شبكة الشموخ الأدبية

شبكة الشموخ الأدبية (http://www.alshmo5.com/vb/index.php)
-   منتدى القصص والروايات (http://www.alshmo5.com/vb/f14.html)
-   -   بيت واحـــد : . (http://www.alshmo5.com/vb/t27481.html)

سارا 09-09-2011 08:02 AM

بيت واحـــد : .
 

***أتمنــى لكـم قــراءة ممتعــة لكــاتب متألق ***



قال لي: "دعك من تسارع الأيام... واستثمر بواقيها!!!".

أنصت إلى كلماته وحينما فرغ من جملته تلك حملت جسدي ورحلت...

بعيدا عن ضجيج الطفولة التي تدار في فناء داري علقت وجهي على مرآة الحمام، تفحصت ملامحي

جيداً، وأحنيت رأسي قليلاً، لم تكن السنين قد أثمرت أيامها في وجهي، رفعت يدي ولامست ذقني

الخالي من الشعر وهمست "خمسة وثلاثون عاماً لاتقرب البياض إلى شعري ولا التجاعيد إلى وجهي"...

سحبت نظراتي ببطء عن وجهي العالق في المرآة وسحبت نفساً عميقاً، سجنته بصدري ثواني ثم

أخرجته منتشياً بشبابي...

في فناء الدار كان أطفالي يمارسون الفرح على البلاط اللامع، حويتهم جميعاً بنظرة وحمدت الله كثيراً،

وقبل أن تزفني خطواتي خارج الدار حاولت أن أمسك بصغيرهم ولكنه فلت من قبضتي فأرسلت له قبلة

وابتسامة عبر الهواء وأغلقت باب الدار خلفي بإتقان!!!...

كان هو في نفس مكانه، وكأنه كان ينتظر رجوعي، أردفت عليه السلام وجاوبني بالرد كانت نظراته

تقيس مدى طولي، جلست أمامه أحمل قدرة عجيبة للانصياع إلى كلماته...

وقال لي:

- ليس في عمر الإنسان مايمنع أن يتأصل فية الفرح حتى لو تداركه الألم، فالألم ليس له قدرة على القوة

أمام راحة البال...

لا أقول في نفسي إنني قد فهمت كل ماقاله أو مايريده...

كلماته تنساب بهدوء نحو عقلي في نزوة أجدها قد تفاقمت في داخلي، لم أفهم... وتلك هي الحقيقة،

ولكني أجد متعة كبيرة في انصياعي لكلماته...

أخذت كل كلماته في مسمعي، شعرت بفرحة غامرة وخوف أراه ينظر إلي من بعيد...

رجعت إلى داري، تلاشي الفرح في الفناء وانتشرت البراءة في وجوه أطفالي الذين تلحفوا أغطيتهم

وتوسدوا أحلامهم لصباح مدرسي قادم عدا طفلي الصغير ذا العامين والذي يطبق أجفانه مع أجفاننا...

حينما فتحت الباب وجدته يلهو محاولا الصعود على المنضدة العريضة ووجدت وجه زوجتي الذي أشرق

بابتسامة استقبالي...

وقفت حائراً أجتر كلماته التي قذف بها للتو في مسمعي وأرسم صورتها مع ابني الذي لم يفلح في

الصعود على المنضدة...

جلست بجانبها، تناولت قدحاً من الشاي المغربي الأخضر الذي تجيد عمله، قدحان ومن ثم سحبت

نفسي إلى مكتبي في الدور العلوي...

الحياة القادمة التي رسمتها في خيالي تعجزني كثيراً أمام احتمال رؤية وجهها!!!...

ابتسامتها التي فتحت لي باب الدار أجدها تتمدد في داخلي، وضعت رأسي بين يدي، دمعة حاسرة

انتظرتها كثيراً انسابت على خدي، تردد عنيف ألغى كل كلماته التي سمعتها لتجف نزوتي التي خضعت

إليها أمامه!!!...

لم أمارس ليلي كالليالي الماضية فقد كانت ليلة مختلفة أتخمت بها بكلمات ترضي أحلامي وتعصي

واقعي!!!...

في الصباح ... ارتطمت نظراتي بوجهها، كان أطفالي قد غادوا الدار إلى المدرسة مع السائق الأجنبي،

غسلت وجهي ونزلت إلى الدور الأرضي بعدما غيرت ملابسي...

قالت لي:

- تحتاج شيئاً؟!!!...

نظرت إليها من خلف ترسبات النوم في عيني وتذكرت على الفور كلماته التي قادت عقلي إلى صباح آخر

مختلف عن صباحي هذا، أومأت برأسي نافياً حاجتي لشيء، تركتني وصعدت السلم إلى الدور العلوي

حيث تنطبق جفنا صغيري ذو العامين... ولم أرها!!!...

لم أكمل إفطاري، شربت قدحاً من الشاي وشرعت في مغادرة الدار... فحينما يأتي الفرح لروح وحيدة لا

أعتقد أنها ستشعر به!!!...

وكان ... يرسم الوقت في انتظار مجيئي...

