شبكة الشموخ الأدبية

شبكة الشموخ الأدبية (http://www.alshmo5.com/vb/index.php)
-   منتدى القصص والروايات (http://www.alshmo5.com/vb/f14.html)
-   -   مـــــوت أخــضــر (http://www.alshmo5.com/vb/t12509.html)

سارا 03-19-2011 08:28 PM

مـــــوت أخــضــر
 




حين انحدر نازلاً من الدرج ، صمتٌ أخرسٌ كان يملأ المكان . فتحة المكيف الصحراوي ، الذي يتوسط جدار الصالة .. أغلقت فمها ، وكان قد أعتاد أن يسمع حركة السائق ، ذاهباً وآيباً إلى غرفته ، تتسلل من خلالها . ما عادت الآن، تنسل منها.. نسمة . حتى .. ولا وشوشة الهواء ، يقلب وريقات الشجر اليابسة المتقصفة، التي امتلأ بها الممر، أو صفير .. من ذلك الذي غالباً ، ما تزفر به رياح نوفمبر ، وهي تشيّع الخريف إلى مثواه الأخير ، له حشرجة .. مثل نشيج ثكلى .
صوت وطء قدميه الحافيتين ، تدوسان بنعومة على الموكيت.. تناهى لسمعه . هذه أوّل مرّة .. يمشي فيها حافياً ، لمّا لاحظ أن ثمة بقع سوداء على الفرشة ، تركها القار الذي علق بحذائه ، أثناء عبوره الشارع .

كان مثيراً لاهتمامه ، كيف أن الصمت خنق كل شيء ، إلى الحد الذي جعل الوقع الخافت لقدميه العاريتين، على السجادة ، يصل إلى مسمعيه . عند آخر درجتين توقف. أخذ يحدق في النبتة ، في الإناء الزجاجي أسفل الدرج . كانت قد يبست تماماً ، وتحولت إلى اللون الأصفر ، إلا ورقتين في أطرافها ، ما زالتا تقاومان باخضرارهما ، من أجل البقاء .. شحوب الموت الأصفر .

لم ينتبه أن الماء في الإناء .. قد نضب ، رغم أنه يمــر من أمامه كل يوم . لبس نظارة القراءة ، ورفع الإناء إلى محاذاة عينيه .. ثم أماله : لا شيء يتحرك ، لا توجد قطرة ماء . انتبه أن اللاصق .. قريباً من عنق الإناء ، الذي يحمل كلمة الإهداء .. قد تقشر أيضاً ، ولم يبق منه إلا كلمة واحدة فقط . ما زال يتذكر تلك الظهيرة ، حين عاد ورأى النبتة .. فسألها عنها ، قالت : ” من وفاء ” . أعاد الإناء لمكانه ، وبقي يتأمل النبتة . أكثر ما شغل تفكيره ، كيف حافظت الوريقات على لونها الأخضر ، وقاومت الموت .. رغم العطش .

لون الجفاف الأصفر ، انتشر في كل مكان . نظر إلى الطاولة الزجاجية، في زاوية الصالة ، كانت قد تراكمت فوقها ، طبقة من الغبار .. الأصفر ، فتغير لونها ، واقترب من لون السجادة .. البيج . التفت إلى غرفة جانبية ، فيها خزانة ملابسها . دخل وفتح الخزانة ، وتحسس الملابس بيده . قميص أثير لديها ، كـــان يحب أن يراها ترتديه .. رآه معلقاً . تداعت إلى ذهنه المشاهد . آخر مرة رآها تلبسه ، قبل أشهر . كانت واقفة أمام مرآة التسريحة ، تستعد للذهاب إلى مناسبة . تأملها طــــويلاً ، تنقل خصلات شعــــرها ، يميناً ويساراً . أخيراً .. استقر رأيها ، أن تربط شعرها ذيلاً ، فجاء لونه الأسود ، المموه بالأشقر، متناسقاً مع رقبتها الرقيقة ، بلونها العاجي المائل للصفرة ، ولون القميص الأبيض السكري . خيّل إليه أنه لم يعش معها سنوات . أدهشه المشهد ، وأحس بحاجة شديدة .. لأن يقول ، أو يفعل شيئاً . تردد .. وقاوم رغبة تدفعه للنهوض إليها.. وضمها، لكي لا يفسد مكياجها :

- ” ما أجملك .. ذوقك روعة ” .

