شبكة الشموخ الأدبية

شبكة الشموخ الأدبية (http://www.alshmo5.com/vb/index.php)
-   منتدى الشعر الفصيح (http://www.alshmo5.com/vb/f12.html)
-   -   رباعيات عمر الخيام (http://www.alshmo5.com/vb/t37006.html)

شموخ امراة 07-14-2013 04:16 AM

رباعيات عمر الخيام
 
http://upload.wikimedia.org/wikipedi...5-829x1159.jpg

عمر الخيام . المستشرقين . الفارسية . قصص . مقامات . المقامة

ترجمها عن الفارسية يوسف حسين بكار استاذ النقد الأدبي بجامعة اليرموك / عميد البحث العلمي والدراسات العليا (سابقا)
إشارات
- تشيرالأرقام بين المعوقين [] في المتن الى رقم الصفحة في الكتاب المترجم عنه.
- ما بين الزلم ولتين <> في المتن من اضافات المترجم التوضيحة.
- يرمز الحرف "ر" في الحواشي الى "الرباعية"، أما الرقم الذي يليه، فرقم الرباعية في "الترجمه " المأخوذة منها.
- الحواتثي المسبوقة بأقواس تعلوها نجمة() * هي حواشي مؤلف الكتاب. وقد يتلو بعضها تعليق أوإضافة من الترجم.
إضاءات
-ا-
علي دشتي (1274) أو 1275 - ديماه 1360 شمسي(مؤلف الكتاب الذي ترجم منه هذا البحث كاتب أدبي وسياسي؛ وهو ابن الشيخ عبدالحسين الدشتستاني. ولد في قصبة دشتستان، وقضى سنوات في العراق حيث درس العلوم القديمة. عاد الى ايران وانخرط في السياسة، وأصدر في (11 إسفند عام 1300 شمسي) جريدة "شفق سرخ "(الشفق الأحمر)، وظل مديرا لها حتى(11 إسفند عام 1309 شمسي )إذ آلت إدارتها الى "مايل تويسر كاني " حتى توقفت عن الصدور في(28 أسفند عام 1313 شمسي). كانت المجلة تهتم كذلك بالموضوعات الأدبية وكان يكتب فيها نخبة من الأدباء الشبان ممن أضحوا أبرز أدباء أيران وكتابها، من مثل: سعيد نفيسي ورشيد ياسمي، وعباس إقبال، وسيد محمد محيط طباطائي.
تقلد دشتي غير منصب، إذ ترك الصحافة الى عضوية بعض المجالس، والوزارة - لمدة قصيرة -، والعمل الدبلوماسي سفيرا لإيران في مصر ولبنان ؛ كما تولى إدارة الرقابة على المطبوعات.
كان يعرف العربية، وقد ترجم عنها الى الفارسية بعض الكتب التي ترجمها العرب عن الإنجليزية. خلف آثارا علمية كثيرة ترجم المرحوم محمد صادق نشأت أحدها: "قامرو سعدي" (آفاق أدب سعدي) الى العربية (1).
-2-
كتاب علي أشتي "دمى باخيام "(لحظة مع الخيام) أو (بحثا عن الخيام والرباعيات) من أفضل المؤلفات العلمية التي عرضت للخيام ورباعياته، لأن صاحبه عني، بمنهج علمي دقيق، عناية قصوى بالبحث الجاد عن السمات الحقيقية لعمر الخيام ومحاولة الكشف عن رباعياته الأصلية وتحديدها، لكثرة ما قيل في الخيام وما أضيف اليه من ترهات وأساطير، ونسب اليه من رباعيات غطت على الرباعيات الأصلية، التي يظن أنها قليلة جدا، وحجبتها حتى أضحى «فرزها» واستخراجها من بين هذا الركام الهائل من الرباعيات المنسوبة مشكلة من المشكلات وأمرا عسيرا يحتاج الى كثير من الأدلة التاريخية والقرائن العلمية والموازنات الأدبية، والى سبر أغوار روح عصر الشاعر سبرا دقيقا.
والبحث الحاضر هو المبحث السادس من القسم الثاني: "في البحث عن الرباعيات" من الكتاب (مطبعة سبهر - طهران. ط 4: 1978) يتناول فيه صاحبه أظهر مسألة أو قضية في جهود خمسة من كبار المستشرقين الخياميين المعروفين في أهم أثر كل واحد منهم أومجموعة آثاره عن الخيام والرباعيات بالنقد العلمي الدقيق الشامل الكاشف المستند الى معرفة عميقة ثرية بالخيام في آثاره وسماته ومصادر أخباره ورباعياته، الى دراية بالأدب الفارسي وأعلامه ومناخاته وعصوره ومشكلاته. وهولا، المستشرقون هم: فيتزجيرالد الإنجليزي صاحب أشهر منظومة خيامية تتعانق فيها الترجمة والإبداع: وكريستنسن الدانماركي الذي اجتهد، ولكل مجتهد نصيب، ما وسعه الجهد وأعانته إمكانات زمانه أن يتوصل الى أصيل الرباعيات من دخيلها: والدكتور ووزن الألماني الذي حاول أن يكون معياره. في البحث عن رباعيات الخيام الأصيلة، الرباعيات المذكور فيها اسمه ؟ والروسي زوكوفسكي أبو نظرية «الرباعيات العاثرة / الجائلة» بين دواوين شعراء ما بعد الخيام ؟ وبييرباسكال الفرنسي الذي ترجم مجموعة من (400) رباعية، اختارها هو، ترجمة أمينة دقيقة: بيد أنه، كفيتزجيرالد، لم ينشط للعثور على رباعيات الخيام الأصيلة بأي جهد تحقيقي ولم يعن بفرز أصيلها من الدخيل.
-3-
ينهج المؤلف في كتابه نهجا خاصا جدا، وكأنه يكتب للخاصة والمختصين فحسب، فهو ينقل النصوص والمعلومات عن مصادرها، ويكتفي بذكر العلم المشهور به المؤلف في أغلب الأحيان دون أن يذكر اسم الكتاب أو الجزء أو رقم الصفحة: وفي هذا ما فيه، كما يقول الفلاسفة. فالمترجم - أي مترجم - في حاجة الى كل هذا، وإلا كبر حمله وزادت مشتقاته، وهو ما وقع لي في ترجمة هذا المبحث. فلقد حرصت - والحرص مطلوب وواجب في الترجمة العلمية - على أن ألاحق مصادر المؤلف فيه، وفي الكتاب بعامة، وهي مصادر صعبة المنال. وأحمد امته أن وفقني الى أن أصل اليها فقد أعانتني أي عون، ولولاها كما تشهد الحواشي، لظهرت الترجمة في لبوس آخر.

الترجمة
فلقد نهد المستشرقون قبلنا، للبحث عن الخيام، وشغلوا بالرباعيات المنسوبة اليه أكثر منا، بيد أن تقص ما انجز وه فيه وإعداد ثبت دقيق بكتبهم وبحوثهم عنه، وبترجماتهم المختلفة للرباعيات يتطلب تنقيبا واسعا وسنوات طوالا ليس في مكنتي النهوض به ولا هو من شأن كتابي. يقول بيير باسكال «يستحيل تقريبا، إعداد ثبت واف بكل الترجمات والأعمال التي كتبت عن الخيام في المائة سنة الأخيرة».
ليس هدف هذا الفصل بآخرة، الوقوف عند أعمال كل الذين عرضوا للخيام أو ترجموا الرباعيات، خاصة أن أغلبهم لم يعنوا بالتثبت من صحيح الرباعيات، التي بين أيدينا، من منحولها وفرزه ؟ بل كان وكدهم ملاحقة نسخها الخطية وعد كل ما فيه الخيام دون «لأن» و «لماذا» حتى غدت رباعياتها أصولا لترجماتهم [235] باستثناء كريستنسن وآخرين غيره. ولا بأس، لهذا في أن نلقي نظرة إجمالية على آثار بعض هؤلاء الخياميين اللذين تناول كل منهم الخيام بنحو خاص.
منظومة فيتزجيرالد
ليس من شك في أن يتصدر فيتزجيرالد (2) الأوروبيين، عند الكلام على جهودهم في الخيام، وإن لم يكن أول من عني به ؛ بل كان أول من اكتشفه وأذاعه في الخافقين، لقد خلد هذا الفنان الأنجليزي بمنظومته الرائعة القيمة اسمه هو، وشهر الخيام عالميا. غير أن ما هو قمين بأن تلفت إليه الأنظار أن فيتزجيرالد لم يدرس الخيام، ولم يبذل أي جهد للتوصل الى رباعياته الأصيلة. وكل ما فعله أنه استلهم عددا من الرباعيات وأبدع منها رائعة مستقلة.

