص : 88 ) , وقال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ

ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ

مَتَاعُ الْغُرُورِ)( آل عمران : 185 ), وقال جل ّ وعلا : (كل من عليها فان *ويبقى وجه ربك ذو الجلال

والإكرام) ( الرحمن : 26-27 ) , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عش في الدنيا كأنك غريب أو

عابر سبيل) , وقال أيضا: ( أتاني جبريل فقال : يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك

مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس) ,

ويقول ابن عمر رضي الله عنهما : (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ

من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك ) ، فالموت حق ،وطارق لا يرد ولكل أجل كتاب,وفي الأسبوع

الماضي غيّب الموت صوت الجهراء وابنها البار ومنارة تمثيلها المغفور له بإذن الله تعالى طلال مبارك

العيار الذي وافاه الأجل المحتوم يوم الخميس الموافق 22 أكتوبر 2009م بعد حياة حافلة بالعطاء المثمر

في خدمة مدينته ووطنه وشعبه فهو من مواليد 5 مارس 1959 وحاصل على الشهادة الجامعية في

العلوم السياسية , وكان عضوا في مجلس محافظة الجهراء وفي المجلس الأعلى لشؤون المحافظات عام

1989, و عضوا في المجلس الوطني عام 1990م وعضوا في مجلس الأمة خلال الأعوام 1992 و

1999 و 2003 و 2006 كما تقلد في عام 1996 منصب نائب رئيس مجلس الأمة وتقلد منصب وزير

الكهرباء والماء ووزير الشئون الاجتماعية والعمل في 14 فبراير 2001 , وطوال حياته السياسية وهو

يمثل صوت العقلانية والاعتدال وكما يقول عنه رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي الشيخ محمد

العبد الله المبارك : ( إن العيار من أوائل من أسسوا مبدأ عدم التصعيد بين أعضاء السلطتين وكان الرجل

حكيما يتطلع دائما لمصلحة الوطن والمواطنين من خلال مد يد التعاون في شتى المجالات التي تجمع أعضاء

السلطتين وقد مثل الأمة خير تمثيل وكانت إسهاماته كثيرة في رفعة اسم الكويت عاليا وتبنى المقترحات التي

ترجع على المواطنين بالنفع العام وتصحيح ما يتطلب تصحيحه لما يصب في مصلحة المواطنين) , ويعد

طلال العيار– رحمه الله - رمزاً وطنياً مخلصاً ، ومحباً للإنسان ، وعنوانا للخير والإحسان ,وحادباً على

الفقراء والمعسرين , وعونا للمحتاجين والمظلومين، ونبراسا للسماحة وسمو والأخلاق, ويكسو محياه نور

التواضع والإشراق ,وبالرغم من غياب العيار بجسده إلا أنه بقي حيا في الذاكرة و الوجدان , وحاضرا في

المشاعر والأذهان,وذلك من خلال سيرة ومسيرة حياته العطرة والمضيئة والحافلة بالعطاء والولاء,والنبل

الإنساني والوفاء، وروحه المتسمة بصفاء السريرة والنقاء, وأعماله الخالدة في خدمة وطنه ومجتمعه

بدون منة أو ادعاء ، رحم الله أبا مبارك الذي رحل وودع دنيانا الفانية بعد أن سجّل في تاريخ الكويت

صفحات مضيئة ومشرقة ومشرّفة ,نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه

فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان .


يا الله يا منـزل تبـارك والأنفـال= يا موجب ٍ للموت جيل ٍ بثـر جيـل
يا ربّ عم ّ برحمتك عند الأهـوال= حال الذي حـاز الثنـاء والتنافيـل
مرحوم يا حلاّل صعبـات الإشكـال= يا صوتنا يا صار بالـدار تشكيـل
مرحوم يا رمز المواقف والأفعـال= يا اللي لنا في داجي اللـي قنديـل
يا أبو مبارك تكتسي قـدر وإجـلال= وتواضعك ما فيه زيـف ٍ وتضليـل
يا نادر ٍ تشهد لك الناس وأعمـال= ويشهد بزودك من رصد سيرة الجيل
مواقفك بالمرجلة مضـرب أمثـال= وأبلغ من المنظوم والوصف والقيل
بين الورى لك حب صـادق ولا زال=حب ٍ بعيد عن الريـاء والتهاويـل
فوق الثرى وتحت الثرى فيك نختال=ما دام به من يعرف العدل والميـل
لو بالتبصر تندفع بعـض الآجـال= دونك وقف من يوفي الكيل حلحيـل
سندك من يقعد صغا كل من عـال= مشعل اليا كلت عـزوم الرجاجيـل
حر ٍ عريب وكل مـا قـال فعّـال= وأقطع من البالود وأكرم من السيل
لاشك مابه حـي ّ للمـوت يحتـال= حيث الأجل محدود حسب التفاصيـل
ما به خلود ٍ في مسارات الأجيـال= حتى الذي نابـاه بالغـار جبريـل
دنيا الورى مابين حـل ٍ و ترحـال= تطحن رحاها والضحايـا مشاكيـل

عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 1 - نوفمبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/showthread...=21697&page=19

عبدالعزيز الفدغوش 07-04-2010 11:29 PM

( 122 ) مدار الأفكار

زايــد الأمجاد


يقول الشاعر العربي :


الموت حق والدار فانية = وكل نفس تُجزى بما كسبت
ما كل ذي حاجة بمدركها =كم من يد لا تنال ما طلبت


إن الموت آية عظيمة من آيات الله سبحانه وتعالى , وهو النهاية الطبيعية لكل المخلوقات ,قال تبارك وتعالى:

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ

الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران: 185) ,وقال تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ ُشَيَّدَةٍ

)(النساء: 78) وقال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ

لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (الملك: 1-2) , ويقول الشاعر : (وما الموت إلا رحلـة غيـر

أنهـامن المنزل الفاني إلى المنزل الباقي ) , فالموت قدر محتوم,وأمره مؤكد محسوم, وفيه رحمة للإنسان

,وقد اختاره الله لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى,وفي 2 نوفمبر 2004م غيب الموت صاحب السمو

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وطيب ثراه – ليودع دنيا العناء والفناء إلى دار الخلود والبقاء ,وقد

ولد الشيخ زايد عام 1918م في بيت ورث الإمارة في أبو ظبي، فهو حفيد الشيخ زايد بن خليفة ( زايد الأول)

الذي حكم إمارة أبو ظبي في الفترة من( 1855م حتى( 1909،. ووالده الشيخ سلطان الذي حكم خلال الفترة

( من 1922 إلى 1926 م( ,وقد نشا الشيخ زايد في أبو ظبي و تلقى فيها مبادئ العلوم والمعارف و حفظ

القرآن الكريم, وتعلم أصول الدين. ودفعه الحماس والتعطش للمعرفة إلى الخروج للصحراء مع القبائل

البدوية, ليتشرب كل ما يستطيعه عن أسلوب حياة الناس, ومهاراتهم التقليدية, وقدرتهم وصبرهم وجلدهم على

العيش والحياة في أحوال مناخية قاسية, واكتسب صفاء الرؤية والتأمل وإرادة التحدي , و في 1946م عين

ممثلا للحاكم في الواحة الداخلية العين وفيها تحقق التطبيق الأول لآماله وأحلامه , ومن العلامات البارزة في

تلك الفترة أنه أستطاع من خلال الموارد المحدودة و بقيادته المستنيرة أن يسير قدما بتنمية منطقة العين أسرع

مما كان يتوقع , وفي عام 1953 م قام بأول رحلة إلى أوروبا وزار باريس ولندن للسماع القانوني في نزاع

نفطي والذي صدر فيه الحكم لصالح أبو ظبي و جرت بعدها أعمال التنقيب عن النفط بكثافة وجدية , وفي

أغسطس 1966م, تولى حكم إمارة أبو ظبي ليواصل عملية التنمية و تبدأ صفحة جديدة في تاريخ المنطقة, فقد