بادرني بسؤاله:

- مابك؟... تبدو حزينا؟!!!...

نثرت في مسمعه كل الكلمات التي كنت أريد أن أقولها لزوجتي...

انفرجت أساريره، وجد أن كلماته التي قالها بالأمس قد أيعنت في داخلي، عدل من وضع مقعده وكوم فاه

على كلمات كثيرة وقال:

- لاسبيل لك الآن سوى الزواج، فحينما تسقط السنين على جلدك لن تستطيع أن تستردها... ثق في

نفسك، وتوكل على الله...

لم أتفوه بكلمة واحدة، خرجت من عنده مطبقاعلى صمتي واتجهت إلى مكتبي الذي يقع بجانب مكتبه،

لحظات ووجدته أمامي، لم تكتمل كلماته فجاء إلى مكتبي ليكملها!!!...

أسهب كثيراً في كلماته، كان يريد أن يلصق فكرة الزواج على جدار عقلي، مللت من إلحاحه الشديد ومن

تصفيف كلماته التي تدخل إلى قلبي مباشرة دون عوائق، تمنيت في هذه اللحظات أن يصمت، لم يدع

لي فرصة فكلماته تنز منه كما هو السيل الذي يأتي متأخراً بعد شتاء نجد!!!

لم أكن أتوقع أن يكون جوابه لسؤالي الذي أردت أن يلغي تواصل إلحاحه ومحاولاته لإقناعي هو الفاصل

الأخير لترددي..

سألته:

-كيف هو وضعك الآن مع زوجتك؟

مسح بأطراف أصابعه على جبينه وأجاب:

- لقد تعبت.. سلكت كل طرق رضاها ولم ترض!!!...

- وماذا ستفعل؟... هل ستستمر هكذا طيلة حياتك؟!!!

دون أن ينظر إلي قال:

- سأتركها في الدار فترة من الزمن وسأرحل عنها

- وأين سترحل؟!!!

- إلى دار عائلتي... لعلها تفقدني وتدرك وضعي...

هنا... وهنا فقط ... أدرك إنني ضعيف... وإنه يأخذني يميناً وشمالاً بكلماته...

لا أعرف من كلماتي التي قلتها له بعد إدراكي هذا سوى إنني قد أصبحت حراً!!!...

قلت له:
-
في قمة الألم ... أستطيع أن أبتسم!!!...

بهت بكلماتي تلك ولأول مرة أجده صامتاً... وأكملت:
-
أنا لا أريد أن أزيف عواطفي، نعم لدي مشكلة معينة ولكن... - نظر إلي وكأنه يريد أن يسحب كلماتي

من شفتي - لن أرتق شقاً فتتفتق علي شقوق أخرى!!!...

شعرت بعد تلك الكلمات أن لباس جسدي قد أصبح على مقاس جسدي!!!...

صمته يدفعني لأن أقول له ماتركته على وجوه أطفالي وزوجتي...

هم أطفالي وأنا أبوهم... وهي زوجتي وأنا زوجها.. وتلك هي كلماتك وأنا أرفضها...

فليس لها في داخل محيط عائلتي الصغيرة سوى الرفض!!!...

راودني شيء من شعور ضعف الماضي، وأتعبني صمته، حينها تركته في مكتبه وخرجت.

عدت إلى داري، احتويت نظرة استغراب من عين زوجتي لعودتي المبكرة للدار... تركت مابيدها وقالت لي:

- لقد عدت مبكراً... ولم أنته من إعداد الغداء بعد...

مددت يدي إليها، أحنيت رأسها وقبلته... وهنا فقط شعرت بالسعادة التي كان يحاول طيلة تلك الفترة أن

يرسمها أمامي!!!...



****************






جوهر الراوي 09-13-2011 11:17 AM

رد: بيت واحـــد : .
 
سارا

قصة هادفة

بارك الله فيك

ويعطيك العافية على نقلها لنا

كل الود والورد لك يا متميزة

ذكرى الغالي 09-14-2011 12:54 AM

رد: بيت واحـــد : .
 
سلمت يداك
تقديري واحترامي لشخصك الراقي
ذكرى الغالي

سارا 09-15-2011 07:15 AM

رد: بيت واحـــد : .
 





(جـــوهــر الراوي)و(ذكــرى الغــالي)


تأكدتُ أن أذواقكــم عــالية


لكم إحتــرامي ..

دهمشي 09-22-2011 05:08 AM

رد: بيت واحـــد : .
 
فائق تقديري على جمال طرحك وروعة حضورك

عبدالعزيز الفدغوش 10-08-2011 09:02 PM

رد: بيت واحـــد : .
 
الرائعة سارا
جـــهودك محل الثـــــناء والإجلال والتقدير
ولك في نوافذ العطاءالمتميز وجود وتأثير


الساعة الآن 03:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
ظ„ظٹظ†ظƒط§طھ - ط¯ط¹ظ… : SEO by vBSEO 3.5.1 Trans by
Coordination Forum √ 1.0 By: мộнαηηαď © 2011

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009