ويفضل، إذا ما أردنا أن نتعرف على حقيقة صنيعه، أن نستفيد من تحليل مسعود فرزاد (3) القيم لمنظومة فيتزجيرالد وجهده الدقيق القمين بالثناء في مطابقة كل رباعية بالرباعية(أو الرباعيات) المستوحاة منها، بإيراد بعض ما قاله في هذا الصدد "لقد سطع شعاع إلهام الخيام، قبل قرن(4)، على صفحات ذهن فيتزجيرالد فاستطاع هذا الرجل الألمعي [336] أن يصوغ واحدة من الروائع الأدبية الخالدة في الأدب الإنجليزي، وهي "منظومة" في مائة رباعية ورباعية (5) (101)، تنظر كل واحدة منها. (شكليا) الى الرباعية الفارسية المشكلة من أربعة مصا ريع..."
المحور الأساسي في عمل فيتزجيرالد أنه هو نفسه الذي صنع خطته الانتقادية، ولم يكن قي صدد أن يترجم رباعية برباعية، بل أراد لمنظومته أن تكون بيانا لمسيرة يوم كامل في حياة الخيام يشتمل على تعريف جامع بأفكاره وأطواره: تطلع الشمس، فتفتح الحانة. الخيام يقظ يفكر، لكنه يروح يغرق رويدا رويدا، وهو يشرب، في بحر الفخر مأخوذا بفناء الحياة وعجز العقل البشري عن حل لغز الوجود وكثير من المشكلات والمنغصات الأخرى. يغضب حينا، ويعصى حينا، لكنه يبث في الحالين أفكاره وأحاسيسه. وحين يسكن عنه السكر، ويسدل الليل أستاره ويتلألأ القمر، يغوص في بحر الفكر من جديد. وينشغل، في نهاية المنظومة بالوصايا...
لقد عمد فيتزجيرالد، لكي تستقيم له هذه الخطة (أي حصيلة يوم افتراضي كامل في حياة الخيام، الذي يتضمن، دون ريب، ما يشبه ترجمة لرباعياته أيضا) الى اختيار رباعيات مستقلة متفرقة، مما يشك في نسبة أكثرها الى الخيام [337[، وفق معياره هو وما يتلاءم مع خطته، ومنحها، من هذا المنطلق الأدبي نفسه، ترتيبا خاصا، واتخذ كل واحدة منها أساسا فكريا لرباعيات منظومته. وأنى وجدت رباعية في المنظومة الإنجليزية مؤسسة على رباعية فارسية، فاعلم انها ترجمة حرة لها. ولقد أعلن فيتزجيرالد أنه مزج، في مواضع كثيرة، بضع رباعيات فارسية وصاغ منها جميعا رباعية من رباعيات منظومته(6)*وألف ادوارد هيرون ألن (7) Edward Heron Allen عام 1899 كتابا علميا دقيقا (8) عن صلة رباعيات "منظومة "فيتزجيرالد برباعيات الخيام الفارسية، وخلص الى ما يلي:
1- تسع وأربعون (49) رباعية ترجمت كل منها ترجمة حرة جميلة عن رباعية فارسية من نسخة "دبودليان" أو "كلكتة ".
2 - أربع وأربعون ( 44) رباعية ترجمت كل منها عن رباعيتين فارسيتين أو بضع رباعيات، ويصح أن تسمى "رباعيات مركبة".
3 - رباعيتان مترجمتان عن رباعيتين لا توجدان إلا في طبعة "نيقولا" (9).
4 - رباعيتان تمثلان روح أشعار الخيام كافة
5 - رباعيتان متأثرتان بأبيات من "منطق الطير" لفريد الدين العطار (10).
6 -رباعيتان تمثلان تأثير غزليات "حافظ الشيراري" (11).
7 - رباعيتان، في الطبعتين الأولى والثانية، من منظومة فيتزجيرالد لا يعرف عن أي أصل ترجمها.

ن فيتزجيرالد مدين في معرفته بالفارسية وآدابها لتشجيع ادوارد كول Edward Qowell ومساعدته. وكان جل اعتماده على نسختي "بودليان" و "كلكتة".
جعل فيتزجيرالد يتعرف تدريجيا بالاستعانة بكتاب نحو فارسي ومعجم عربي فارسي انجليزي وبسؤال كول مرارا، على بضعة كتب فارسية من مثل: رباعيات الخيام، و "غزليات " حافظ الشيرازي، و "كلستان " وسعدي الشيرازي (13)، و"هفت بيكر" نظامي الكنجوي (13)، و "منطق الطير" فريد الدين العطار، و"سلامان وابسال " عبد الرحمن الجامي (14).
وأعطى كول الخيام في تموز 1856 نسخة مكتوبة من نسخة مكتبة "بودليان"، ومنذ ذلك الوقت، وقد كان عمره سبعا واربعين سنة بدأت صلته بالخيام. وفي حزيران 1857 وصلت اليه، بطلب من كول، صورة من نسخة أخرى من رباعيات الخيام كانت في "كلكتة".
تحتوي نسخة "بودليان" على مائة وثمان وخمسين (158)رباعية، وتضم نسخة "كلكتة" خمسمائة وست عشرة (516)رباعية، ولقد قرأهما فيتزجيرالد بدقة وقابل بينهما، ثم انشأ منهما معا منظومته [339[.
لقد نافت مدة انشغال فيتزجيرالد بمنظومته شبه الخيامية على عشرين عاما، اصدر، في خلالها، أربع طبعات منها بشيء من التنقيح كل مرة. وصدرت بعد وفاته، ضمن آثاره الكاملة،طبعة خامسة، وهي جميعا كالتالي:
1859: 75 رباعية.
1868: 110 رباعيات.
1872: 101 رباعية.
1879: 101 رباعية.
1889: 101 رباعية.
وعلى الرغم من ان فيتزجيرالد يسمي عمله "ترجمة"، وهو يمثل بالطبع بؤرة ترجمة اساسية، فان فنه النقدي المنظم في العمل كله ليطغى على فن ترجمته. وقد أدرك هو نفسه هذا،فقال عن الخيام وشعراء إيرانيين لاسميا فريد الدين العطار وعبدالرحمن الجامي "إن هؤلاء الشعراء الايرانيين في حاجة الى قدر من الفن يهب آثارهم نسقا متساوقا.
وأحسب اننا اذا ما اعترفنا، بحق، بأن فيتزجيرالد هو الذي ابتكر مخطط منظومته النقدي، أدركنا بنحو أفضل معيار الأهمية النسبية لفيتزجيرالد المترجم، وأعفينا أنفسنا من مشاق الاهتداء الى تعريف لمصطلح "ترجمة" يتواءم مع هذا الأثر العظيم. بيد أنه ما من شك في أن ثمة من يعدون منظومة فيتزجيرالد [340] ضرجا من الترجمة.
ومهما يكن من أمر، فقد قيل في تقريظها أنها أشهر ترجمة لأثر شرقي، وأجمل ترجمة وأشهرها في الإنجليزية بعد الكتاب المقدس الذي يعد نموذجا للبلاغة في الإنجليزية.
أفبعد هذا التحليل الدقيق النير الوجيز داع لأن يقال أن منظومة فيتزجيرالد أنموذج رائع متميز تنبعث منه أنفاس الخيام ؟ إن ما يثار من نقود ومآخذ من هنا وهناك بان فيتزجيرالد لم يترجم الرباعيات كلمة بكلمة أو جملة بجملة، أو أن المائة رباعية ورباعية ليست خالصة كلها للخيام، بل انداحت فيها رباعيات شعراء آخرين، إن هذا كله لا يقبل بتمامه وعلى عواهنه. فالرجل لم يكن محققا يسعى الى تبين الرباعيات الأصيلة، ولم يكن مترجما ضليعا ليترجم الرباعيات حرفيا، بل هو شاعر بكل ما للكلمة من معان، وذو روح تأثرية أملت عليه أن يتقمص الخيام ويتمثل شاعريته، ثم يبدع رائعته هو.
علينا أن نقبل منظومة فيتزجيرالد بحالتها التي هي فيها ونقدرها، فهي ليست، بأية حال، ملاك، رباعيات الخيام الأصلية (15






شموخ امراة 07-14-2013 04:17 AM

رد: رباعيات عمر الخيام
 

خيام كريستنسن
ليس ثمة شك في أن كريستنسن (16) هو أكثر المحققين الأجانب تعقبا للخيام، وصاحب دراسات دقيقة فيه [241[ فقد ألف ؛ بدءا، كتابا علميا (17) عام 1904 من ثلاثة فصول:

الأول، تاريخ ونقد؛ والثاني: خصائص الإيرانيين القومية وذوقهم الأدبي ؛ والأخير: بحث في رباعيات الخيام. ووزع فيه الرباعيات، من حيث المضمون، في أقسام، من مثل: القضايا الإنسانية، واهتبال الحياة، والتأمل في الحياة والمصير، وأهمية الأخلاق والتوبة.
واستشهد في كل فصل برباعيات من رباعيات الخيام ونظائرها عند شعراء آخرين من مثل: سعدي الشيرازي، وأمير معزي (18)، وناصر خسرو (19)، ونظامي الكنجوي، وأبي العلاء المعري ؛ وهو ما ينم على سعة إطلاعه في الأدب الفارسي.
غير أن الذي يؤسف له أن دراسته لا تستند الى أساس متين، لأن كثيرا من المصادر الموثوقة، نسبيا لم تكن معروفة آنذاك، بل جعلت تظهر تباعا. لقد كانت مخطوطة "بودليان وثلاث أو أربع نسخ خطية في مكتبات باريس وبرلين من أكثر مصادر المحقق الدانماركي وثوقا، أما سائر مصادره،فمجموعات "مخازن"، كتلك التي طبعت في "بمبي"، و "لكنهور واستانبول، وطهران، والتي يضم بعضها ما يزيد على سبعمائة(700) رباعية عجيبة غريبة (20).
وحسبنا إذا ما أردنا أن نتبين أهميتها من عدمها، أن نقول إن مجموعة "نيقولا"، وهي أكثر هذه المجموعات المطبوعة اعتبارا، تضم أكثر من أربعمائة ( 400) رباعية لا تناسب بينها، جمعها من شعراء مختلفين، حتى أن كريستنسن نفسه يشك،بحسه النقدي الأصيل، في أصالتها ويستشهد، ليدعم شكه وتردده بقول المحقق الروسي زوكوفسكي "لا علينا بالخيام الفيلسوف العالم، لكن أيتسنى لامريء له مشاعره الخاصة أن تصدر عنه كل هاتيك التصورات المتناقضة والأنماط المتباينة:أخلاق ورذيلة ؛ مسلك شريف وأسر في عقال الشهوات ؛ فكر عظيم في أمور الحياة وسقوط في مباذل سوقية...؟".
لقد أجاب كريستنسن، بجلاء عن هذا السؤال المحير وأرجع أسبابه الى عدم أصالة هذه الرباعيات ؛ وساق، ليؤيد وجهة نظره، ملاحظة دقيقة وجيهة، هي أن أقدم نسخ رباعيات الخيام نسخة " بودليان " التي كتبت عام 865 هـ وتضم (158) رباعية إلا أن عدد الرباعيات وصل الى ثمانمائة ( 800) في المجموعات الأخرى في القرون الثلاثة التالية لهذا التاريخ. واذا ما وصل عدد الرباعيات الـ(158) هذه الى ( 800) رباعية في ثلاثة قرون، أفلا يجب أن يشك، أيضا، في رباعيات نسخة بودليان الـ(158) هذه، وقد كتبت بعد حوالي ثلاثة قرون ونصف القرن من وفاة الخيام ؟ا.
ويرى بعد هذه الملاحظة، رأيا جديرا بالتقدير، وهو أن على الرغم من الشك في هذه الرباعيات، فإن هذا لا يقدح في أهميتها التاريخية والشعرية ولا ينال منها. أي يجب أن تفصل عن الخيام وتعد وليدة روح ايرانية تعبر عن الثورات السياسية والدينية والخلافات الاعتقادية والصراعات التي كانت تحتدم بينهم دائما. قد يكون [243] الخيام هو الذي بدأ بهذا وأعلنه،ثم لقفه الآخرون فبسطوه وتوسعوا فيه. ونستطيع أن نستشف من الرباعيات "العائرة" (الجوالة) التي نسبت الى الخيام، وهي في دواوين شعراء آخرين، أن الرباعيات الصوفية والرباعيات التي تنطوي على الغزل والعشق هي من الرباعيات المنسوبة التي أضيفت.
بيد أن كريستنسن، على دقة نظره وأسلوبه النقدي الدقيق، وقع في أخطاء أهمها "الأصل" الذي اتخذه للعثور على رباعيات الخيام الأصيلة ؛ فهو يرى أن ليس ثمة معيار لمعرفة الأصيل من الدخيل، وأن موضوعات الرباعيات المنسوبة الى الخيام مختلفة ومتناقضة بحيث يصعب معرفة صحيحها من السقيم. لقد افترض أن الرباعيات المذكور فيه اسم الخيام له،وعددها، وفقا لصنيعه، اثنتا عشرة ( 12) رباعية، يضاف إليها رباعيتا "مرصاد العباد "( 31)، فتكون أربع عشرة ( 14) من(500) رباعية منسوبة الى الخيام هي التي يمكن أن تعد له الى حدما.

ولم تكن قد ظهرت بالطبع، عام 1904 الذي ألف فيه كتابه، نسخة الدكتور روزن ورباعيات "مؤنس الأحرار "(22) الثلاث عشرة، ورباعيات "نزهة المجالس " (23) ورباعيات الوثائق الأخرى، ولم تكن والحال هذه للباحث الدانماركي من حيلة لتكوين رأي أوضح نسبيا عن رباعيات الخيام.
أما "المعيار" الذي اتخذه لمعرفة رباعيات الخيام الأصيلة، فمطعون فيه، بل يمكن أن يقال رأسا أنه يبتعد عن الجهة التي يجب أن يتحرك فيها. ففي الاثنتي عشرة رباعية المذكور فيها
اسم الخيام قرائن تشي بأنها ليست له، بل يقال أن بعضها رد على الخيام، وبعضها معارضة له، وبعضها دفاع عنه، وبعضها تقليد له، وإنني لمتناولها واحدة واحدة.
وتوج كريستنسن قي عام 1927 دراساته وتحقيقاته بتأليف كتاب آخر ( 24)، لأن الوثائق تزايدت ؛ وأصبحت دائرة بحثه تشتمل على ثماني عشرة (18) نسخة خطية، هي نسخ المتحف البريطاني والمكتبة الوطنية بباريس، ومكتبة برلين الحكومية ومتحف ليننغراد الآسيوي، ونسخة الدكتور روزن الخطية ونسخ مكتبات اكسفورد وكلكتة. يضاف الى هذا
رباعيات "نزهة المجالس" الإحدى والثلاثون، ورباعيات "مؤنس الأحرار" الثلاث عشرة... وقد اختار، بآخرة، مائة وإحدى وعشرين ( 121) رباعية من رباعيات هذه النسخ جميعا وعددها (1213)رباعية. ويدل منهجه في اختيار هذه الرباعيات على نفاذ بصيرته وحسه النقدي. وعلى الرغم من أنه أوصل رباعيات زوكوفسكي السيارة وعددها (82) رباعية الى مائة رباعية ورباعية ( 101)، فإنه هو نفسه لا يرى في هذا الصنيع فائدة تذكر في كشف الواقع والاهتداء الى رباعيات الخيام الأصيلة.
إنه يشك في الرباعيات ذات النزعة الصوفية المنسوبة الى الخيام، لأن عددها، في نظره، يزداد ما تأخر تاريخ النسخة التي تضمها، ولأنه لا يطمئن الى المجموعات المرتبة هجائيا، فهذا النظام لم يتداول الا منذ القرن التاسع الهجري، ولأن الجماع رغبوا في أن تكون للخيام رباعيات على جميع حروف الهجاء فتساهلوا في قبول الرباعيات. أما المجموعات المرتبة وفق الموضوعات [245] من مثل: وصف الله تعالى، والتوحيد، والتوبة، والتضرع، فلا يطمئن إليها كثيرا. وعلى الرغم من أن تحريات المستشرقين لم تراوح، عادة، حدود النسخ الخطية ومداراتها، وأقدمها نسخة بودليان، فإن كريستنسن يشك في بعض رباعياتها لفظا ومعنى، ويرى أنها بعيدة عن كلام الخيام وفكره. غير أنه اختار، مع هذا، مائة واحدى وعشرين (121) رباعية وفقا لمعيار "التواتر" أي أن الفيصل في انتخاب الرباعية يرتد الى تكريرها في أكثر النسخ. لكن هذا المعيار هو مبعث العثور بين رباعياته الـ(121) 1لمختارة على رباعيات كثيرة قد يشك في أصالتها بسرعة حتى يصعب عد بعضها للخيام.
ولما لم يكن من هدفنا هنا أن نفرد المجال لبحث نقدي، ونطرح الرباعيات المشتبه بها على بساط البحث واحدة واحدة، فبحسبنا أن نشير الى بضع رباعيات في الاستغفار والتوبة في هذه المجموعة تتعارض مع أحد المعايير التي اعتمدها المحقق الدانماركي نفسه في معرفة رباعيات الخيام الأصيلة من مثل (25):
أنا عبدك العاصي، فأين رضاكا؟
ولقد دجا قلبي فأين سناكا؟
إن كنت تمنحنا الجنان بطاعة
يك ذالنا بيعا، فأين عطاكا؟