كان يسابق الزمن ويرى أن برنامج التنمية يجب أن يجري بذات السرعة التي تتزايد معها عائدات النفط بعد

اكتشاف الحقول الجديدة ودخولها تيار الإنتاج ,و فبراير1968م دعا الشيخ زايد لقيام وحدة تضم إمارات

الخليج والتي تحققت بمشيئة الله ثم جهوده المخلصة بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة ليرفرف علم الإتحاد

في 2 ديسمبر 1971م , ويكون الشيخ زايد هو الخيار المنطقي كرئيس للدولة الجديدة , ومنذ توليه زمام

الأمور في دولة الإمارات العربية المتحدة وهو يسعى للارتقاء بهذه الدولة الفتية حتى حقق لها نقلة نوعية في

كافة المجالات وأصبح لها مكانتها المميزة على المستويين العربي والدولي حتى أنها أصبحت من أسرع الدول

نموا في العالم من غير أن يصحب ذلك خلل اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي والذي يحدث عادة في كثير

من الدول عند عمليات التنمية والتغيير والتطوير,وعلى الصعيد العربي فقد لعب سموه دوراً هاماً في مجال

التقريب والتوسط والمصالحة بين الدول العربية, كما ساهم في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي,

الذي أعلن عن قيامه في قمة أبو ظبي بتاريخ 25مايو1981م ،وفي عام 1987م قاد المبادرة العربية لإعادة

مصر للصف العربي , وكانت الإمارات العربية المتحدة من أولى الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية, مع

التزامها الثابت بدعم الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية. ونهض كذلك بدور قيادي

في دعوة الدول العربية لاستخدام نفوذها لإنهاء المذبحة الأهلية في لبنان, التي حذر منها منذ البداية في

السبعينات, باعتبارها لا تهدد اللبنانيين فقط, بل كل العالم العربي. وأثناء النزاع الطويل بين العراق وإيران,

استخدم الشيخ زايد كل قناة متاحة لمناشدة الطرفين المتقاتلين لوقف نزيف الدم بلا معنى, ودعا الطرفين

وأصدقاء وجيران الإمارات للقيام بالتحركات الضرورية إنهاء جمود المفاوضات و التي تكللت بوقف إطلاق

النار ثم تحويله إلى تسوية دائمة وعادلة وذلك بتاريخ 8 أغسطس 1988م. وبغياب سمو الشيخ زايد –رحمه

الله - فقدت الأمة العربية والإسلامية أحد أبرز رجالاتها وأكثرهم حكمة وحنكة وإخلاصا واتزانا وله سجل

حافل بالخير والعطاء والإنجازات البارزة في سبيل خدمة قضايا الخليج والأمة العربية والإسلامية , وفي

الذكرى الخامسة لرحيل زايد الخير نسال الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جناته مع الشهداء

والصالحين وحسن أولئك رفيقا, وأن يجزيه عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء.




وش عاد لو يرحل عن العين زايد= بقلوبنـا مـا زال حـي ٍ بتأكيـد
نبراس في جزل العمل بالشدايـد=ومنهاج زايد تقتدي به صناديـد

عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 4 - نوفمبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/newreply.p...treply&t=21697

عبدالعزيز الفدغوش 07-05-2010 06:08 PM

(123 ) مدار الأفكار

الملك المؤسِّس

يقول الشاعر العربي:


عبد العزيز الذي ذلـت لسطوتـه= شوس الجبابر من عجم ومن عرب
ليث الليوث أخو الهيجاء مسعرهـا= السيد المنجب ابن السـادة النجـب


في التاسع من نوفمبر عام 1953م انتقل إلى رحمة الله تعالى المليك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن

الفيصل آل سعود- رحمه الله وطيب ثراه- ، بعد جهاد متواصل أرسى من خلاله الدعائم التي قامت عليها

الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وبنى قواعد الانطلاق والتطور، وتعتبر قصة حياته وجهاده