التفتت إليه ، وخطّان يلمعان في وجهها .. عيناها وثغرها :

- ” يــا حبي لك ” .

مد يده وسحب القميص تجاه وجهه . تردد لحظة .. ثم أعاده إلى مكانه ، وأقفل الخزانة . خرج من الغرفة ، واستوقفه .. مرة أخرى، مشهد الغبار على الطاولة . توجه إليها .. وخط بأصبعه فوقها :

” عندما رأيت الغبار يتراكم ، أدركت أنها لن تعود ، فتوقفت عن شم ملابسها ” .

مشى خــــارجاً ، ولما صار بمحاذاة النبتة الجافة ، لمس الوريقات الخضراء ، فسقطت بيده .

- ميّتة .. كانت تتظاهر بالحياة..!

اللاصق سقط كذلك . إلتقطه .. وأمعن النظر فيه : الكلمة كانت .. ( وفــــــاء ) ..!

عبدالعزيز الفدغوش 03-19-2011 10:38 PM

رد: مـــــوت أخــضــر
 
الرائعة سارا

قصة رائعة ومؤثرة

تجسد روح الوفاء

الشيماء 03-19-2011 11:09 PM

رد: مـــــوت أخــضــر
 
العزيزه سارا

شكرا لك لما انزلتيه من قصه جميله تسرد ماضيا حاضر بذكريات
لم يمحها الزمن

لو سمحتي غاليتي ممكن ان توضحين لنا في نهاية المتصفح ان كانت القصه منقوله ام هي
من سيل احبارك

دمت

شيم

عادل بوبدر 03-19-2011 11:44 PM

رد: مـــــوت أخــضــر
 
الرائعة سارا

انت مذهلة في هكذا طرح

تقبلي اعجابي ياقديرة

لكِ ودي

عادل بوبدر

ذكرى الغالي 03-20-2011 12:10 AM

رد: مـــــوت أخــضــر
 
الله يسعے ــــد قلبك ياااغےــلا
سلمت يداك
تقديرے وإحترامے
ذكرے الغالے

سارا 03-20-2011 05:01 PM

رد: مـــــوت أخــضــر
 


أتمنى أن يكـــون الجميع في تمــــام الصحــة والعــافية ::


عزيزتي (الشيمياء) نعم أكتــــب لكـــن لا توحي قصص كهذه



أمـــا كتاباتي هي لإحيــاء القـــلم ,,


فأنـــا هنــا نزلت للكــاتب والدكتـــور :محمــــد الحضيف


رجلٌ يعيش دون أن يبغض أحدا ..
ويرتفع دون أن يترفع على أحد ..
ويتقدم دون أن يطأ على أحد أو يحسد أحدا..
رجلٌ تعيش (القضية) في كل خلية من خلايا جسده ..
يتنفس (الهم) ويحيا (الرسالة) ..
واضح هو كالشمس ،و نقيّ كماء المزن ..
تجد في حرفه (صلابة الموقف) و (رقة الإحساس) ..
لايحرقه ظمأ إلى لقب ، أو حنين لبريق شهرة ،
إنما يحترق هو بذلاً لأمته وخدمة لدينه ومجتمعه ..
في حياته محطات ..
لكن كان له فيما بينهن (دلج السُرى)..


دمــــتم ::

فيلسوف الكويت 04-07-2011 11:43 AM

رد: مـــــوت أخــضــر
 
سارا
مجهودك يستحق الثناء
على ما قدمت من إبداع ودمت متألقا
هذا وتقبل مني أغلى تحية ... فيلسوف الكويت

احلام الماضي 04-07-2011 02:20 PM

رد: مـــــوت أخــضــر
 

ابداااع الغلا
يعطيك العافيه

دمتي
http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...1715992861.gif



الساعة الآن 05:12 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
ظ„ظٹظ†ظƒط§طھ - ط¯ط¹ظ… : SEO by vBSEO 3.5.1 Trans by
Coordination Forum √ 1.0 By: мộнαηηαď © 2011

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009