فمن الجلي جدا أن قائل رباعية كهذه ليس سوى متشرع قشري، وغريب عن كل ما يمت الى الفكر الفلسفي بصلة، وأولى بها أن تنسب [246] الى الشيخ عبدالله الأنصاري (26) أو أحد اتباع مذهبه من أن تضاف الى من يقول (27):
طبائع الأنفس ركبتها
إن وجود رباعية واحدة في أكثر النسخ لا ينهض دليلا على أصالتها، لا سيما اذا تعارضت مع ما يتوافر من قرائن عن خصال عالم مثل الخيام ومسلكه ونمط تفكيره. ولقد أعمل كريستنسن نفسه، أحيانا حسه النقدي، ورفض رفضا قاطعا أن تكون الرباعية السبعون (28)* من نسخة "بودليان " للخيام.
إن امرءا يرى أن الموت والحياة في حركة دائبة، ويستشف،مما ينسب إليه من رباعيات، قنوطه من العودة الى الحياة كما في قوله (29):
وليت لنا، وإن سلفت قرون
رجاء أن سننبت كالزهور
وقوله (30):
أنت يا عمر لست بالتبر حتى
يخرجوه من بعد ما يدفنونه
وقوله (31):
ألا اغتنم قصير العمر لست بنبتة (32)
تعود فتنمو بعدما هي تحصد [247]
وقوله:
"أتدري أن مجيئك ألى الدنيا، كمجيء ذبابة سرعان ما تبيد".
إن إمرءا هذا شأنه، كيف يصح أن ينسب إليه مثل الرباعية التالية، وإن سردت في عشر (10) نسخ خطية من ثماني عشرة(18):
متى اقتلعت خف المنية دوحتي وعدت لدي اقدامها اتعفر(33)
فلا تصنعوا طيني سوى كوز قرقف عسى يمتلي بالراح يوما فأنشر
ونحن نعلم أن أغلب نساخ المجموعات كانوا مولعين بجمع رباعيات أكثر، وأن جل المتصدين للأمر ليسوا من أهل الفكر والأدب وأرباب الذوق والفهم العميق، وهو ما قادهم الى قبول رباعية توائم مستوى فكرهم وأذواقهم. إن قبولا عاما كهذا لا يمكن أن يعد ملاكا على صحة الأمر إذن.
وعلى أية حال فإن مطالعات كريستنسن وجهوده التي بذلها للوصول الى رباعيات الخيام الأصيلة تظل موضع تقدير.
ويشفع له، إذا ما حامت الشكوك حول الكثير من الـ(121) رباعية التي ارتضاها، أنه ليس من أبناء اللغة، فقد تعلم الفارسية اكتسابا، فضلا عن أنه لم يعن كثيرا بالقرائن والإمارات المتوافرة لدينا من القرن الخامس الهجري الذي عاش فيه الخيام [348[.
اسم الخيام في الرباعيات
رأي الدكتور روزن

الدكتور روزن (34) الألماني واحد من أصحاب الدراسات والتحقيقات اللامعة في الخيام. ترجم الرباعيات الى الألمانية (3) عام 1925 معتمدا نسخة مكتوبة عام 721 هـ تضم ثلاثمائة وتسع وعشرين ( 329) رباعية، اضافة الى رباعيات "مؤنس الأحرار" الثلاث عشرة، وثلاث وستين (63) رباعية في حاشية إحدى النسخ الخطية من ديوان "حافظ الشيرازي
".

والدكتور روزن نفسه يشك في صحة نسخته الخطية خطأ وكاغذا/ ورقا (أي لا يمكن أن يكون من عام 721 هـ)، ويظن أنها مكتوبة عن نسخة أصيلة. بيد أن ما فيها من رباعيات تعصى على الانتساب الى الخيام لفظا ومعنى يعمق الشك في صحة تاريخها. ويشاطر الدكتور روزن الرأي المحقق الدانماركي كريستنسن، إلذي يشك، كذلك في صحة هذه النسخة.
لقد اعتمد الدكتور روزن، في البحث عن رباعيات الخيام الأصيلة، الرباعيات المذكور فيها اسم الخيام وعددها اثنتا عشرة ولقد رفض، بأدلة مقبولة ستا منها، وجعل الست الأخرى ورباعيات "مؤنس الأحرار" الثلاث عشرة والرباعيات الست التي وردت في "مرصاد العباد" و "وفردوس التواريخ"(36) و"نزهة الأرواح (37) وعددها جميعا (25) رباعيات،جعلها معيارا لمعرفة الرباعيات الأخرى. لا شأن لي، هنا، بصحة هذا المنهح أو سقمه، بل إن قصدي ينصرف الى الرباعيات التي فيها كلمة "الخيام " [249[:
1 - فالدكتور روزن لا يرى، بفكره الغربي الواقعى، أن الرباعية التالية للخيام، ولا يمكن بالطبع أن تكون له (38): "وسقط الخيام، الذي يفصل خيام الحكمة، في كور الهم والغم فأحترق فجأة، وقطع مبضع الأجل أطناب عمره وباعه دلال القضاء بثمن بخس".
أجل، هذا صحيح، ورأي الدكتور روزان صائب، ويفوح جيدا جيدا، فضلا عن هذا من الرباعية أن بضاعة قائلها مزجاة، وأنه متسرع يؤاخذ الخيام ويفوقه في إدعاء الحكمة والاعتراف بالاجل، لكن فاته أنه حتى غير المشتغلين بالحكمة ممن يعدونها جرثومة الضلالة، وبناة العقائد الدينية قد ماتوا. يقول تعالى:(إنك ميت وإنهم ميتون)(39) ويقول:(ويبفى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)(40).
إن الاثنتي عشرة رباعية التي ورد فيها أسم الخيام واضحا لا لبس فيه، ينم في رأيي، عن عدم اصالتها جميعا، والرباعة السابقه واحدة منها وهي التي لم يقل الدكتور روزن بنسبتها الى الخيام.
2- "ان جسمك يا خيام كالخيمة تماما؛ والروح سلطان منزلها دار البقاء. وإذا ما رحل السلطان، يقوض الخيمة فراش الأجل".