وانتصاره ملحمة فريدة للجهاد في سبيل الله، فقد آلم الملك عبد العزيز - الذي استقر به المقام مع والده في

الكويت - ما آلت إليه الأمور في بلاده من تفرق وفوضى فعقد العزم على استعادة ملك آبائه وأجداده مهما

كانت التضحيات، وفي 15 يناير عام 1901م تمكن من فتح الرياض واستعادتها ثم انطلق منها يوحد أجزاء

بلاده الواحد بعد الآخر حتى تم له بعون الله وتوفيقه تأسيس المملكة العربية السعودية بعد جهاد استمر 31

عاما خاض خلالها المعارك تلو المعارك محققا الانتصارات المتوالية. وقد أدرك شعب الجزيرة سلامة منهجه

ونبل مقصده فالتف تحت قيادته الحكيمة وقاده من نصر إلى نصر حتى تحقق ما كان يتطلع إليه من وحدة

وأمن واستقرار وتآلف ومحبة. وكان يحدوه إيمان قوي بالله سبحانه وتعالى وعزيمة صلبة ومعرفة

باحتياجات وطموحات شعبه واستطاع التغلب على الصعاب وأرسى دعائم المملكة تحت راية “لا اله إلا الله

محمد رسول الله”. لقد كان الملك عبد العزيز قائدا عظيما، وفارسا مقداما، وسياسيا بارعا حليما متدينا، ذا

شخصية متعددة المواهب، فهو يتميز بقوة الإيمان، وصلابة الإرادة، والصبر والجلد على المكاره، والحكمة

والشجاعة،والمواهب القيادية الفطرية وكثير من المزايا الأخرى التي شكلت شخصيته التاريخية غير

العادية، والتي بوّأته مكانا متميزا بين رجالات العرب والمسلمين في العصر الحديث، وجعلت كثيرا من

الكتّاب، والباحثين والمؤرخين يضعون عنه عددا كبيرا من الكتب باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية

والألمانية وغيرها من اللغات الأخرى، ومعظم أولئك المؤلفين كانوا ممن قابلوا الملك عبدالعزيز وعاشوا

معه أياما طويلة أو قصيرة حتى باتت قصة حياته أشبه بالأسطورة في زمن عزت فيه الأساطير وتبارى

أولئك المؤلفون في إطلاق التسميات والألقاب عليه مثل: “فهد الصحراء، سيد الجزيرة العربية، صقر

الصحراء”، وغيرها من الألقاب مما أعطاه مكانا ملحوظا بين صانعي أحداث التاريخ المعاصر، ولاسيما أن

دوره ومسؤولياته لم تقتصر على بلاده وحدها، بل كانت لها تأثيرات امتدت إلى معظم أرجاء العالم

الإسلامي، وفي السياسة الدولية بوجه عام. ويقول عنه السياسي البريطاني برسي كوكس: “أربعون عاما

ما خطا الملك عبدالعزيز خطوة غير صائبة”، أما حاكم كندا لورد أوف اثلود فقد قال عنه: “شهدت بنفسي

عندما زرت المملكة العربية السعودية، ماذا صنع الملك عبدالعزيز لرفاهية شعبه، لقد استقر بفضله السلام

والأمن في البلاد التي كانت من قبل تمزقها المنازعات الداخلية”. وفي عام 1930 قال عنه الكاتب

المشهور محمود أبوالفتوح: “ليس ابن سعود من أعظم رجال القرن العشرين فحسب، بل هو من أعظم

رجال التاريخ.. ولست أنا الذي أصدر هذا الحكم، وإنما أصدره إنجليزي عرف عبدالعزيز من زمان طويل،

وتتبع سيرته منذ كان فتى شريدا طريدا إلى أن أصبح الملك المطلق في جزيرة العرب”. وقال الرئيس

الأميركي فرانكلن روزفلت بعد اجتماعه مع الملك عبدالعزيز: “لقد وعيت مثلا عن مسألة الجزيرة العربية،

تلك المشكلة بحذافيرها، مشكلة المسلمين، ومشكلة اليهود، وعيت عنها في حديث دام خمس دقائق مع ابن