شموخ امراة 07-14-2013 04:19 AM

رد: رباعيات عمر الخيام
 
ويسرد صاحب "طربخانه" ( 41) هذه الرباعية للشيخ أبي سعيد (42) جوابا عن رباعية الخيام الفلسفية المعروفة:
دارنده جو تركيب [250] طبايع اراست
أي:
"لما ركب الخالق الطبائع" (43)
وقد وجدها الدكتور روزن في النسخة المخطوطة من ديوان جلال الدين محمد (44) بهذا الشكل "أين صورت تن به خيمه اي ماند راست" (45) ومهما يكن، فإنه لمن الواضح أنها ليست للخيام، بل هي جواب عن رباعية للخيام.
3 - ربما نظم بعض الخبثاء الماكرين، أحيانا، رباعية يقلد فيها الخيام، ويظن، ضمنا، أنه يدافع عنه. ويرد على من رأوه آثما، كهذه الرباعية:
"الى متى أظل أبني على الماء؟! لقد سئمت الأديرة وعبدة الأوثا ن.
من قال يا خيام إن جهنم ثمة ! من مضى إليها ومن أتي من الجنة؟"
4 - وربما اتكأ ماكر آخر على مسلك الخيام ومشربه في أن الذنب الحقيقي هو إيقاع الضرر بالآخرين، فأجاز مبالغة، حتى "قطع الطرق" فيما يبدو من هذه الرباعية (46):
واسمع عن الخيام خير مقالة
اشرب وغن وسر إلى الخيرات
غير أن من الثابت اعتمادا على ما هو متوافر لدينا من خصال الخيام ومسلكه أن رجلا يقول
* أصوم عن الفحشاء جهرا وخفية *(47)
لا يمكن أن ينظم هذه الرباعية التي تقطر لا أباليه [251[.
5 - ونهد آخر لتقليد الخيام في الرباعية: "دولاب الفلك الذي نحن فيه حيارى"(48) التي يظن في أصالة نسبتها إليه ؛ والرباعية التالية التي تفوح فيها رائحة التقليد، اذ كرر "وي" في الشطرين الثاني والأخير، فقال:
" الإنسان كأس وروحه خمر، والجسم ناي صوته فيه. أتسرى يا خيام من ذا الإنسان المخلوق من طين ؟ إنه خيال الظل مصباحه فيه". لقد كان التقليد ودعوى التشبه بمشرب الخيام ومسلكه باعثا على نظم رباعيات كثيرة اشرت إليها في الفصل الثالث من هذا القسم، وقد هدف الناظمون، أحيانا، من ذكر اسم الخيام الى تسجيل مشربهم التشبهي، كما في الرباعيات التالية:
6 - حتى م صومك والصلاة تنسكا
فدع المساجد، واقصدن الحانا (49)
واشرب (50) فسوف ترى رفاتك تارة
كوزا وأخرى أكؤسا ودنانا
7 - خيام طب إن نلت نشوة قرقف
سحباك وردي الخدود وصالا (51)
إن كان عاقبة الوجود هي الفنا
فافرضى فناك وعش سعيدا بالا
8 - علام تأسى للذنب يا عمر
ماذا تفيد الهموم والفكر (52) [252[
لاعفوعمن لم يجن معصية
العفو عمن عصى، فما الحذرة !
ان في مكنة الذوق السليم القويم أن يسرك جيدا أن قائلي هذه الرباعيات كانوا ذوي مشارب ونزعات مختلفة، لكنهم افترضوا جميعا أن الخيام مثال بارز لمعاقرة الشراب والإنحراف عن التعاليم الشرعية. فمنهم من أشاد به،ومنهم من عزاه والتمس له العذر، ومنهم من رد عليه يوحي خياله الخاص، ومنهم من لم يتورع عن التعريض والكناية كما في الرباعية التالية التي يقال أن أحد المتشرعين القشريين نظمها ليدلل ؛ في الوقت نفسه على معرفته الفلسفية.
9 - ألقت الأفلاك يا خيام في بر الأزل (53)
(خيمة) كبرى، وسدت باب قول وجدل
ولقد أحدث ساقي الدهر في جام القضا
ألف خيام بدا مثل حباب واضمحل
الرباعية ليست في معظم النسخ، مما يحمل على الظن أن قائلها من المتأخرين، ويكاد تهافتها يسفر عن وجهه، فلفظة "خركة " معناها "الخيمة "، فكيف يصح أن يقال "الخيمة تنصب خيمة "؟ وحينئذ، كيف توصد السماء، وقد نصبت خيمة، باب الكلام ؟! قد تكون الرباعية جوابا عن رباعية الخيام المعروفة:
مانفع الدهر مجيء ولا...(54)
ومن هذا، كذلك، الرباعية السخيفة التالية التي وجدتها مع حوالي ثلاثمائة ( 300) رباعية أخرى باسم الخيام في حواشي [253] مخطوطة قديمة من ديوان حافظ الشيرازي:
"يا من أتبعت مذهب زرادشت، وألقيت الإسلام وراءك ظهريا،
إلام تعاقر الخمرة وتلاحق النساء؟
اقعد فإنك ميت لامحالة
وفي رباعية واحدة فقط من الرباعيات المظنون في أصالتها يرى اسم الخيام، في أحد مصادره الموثوقة "مؤنس الأحرار"
وقد أبدلت لفظة "خيام بكمة "أيام ".
* أيام زمانه ازكسى دارد ننك (55)
ومن المحتمل أن الكتبة هم الذين وضعوا كلمة "خيام" مكان "أيام" تجنبا لاستعمال "أيام زمانه"، (الدهر)، غير أن الشطر جاء في مخطوطة أخرى هكذا.
*أيام زنام آن كسى دارد ننك
أي: "الدهر يخجل من اسم ذاك الذي..."
وقد يفسر هذا بتصرف الكتبة كذلك.
وثمة رباعيتان رفضهما الدكتور روزن وكريستنسن أيضا ولم يريا أنهما للخيام، وهما عبارة عن "حواريتين " بين الخيام والرسول الأكرم، وليس ثمة من حاجة لذكرهما (56) 2541 م.

- 4 -
الرباعيات العائرة
منهج زوكوفسكي
للمستشرق الروسي زوكوفسكي (57) بحوث وتحقيقات في رباعيات الخيام (58). ولقد جعل وكده، لكيما يصل الى الرباعيات الأصيلة، أن يدقق في رباعيات شعراء ما بعد عصر الخيام. وكان كلما يعثر على رباعيات للخيام في ديوان أي شاعر آخر يبيح لنفسه أن يشك في أصالتها. يقول الدكتور روزن (59) "عثر زوكوفسكي على اثنتين وثمانين (82) رباعية بين رباعيات مجموعة نيقولا اد ( 464) في دواوين شعراء آخرين فسماها "الرباعيات العائرة / الجوالة. وقد أوصلها المستشرق الإنجليزي "روس " ( 60) والمستشرق الدانماركي كريستنسن الى مائة رباعية ورباعية (101)"

ليس ثمة من بأس على هذا المنهج الذي يتعقب سفر الرباعيات من ديوانه الى ديوان. فثمة حوالي مائة رباعية، من المنسوب الى الخيام، باسم: الأنوري ( 61)، والعطار، ونصير
الدين الطوسي (62)، ومجد همكر (63)، وأفضل الدين (64), والخواجة عبد الله الأنصاري، وحافظ الشيرازي، وغيرهم.
كثير من هذه الرباعيات ليسلت للخيام، وليس ثمة ما يمنع من أن تنسب الى أي شاعر آخر، حتى أن بعضها يتناسب تناسبا كاملا مع الشاعر الذي نسبت إليه. من مثل الرباعيتين:
- أنا عبدك العامي، فأين رضاكا؟....................(65)
- إن كنت تلهث خلف شهواتك وهواك .................(66)
اللتين يقال أنهما للخواجة عبدالله الأنصاري ؛ حتى لو لم يعثر عليهما في ديوانه، فهما بكلامه أشبه وبنكره ألصق.
وتجابهنا، أحيانا، رباعيات كالرباعية التالية التي [255م[ تنسب الى جلال الدين محمد والتي لا يعرف أنها للخيام، بل احتمال أنها ليست له أرجح. غير أنها ليست قريبة لا من أسلوب " مولانا" ولا من فكره، وهي، لم تكن للخيام، لواحد من اتباع مشربه:
لا تخش حادثة الزمان فإنها
ليست بدائمة علينا سرمدا (67)
واغنم قصير العمر في طرب، ولا
تحزن على أمس ولا تخش ا
لغدا
إن أمثال هذه النسبة غير المقبولة في الرباعيات العائرة كثير وهو دليل خطأ منهج زوكوفسكي، أو - في الأقل - عدم اتساقه وإمكان تطبيقه في كل مورد فمثلا، الرباعية (68):
هل ألجام مهما تم صنعا ودقة......................
التي وردت للخيام في "تاريخ جها نكشاي للجويني (69)، والتي يمكن أن تعد من الرباعيات الأصيلة، نسبت الى نصير الدين الطوسي في حين أنها لا تتواءم أبدا مع نمط فكره.
وثمة رباعيا ت نسبت الى حافظ الشيرازي، وهي لا تمت الى نحو كلامه بأي وجه من الوجوه، سواء أكانت من المظنون في أصالتها للخيام، هن مثل الرباعية ( 70):
إن ذاك القصرالذي زاحم الـ افق......................
أم من الرباعيات المشكوك فيها، بل المردودة، مثل (71)
"أيا من جئت الى الوجود بقدرتك"
بيد أن ثمة رباعية أخرى فيها سمات أسلوب الخيام، وهي (72):
إن لم يطق أحد منا ضمان غد *
نسبها زوكوفسكي الى فريد الدين العطار في حين أنها لا تمت أبدا الى أسلوب تفكيره بصلة، إن نظائر هذه النسبة [256] كثيرة أسرد الرباعيات التالية شواهد عليها تضاما للفائدة
- "ما جدوى مجيئنا ورحيلنا " *(73): حافظ الشيرازي
- *أصبحت بالسكر والصهباء مفتتنا *( 74) حافظ الشيرازي
- ان ذلك القصر الزي ضم بهرام *( 7).حافظ الشيرازي
- * أعب الطللا عمدا ومثلي شو حجى *(76). طالب الآملي
- * يقولون: حور في الغداة وجنة *(77): مجد همكر
- "أيها الغافلون، إن هشا الجسم لا شىء "(78). نصير الدين الطوسي
وثمة نماذج من هذا الاستقراء والتدقيق للباحث المحقق الفاضل جلال الدين همائي في مقدمة "اطربخانه ! وهي، لغير سبب أكثر قبولا وأدعى للثقة والاطمئنان، لأن صواب رأيه قاطع، فضلا عن سعة إطلاعه ودقة نظره لمعرفته بأساليب الشعر وطرز أفكار أصحابه. لكن، مما يؤسف له، أن كل ما ذكره في هذا الموضوع كان مطردا، ليثبت أن كثيرا من الرباعيات المنسوبة ش لى الخيام مبثوثة في دواوين الشعراء المتأخرين. إنه في كل الأحوال، منهج لا يفضي الى نتيجة ثابتة قاطعة.


والأمر الذي يجب ألا يغرب عن البال، هو أف الخلط والاختلاط في الرباعيات كثير. فثمة ما يقرب من ألفي (2000) رباعية باسم جلال الدين محمد (مولوي) في مجموعات مختلفة. ومن المؤكد أن نصفها بريء منه. ولقد بذل العالم المحقق فروزانفر جهدا كبيرا في تحقيق ديوانه الكبير وإخراج هذا الأثر القيم [257]، وتخصيص الجزء الثامن منه للرباعيات وعددها (1983) رباعية لكنه بين في مقدمته العلمية القيمة أن ليس كل هذه الرباعيات لمولانا جلال الدين.
يجب أن يراعى أسلوب الشاعر الكبير ونمط فكره أكثر من أن يراعى ما في النسخ والدواوين، لأننا، كما ذكرت مرارا، لا نعرف ما لدى جماع المجموعات من حصيلة أدبية ودراية بالشعرة على أنه يمكن أن يطمئن أكثر الى الرباعيات التي يستشهد بها في عدد من كتب الأدب والفلسفة، لأن لمؤلفيها، في الأقل، بضاعة ودراية، ولما أوتيه الخيام من فضل وعلم واحترام منذ أواخر القرن الخامس الهجري حتى أحيط اسمه بهالة من نور جعلهم يفزعون الى تأييد آرائهم بأقواله. ومن هنا يدهم الخاطر افتراض أن وجود الخيام الذهني كان محط توجه علماء الدين والمفكرين وذوي الأفكار الحرة، لسببين متغايرين:العلماء، لأن الخيام لم يسخر فهمه وعلمه لخدمة العقيدة ؛ والمفكرون لأنهم يستطيعون وقد تحرر الخيام من إسار العقائد، أن يستندوا الى آرائه وأفكاره ويفيدوا منها.
إن الاعتماد المحض على المخطوطات دون اعتبار لأية أمور أخرى يبتلي الباحث بأخطاء فاحشة، كالذي وقع لأحد الخياميين الأفاضل الباحث التركي "عبد الباقي جول [258[ بيارلي"، إذ عثر على تسع (9) رباعيات باسم الخيام في إحدى المخطوطات فضمنها "مجموعة في حين أنها ليست قريبة من كلام الخيام. غير أنه حذف أربعا ( 4) من رباعيات الخيام الأصيلة لأنها وردت باسم "أفضل الدين" في مجموع خطى بجامعة استانبول، على حين أنها خيامية الأسلوب والأفكار، بعيدة الصلة بأفضل الدين كاشي. والرباعيات المحذوفة.
1 - الدائرة التي أتينا منها وإليها معادنا....(79)
2 - * طبائع الأنفس ركبتها*
3 - "لأن الوجود لا يكون بهواك غير لحظة..... "(80)
4 -*هل الجام مهما تم صنعا ودقة.............؟*
إن كتاب "المجاميع"، خاصة اذا لم يكونوا من أهل اللغة،
يأتون بالعجائب والمضحكات أحيانا، كالذي فعله أحد كتاب المجاميع الترك (947 هـ)، إذ جمع عددا غفيرا من الرباعيات باسم الخيام في وصف أمثال أجير الإسكاف، وأجير الخباز، وأجير النساج. وكلها رباعيات مبتذلة عارية من أي مذاق أدبي. يقال أن ثلاثا من رباعيات هذا المجموع أعد لها هذا الشطر الأخر:
"هب نسيم السحر، وقال: انا"
ليتسابق ثلاثة من الشعراء في نظمها امتحانا لطبائعهم،أخذها صاحب المجموع وأدرجها فيه، وهي:
رأيت الورد يتربع على أطراف العشب،ممزقة ثيابه، [259[
وهو يقول: من مزق ستار جمالي ?
هب نسيم السحر، وقال: انا
كانت "شقائق النعمان "، وهي تتفتح في فضاء العشب،
تقول للياسمين بحرقة:
من يا ترى ينزع عن الورد حلته الذهبية ؟
هب نسيم السحر، وقال: انا

حين يممت صوب العشب متنزها في شهر "دي "(81)،
وألفيت حلل الورد ممزقة،
قلت: من مزق حللك الخفراء هذه؟
هب نسيم السحر وقال: أنا
ومثل هذا، إحدى المخطوطات، في مكتبة باريس (121S. T 1481 Bloceh )وهي تضم أربعا وثلاثين (34) رباعية باسم الخيام. فالبيتان التاليان، اللذان ليسا رباعية في الأصل وقد يكونان لأحد الشعراء المتأخرين، أثبتا فيها رباعية للخيام:
الجدة والشباب والحب وشذى الربيع،
والشراب والماء والخضراء والوجه الحسن،
ما أحلاها، خاصة لمن يستمع وقت الصبوح
الى انغام المزهر العذبة وتغريد الطير الشجي،
إن هذا الخلط والتداخل في المجاميع والنسخ الخطية يفضي الى نتيجة قاطعة، هي أننا لا نستطيع أن نعتمدها، ولا نستطيع،بالطبع " أن ننسب وفقا لها وحدها، رباعياتها الى شاعر ما [260].





شموخ امراة 07-14-2013 04:20 AM

رد: رباعيات عمر الخيام
 

- 5 -
خيام باسكال
من الأعمال التي ظهرت عن الخيام أخيرا <وقت صدور الكتاب> ورأيت من المناسب أن أذكره في ختام هذا الفصل، كتاب لبيير باسكال صدر قبل عشر سنوات في حلة قشيبة زاهية (82).