سعود أكثر مما كنت أستطيع معرفته بتبادل ثلاثين أو أربعين رسالة”. وعندما تمر ذكرى رحيل الملك

عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله وطيب ثراه – فإن أبناء المملكة العربية السعودية الذين ينعمون اليوم

بثمار غرسه ويتفيأون ظلال بنيانه يذكرون بإجلال وإكبار جهاد الراحل العظيم وسيرته العطرة الحافلة

بالانتصارات والإنجازات، يذكرون ذلك بالفخر والاعتزاز وقد تحقق من بعده على أيدي أبنائه الذين ساروا

على نهجه ما كان يطمح إلى تحقيقه لبلاده من رقي وتقدم وبناء ورخاء وازدهار.


مرحوم يا موجد كيان وحضاره= يا رافع ٍ شأن الوطن بالجزيره
رفعت شأن بلادنـا واعتبـاره=والله يتمم بالأمـان المسيـره

عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 8 - نوفمبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/showthread...=21697&page=19

عبدالعزيز الفدغوش 07-05-2010 06:20 PM

( 124 ) مدار الأفكار


أحمد الفهد

يقول الشاعر :


كل الأمور تزول عنك وتنقضي= إلا الثنـاء فإنـه لـك باقـي
ولو أنني خيرت كـل فضيلـة= ما اخترت غير مكارم الأخلاق

إن حسن الأخلاق من دلائل كمال الإيمان, وتؤثر في تهذيب الطباع وتكوين شخصية الإنسان ,وترفع

الدرجات وتثقل ميزان الإحسان , وتنزل أربابها دار النعيم و أعالي الجنان , فهي من الفضائل الكريمة,

والشمائل الرفيعة العظيمة ,التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف ورغب فيها , قال سبحانه وتعالى

مادحاً رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: (وإنك لعلى خلق عظيم) ( القلم : 4 ) ,وقال تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي

هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :

( إن الله يحب معالي الأخلاق) ,وقال أيضا: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ,وقال صلى الله عليه وسلم :

(إن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد ) وقال عليه الصلاة والسلام : (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا

أَحْسَنُهُمْ أَخْلَاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ ) ,وفي محيط يشع

بنور الشيم والقيم والأخلاق الفاضلة جاءت إشراقة الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح في الثاني عشر من

أغسطس عام 1963م لينشأ مجبولا على كريم الشمائل ومعالي الأخلاق , ويتعلم في مدرسة فهد الأحمد مناهج

الرجولة , ومسالك الشموخ والبطولة ,وكل خُلقٍ جميل, وطبع كريم أصيل ,وكما يقول عنه الزميل فيصل

المزين : ( أنه صاحب حكمة وروية في اتخاذ القرار متواضع وصبور، لم يكتف بنسبه الرفيع للأسرة

الحاكمة في الكويت بل أضاف إلى ذلك العديد من الأمور والانجازات، وكان النجاح دائما حليف المجتهد ولم

يكن ذلك محض مصادفة، بل نابع عن جد واجتهاد وحسن تدبير) ,ويقول الدكتور سعود مشعل الشمري :

(الشيخ أحمد الفهد هو قطب رئيسي ورجل دولة مسؤول تعوّل عليه الأسرة الحاكمة الكثير، فهو رجل

المستقبل وما أوكل إليه من مهمة غاية في الصعوبة في إطار إخراج البلاد من دوامة وأزمات سياسية

واقتصادية واجتماعية عاشتها لا تعرف كيفية الخروج منها، ليتولى هذه المهمة الصعبة ورسم وتخطيط

سياسة الدولة في التغيير نحو الأفضل في البناء والتنمية وتنفيذها على الوجه الأكمل التي توقفت طويلا حتى

أصبحت عاملا مزعجا للقيادة السياسية وللشعب الكويتي، وهي لها دلالتها ومعانيها على الثقة والكفاءة