إن أهمية الكتاب لا تنبجس عن أن صاحبه جهد في تقصي رباعيات الخيام وأخرج فيها عملا جديدا. بالعكس، فهو لم يعن،بأية حال، بأصل المعنى أي رباعيات الخيام الأصيلة، وليس في كتابه من أثر لتحقيقات كريستنسن والدكتور روزن أو دقة زكوفسكي وتقصيه. لقد اعتمد النسخة المعروفة بنسخة كمبريدج (83)،التي تضم مائتين واثنتين وخمسين (252) رباعية متخذا منها، ومن نسخة أخرى معروفة هي نسخة جستربيتي المؤرخة في 685 هـ ، والمشتملة على مائة واثنتين وسبعين (172) رباعية، أساسا لعمله ، فضلا عن افادته من مخطوطتين في المكتبة الوطنية بباريس ، إحداهما مؤرخة في 852 هـ وتحتوي على ست وخمسين (56 ) رباعية، والأخرى مؤرخة بعام 879 هـ وتضم مائتين وثماني وستين (268) رباعية . ولقد اختار منها جميعا، فتجمع لديه ، باخرة، أربعمائة ( 400 ) رباعية.
وغني عن القول أن نسخة 604 هـ ونسخة685 هـ كليهما [261]، في نظر المحققين الإثبات ، من مثل جلال الدين همائي ومجتبى مينوي ، موضوعتان ، وتاريخ كل منهما منحول كذلك ؛ فضلا عن أن كثيرا عن رباعياتهما شاهد عدل على عدم صحة تاريخ كتابة كل منهما (84).
أما مخطوطتا المكتبة الوطنية بباريس ، فإن أحدا لم يشك ،الى الآن ، في صحتهما وأصالتهما وتاريخ كتابتهما، لكن أصالة رباعياتهما ما زالت مثار جدل وشك .
وانتقد بيير باسكال ، في مقدمة كتابه القيمة، فيتزجيرالد، وكرر هذا الانتقاد في مواضع أخرى من كتابه . ومحمور نقده أن فيتزجيرالد لم يترجم الخيام ، بل نظم شيئا من عنده ، في حين أنه هو ترجم الأربعمائة ( 400) رباعية ترجمة أمينة، وجهد في نقل معاني الأصل الفارسي الى الفرنسية نقلا دقيقا دون أدنى تصرف . ومن الإنصاف أن يقال إنه وفى بالمطلوب ، حتى أنه لما رأى أن ترجمة الشطر بالشطر، في بعض المواطن ، لا تفي بالمقصود عمد الى تفسير المصطلحات وتوضيح المعاني والتعابير الفارسية.
أما أصل المعمى أي العثور على الخيام ، فظل يراوح مكانه ،وباسكال لا يختلف فيه ، تقريبا، عن فيتزجيرالد الذي أخذ عليه أنه لم يترجم الخيام .
لم ينشط باسكال ، للعثور على رباعيات الخيام ، بأي جهد تحقيقي [362]، ولم يعن بفرز أصيلها من الدخيل . إن في وسعنا أن نقول ، إذن ، إنه مثل ، فيتزجيرالد، لم يصنع أثرامستقلا، لكن الفارق بينهما أن الرباعيات التي قد يركن الى أصالتها من بين رباعيات ترجمة باسكال الأربعمائة، قد ترجمت الى الفرنسية ترجمة صحيحة دقيقة.
وتكمن أهمية كتاب باسكال الجميل في :
أولا : الترجمة الجيدة الواضحة، والإيضاحات المفيدة عن بعض الرباعيات .
ثانيا : الإحصاء البليوغرافي المفصل ، نسبيا، بالمخطوطات المعروفة وترجمات رباعيات الخيام المهمة في اللغات المختلفة وعدد ترجماتها في كل لغة وأسماء المترجمين (85).
ثالثا : ذوق المؤلف في الرسومات والصور التي زين بها، بنحو بديع لافت ، الكتاب كله ، وهي جميعا رموز وإمارات تثير الخيال وتحرك الشاعرية وستظل رسوماته ، من مثل
المرأة التي تصب الشراب في كأس رجل عجوز، سوقا يعز وجودها.
رابعا وأخيرا :
القدرة الخلاقة على تقسيم المضامين ، وهي أهم ميزات الكتاب ، إنه في هذه البابة ذو سمات خاصة تجذب إليها القراء الأجانب وتستدرجهم ! لأن الكتاب يعرض عليهم الفكر الخيامي في فصول مختلفة على النحو التالى :[263]
1-الخمرة.
- خمرة الحكمة .
- خمرة العشق.
- الخمرة اليومية / العادية.
- خمرة اللحظة الراهنة .
- خمرة الموت .
2 - اغتنام لحظات الحياة
3 - عدم الاكتراث بالدنيا
- عالم الإنسان .
- أيام الليلة الواحدة.
- أهل الرياء والنفاق .
-العدم كل شيء .
4 - كل شيء فان .
5 - هل العودة الى الحياة ممكنة؟
6 - الخراف طينة البشر.
7 - الله والسماء (القدر):
-خيرالقضاء والقدر وشره .
ولقد ادرجت في هذه العنوانات رباعيات بعضها، بالطبع ،للخيام ، وبعضها ليس له ، لكن تنظيمها على هذا النحوعمل إبداعي خلاق ، لأنه يقيم من أنماط تفكير عدد من المفكرين الإيرانيين معرضا [264] للقراء، وهذا - في حد ذاته - عمل قيم حتى لو لم يكن الكتاب عن الخيام ، فالخيام موجود فيه ، مثلما هو موجود في منظومة فيتزجيرالد تماما.
إن كتاب بيير باسكال يعيد الى الأذهان التفاتة كريستنسن الذكية، وهي إن لم تكن كل هذه الرباعيات المتناقضة المتغايرة في مضامينها للخيام ، فإنها تمثل ، في الأقل الفكر الإيراني ، ودأب العقل الآري المتفتح في الفكاك من إسارة المفاهيم السامية. وفي الصفحات الأخيرة من الكتاب قائمة بمصادر الأربعمائة رباعية المختارة وخيام "فروغي " (83) فيها.



شموخ امراة 07-14-2013 04:26 AM

رد: رباعيات عمر الخيام
 
رباعيات الخيام في الأدب العربي

د.يوسف بكّار

كان لعمر الخيّام حضور جيد ولافت في التراث العربي القديم، ربما لأنه كان من أصحاب اللسانين الفارسي والعربي. عاش الحكيم في العصر السلجوقي، وكان من علماء المسلمين المشهورين في القرن الخامس الهجري، ومن شعرائه أيضاً. أتقن اللغة العربيّة وتعلّم بها وعلّم، وحاور بعض علماء عصره كالزمخشري والغزالي وناظرهم وأجاب عن سؤالاتهم؛ وكتب بها معظم مؤلفاته العلمية والفلسفية، وترجم منها إلى الفارسية خطبة لابن سينا، فضلاً عن أنه نظم بها شعراً، ولو قليلاً.
لم يشتهر الخيّام قديماً بأنه شاعر، لا بما نظم من رباعيات بالفارسية لأنها باعتراف نفر من الباحثين والعلماء الإيرانيين المعاصرين أنفسهم من مثل: ذبيح الله صفا وجلال الدين همائي وعلى دشتي ومحمد علي فروغي وقاسم غني كانت قليلة، ولا بشعره العربي القليل جداً؛ بل اشتهر كثيراً وعرف بعلوم الحكمة التي كانت تضم - آنذاك - الفلك والرياضيات والنجوم والطبيعيات والفلسفة وما يرتبط بها جميعاً.
إن في أخبار حجة الحقّ و الدستور في كتب التراث العربي القليلة التي تحدثت عنه ما يؤكد إسهامه في معارف عصره المختلفة، سواء في ما ترك من آثار مكتوبة أم شفهية تناقلتها الأخبار والروايات. لقد أنصفه - إلى حدٍّ كبير - مؤلفو تلك المصادر، وأشادوا بذكائه وفطنته وجهوده وفضله ومكانته العلمية في العربية وعلومها. وممّا قيل عنه: كان تلو أبي علي (ابن سينا) في أجزاء علوم الحكمة و كان عديم القرين في زمانه ، و كان عارفاً بجميع أنواع الحكمة سيما نوع الرياضيات .


لا يراد هنا ذكر مؤلفاته بالعربية والفارسية، ولا ذكر أخباره وما نقل عنه شفهياً، فكلها معروفة ومتداولة. وقد عُني بها وبنشرها عدد من علماء إيران من مثل: عبّاس إقبال، وسعيد نفيسي، ومحمد تقي أراني، وحبيب يغمائي، وجلال الدين همائي، ورحيم رضا زاده ملك. كما عُني بها من العرب: محيى الدين صبري الكردي ورشدي راشد وأحمد جابر وعبد الحميد صبرة من مصر، وقدري حافظ طوقان من فلسطين، ومن المسلمين سليمان الندوي، وبعض المستشرقين. ولا يُراد هنا ذكر المصادر التراثيّة التي تحدثت عنه، فقد فصّل كاتبُ هذه السطور هذا كله في بحث طويل عنوانه آثار عمر الخيّام العربية وأهميتها ، كما سيُصدر قريباً كتاب بعنوان عمر الخيّام: آثاره العربيّة وأخباره في كتب التراث .
إذا ما أُنعم النظر في آثار الخيام العربية، لا سيّما جواباته الفلسفيّة ومقدّمات مؤلفاته العلميّة وشعره العربي، وفي ما جاء عنه في مصادر التراث العربي من أخبار وروايات؛ يمكن أن يقال إنها هي التي تمثّل عمر الخيّام الأقرب إلى الحقيقة والواقع ممّا في الأعداد الكثيرة من الرباعيات، التي لا يعرف - إلى الآن - لا عددها الصحيح ولا الثابت النسبة منها إليه، وهي التي اعتمدها، لا سيما في العصر الحديث، كثيرون في الحكم عليه عقيدةً وسلوكاً وفكراً، وجاسوا خلالها لينسبوه إلى الكفر والإلحاد والباطنية ومذهب اللّذة والأبيقورية واللاأدرية والتناسخ والتصوف مثلاً. من هؤلاء، مثلاً، أحمد حامد الصرّاف، وعبد الحق فاضل، ومحمد موسى هنداوي، وإحسان حقي، وعبد اللطيف الجوهري (يوسف بكار: عمر الخيام والرباعيات في آثار الدارسين العرب).