السياسية، فهو السياسي الفاعل الذي يتميز بالرزانة والحكمة، كوّن شبكة علاقات ناجحة وطيبة مع جميع

شرائح المجتمع الكويتي، قريب جدا من مواطنيه والمقيمين بتواضع الكرام، يتواصل معهم، ويعرف جيداً ما

يحتاجون إليه، ويأتونه من جميع الأطياف والمستويات، يقدم لهم يد العون والمساعدة وينصفهم من مؤسسات

وجهات الدولة التي تهضم حقوقهم ) ، فالشيخ أحمد الفهد تشرب من والده روح الشجاعة والإقدام , وورث

عن عمه جابر الأحمد مبدأ التواضع وبعد النظر والالتزام , وأكتسب من عمه وأميره الشيخ صباح الأحمد

الحكمة والحنكة وسداد الرأي والإلهام,وأقتبس من عمه نواف الأحمد سمو الخلق والسماحة وكسب الاحترام ,

وأستمد من عمه مشعل الأحمد العزم والحزم وبسط العدالة واحترام النظام , وكأن الشاعر يعنيه حين قال :


خلائق فينـا مـن أبينـا وجدنـا= كذلك طيب الفرع ينمي على الأصل


و يحسب للشيخ أحمد الفهد حضوره الفاعل على الخارطة الوطنية ، وبنشاط مثير للإعجاب فحب الكويت

يجري في عروقه ويستوطن كيانه ووجدانه ,فهو مثال يحتذى به في التفاني والولاء , والطموح والعطاء , وقد

ساهم - ولا يزال – في خدمة وطنه من خلال المناصب السياسية التي أسندت إليه ففي 14 فبراير 2001

عين وزيراً للإعلام، وفي 10 فبراير 2003 عين وزيراً للنفط بالوكالة بالإضافة إلى وزارة الإعلام ,و في

14 يوليو 2003 عين وزيرا للطاقة ,و بتاريخ 15 سبتمبر2004 في المؤتمر الوزاري لمنظمة الأوبيك تم

تعيينه رئيساً للمنظمة ,وفي أبريل 2005 عين وزيرا للطاقة ووزيراً للصحة بالوكالة , وفي 9 فبراير 2006

أعيد تعيينه وزيرا للطاقة , وفي 12 يوليو 2006 عين رئيساً لجهاز الأمن الوطني ,و في 29 مايو 2009

عين نائباً لرئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون الإسكان ووزير دولة لشئون التنمية

،كما أنه حاضر في أوساط قطاع الشباب والرياضة من خلال المناصب التي تولاها ورعايته واهتمامه

وإنجازاته المميزة بصفته رئيسا للجنة الأولمبية الكويتية مما أهله وبجدارة للحصول على جائزة محمد بن

راشد المكتوم للإبداع الرياضي في دورتها الأولى كأفضل شخصية رياضية عربية وذلك تقديرا لمجهوداته

الكبيرة ودوره الرائد في خدمة الرياضة المحلية والعربية ولحنكته ودوره الكبير في المسيرة الرياضية

الناجحة التي تعدت الحدود ووصلت إلى العالمية .

لو يدرك الإخلاص معنى اقتدارك= نال المفاخـر بالتزامـه مقـرك
يا أبو فهد والطيب دايم شعـارك= ولله يـا نبـراس الأخـلاق درك
يزيد قـدرك بالمـلا واعتبـارك= يا فاهم ٍ ما فيـه فتـل ٍ يغـرك
شعلة نشاط بهيبتك مـع وقـارك= وعسى الحسود ونظرته ما تضرك
على التميز في مجالـك نبـارك= وأصدق شعور ٍ بالتهاني تحـرك

عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 11 - نوفمبر - 2009
[email protected]
http://www.alshmo5.com/vb/showthread...=21697&page=19


الساعة الآن 10:00 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
ظ„ظٹظ†ظƒط§طھ - ط¯ط¹ظ… : SEO by vBSEO 3.5.1 Trans by
Coordination Forum √ 1.0 By: мộнαηηαď © 2011

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009