ومنهم من ذهب، بدءاً، إلى أشياء مما تقدم كعباس محمود العقاد ومصطفى وهبي التل، بيد أنهم تراجعوا عن آرائهم بعد أن تعمقوا في دراسة الخيام من خلال آثاره وأخباره جميعاً، وليس من خلال الرباعيات فقط حتى قال العقّاد: والله لقد ظلموك يا صاحِ (صاحبي) بالتصوف كما ظلموك بتناسخ الأرواح (مصادفات في الطريق، في كتاب: جماعة الديوان وعمر الخيام ، ص 42-47) (يوسف بكار: جماعة الديوان وعمر الخيّام، ومقدمة ترجمة رباعيات الخيام لمصطفى وهبي التل). وقد انتبه أحمد الصافي النجفي إلى سوء الاستفادة من ترجمة الرباعيات، فقال نثراً: وقد منعت إعادة طبع تلك الرباعيات عندما رأيتها تضرُّ بأكثرية القرّاء الذين كانوا يسيئون الاستفادة منها، إذ كانوا يقرأونها في الحانات، ويزيدون من معاقرة بنت الحان (الخمرة).... (شاعر يقص قصّة حياته، ص 59)؛ وقال شعراً (ديوان ألحان اللهيب، ص 102):
قد كنت من خمرة الخيّام منتشياً
وإنما خمرة الخيّام إلهام
يظنّه الجاهل المسكين منغمراً
في الرّاح يطفو به في لجّها الجام
فراح يُدْمن سُكْراً باسمه نفرٌ
كأنهم إذ تدار الكأس أنعام
ظننت ترجمة الخيّام مأثرةً
إذا بها لضعاف الرأي إجرام
إذا كان مآل الشعر في نفرٍ
لا كان شعر ولا خمر وخيّام

أمّا في العصر الحديث ومنذ بدايات القرن العشرين، فقد اهتمّ العرب بالخيّام والرباعيات اهتماماً كبيراً جدّاً يفوق أيّ تصوّر وتوقع، ويفوق اهتمامهم بأي شاعر آخر من العرب قديماً وحديثاً إلى حدّ يكاد لا يقل عمّا هو عليه عند الغربيين وربما الإيرانيين. وليس من شكّ في أنّ الرباعيّات هي مبعث شهرته الأول، وإن جاءت قوية من الغرب مع مطالع القرن العشرين. يقول طه حسين: وقد كان علمنا بشؤون الأدب الإيراني قبل النهضة ضيّقاً محدود الوسائل، لا نستطيع تلمّسه عند أهله، وإنما نتلمسه عند الإنجليز والفرنسيين والألمان...، ويكفي أنّنا عرفنا - أول ما عرفنا - عمر الخيّام..... عن طريق التراجم (الترجمات)، وعن طريق ما كتب عنه الإنجليز (من مقدمته على كتاب حافظ الشيرازي شاعر الغناء والغزل في إيران، لإبراهيم أمين الشواربي).
يمكن حصر هذا الاهتمام في ثلاثة مسارب مهمة، هي:
(1) ترجمة الرباعيات وشعره العربي.
(2) التأليف فيه والكتابة عنه.
(3) التأثر والتأثير.
فأمّا المسرب الأول، فقد ترجمت أعداد متفاوتة من الرباعيّات، التي لا يجمعها ديوان، شعراً فصيحاً وشعبيّاً ونثراً عن الفارسيّة والتركية والإنجليزية والإيطالية نهض بها مترجمون من أكثر البلدان العربيّة لا سيما العراق ومصر. وقد أحصيت منها حتّى العام 1988 خمساً وخمسين ترجمة، هي التي درستها في كتابي الترجمات العربيّة لرباعيات الخيّام: دراسة نقدية (الدوحة، 1988)، وبيّنت ما لكل ترجمة وما عليها، فضلاً عن الفصل الرابع من كتابي الترجمة الأدبيّة: إشكاليات ومزالق ، وهو أهم إشكاليات ترجمة رباعيات الخيّام (ص 73-128) الذي خصّصته للمشكلات العامة والخاصة عند عدد من المترجمين. فأمّا المشكلات العامة، فهي: مفهوم الرباعيّة وقوالبها المختلفة: الثلاثيّات (3 أبيات)، والمربّعات (4 أبيات)، والخماسيّات (5 أبيات)، والمسدّسات (6 شطور) والسباعيّات (7 شطور). أمّا المشكلات الخاصة، فهي: ترجمة جام جم إلى كأس جمشيد ، و فانوس خيال إلى الفانوس السحري ، و هره كهربا ، و لعبت بازى إلى اللعب ومشتقاته أو لعبة الشطرنج . وجاءت الترجمات كما يأتي:
(1) الترجمات والمنظومات الشعريّة: ثلاث وثلاثون.
(2) الترجمات النثريّة: خمس عشرة.
(3) المنظومات والترجمات الشعبيّة: سبع. وهي لمترجمين من مصر والعراق ولبنان فقط.

واهتديت، بعد ذلك، إلى ما يقرب من عشر ترجمات أُخرى ستضاف إلى الطبعة الجديدة من الكتاب، وفيها ترجمة مفقودة للشاعر السوري محمد الفراتي، وأخرى للشاعر السوداني محمد عثمان كجراي لم أتمكن من الحصول عليها حتّى الآن. من المهم أن يشار إلى أن نظام الدين الأصفهاني المتوفى سنة 680 ه كان أول من ترجم رباعية واحدة إلى العربية، هي الرباعية المشهورة:
دارنده وتركيب عناصر آرست... الخ .
وردّ عليها بأربع رباعيات من نظمه هو (رباعيات نظام الدين الأصفهاني، ص 8؛ والشيبي: ديوان الدوبيت في الشعر العربي، ص 287).
أمّا المعاصرون، فكان أحمد حافظ عوض (من مصر) أول من ترجم تسع رباعيّات نثراً عن الإنجليزية ونشرها في العام 1901 (شعراء الفرس: عمر الخيّام، المجلة المصريّة، العدد 7، أيلول 1901)، وتلاه عيسى إسكندر المعلوف بترجمة ست رباعيات شعراً عن الإنجليزية في العام 1904 ونشرها في العام 1910 (عمر الخيّام: ما عرفه العرب عنه، مجلة الهلال، السنة 18، الجزء 6، آذار 1910).
بهذا ينتفي ما شاع من أن وديع البستاني اللبناني كان أول من ترجم رباعيات للخيام عن ترجمة الإنجليزي فيتزجيرالد في العام 1912.
أمّا شعر الخيّام العربي، وهو قليل، فقد لاحقته في المصادر القديمة، وكان أوّلها خريدة القصر - قسم شعراء العجم للعماد الأصفهاني، الذي كان أول من لفت الانتباه إلى الخيّام الشاعر، إذ أورد له مقطوعة عربيّة من أربعة أبيات، وجمعت له واحداً وثلاثين بيتاً هي التي حققّتها وخلصتها ممّا ابتليت به من تصحيف وتحريف عند القدماء والمعاصرين من إيرانيين وعرب، ونشرتها مع مقدمة ضافية في مجلة آفاق الثقافة والتراث بدبي في العام 2007.
إن شعر الخيّام العربي مهم ولافت لمزيد من البحث عن حقيقة الخيّام والرباعيات في الفارسيّة والعربية من حيث العدد والمضامين معاً.
أما المسرب الثاني التأليف في الخيام والكتابة عنه، فثمة كتب مستقلة بذاتها، وأعداد من البحوث والمقالات وفصول الكتب، هي التي تتبعت أكثرها ودوّنته في كتابي عمر الخيّام والرباعيات في آثار الدارسين العرب (بيروت، 1988)، فكانت - والترجمات فيها - مئتين وتسعة وخمسين عملاً. وقد عثرت، بعد ذلك، على أعداد أخرى، فضلاً عما جدّ بعد العام 1988، وهو ما سوف تتضمنه الطبعة الجديدة من الكتاب.
ونتج عن قراءتي لأكثر هذه الكتب والبحوث والمقالات أنّني وجدت فيها كثيراً من الأوهام والأخطاء، ممّا دعاني إلى تأليف كتابي الأوهام في كتابات العرب عن الخيّام (بيروت، 1988) الذي جعلته في قسمين: الأول للأوهام والأخطاء المشتركة، والآخر للأوهام والأخطاء الفردية عند باحثين بأعيانهم.

فأمّا المشتركة، فأهمها في: تاريخ ميلاد الخيّام ووفاته، وشعره العربي، وأول مترجم عربي للرباعيّات، والسرقة والاختلاط، وأعداد رباعيات بعض الترجمات. أما الأخطاء والأوهام الفردية المختلفة فما وجدته عند عدد من الدارسين، من مثل: كامل مصطفى الشيبي وجعفر الخليلي (العراق)، وطه وادي وكمال الملاّخ (مصر)، وإبراهيم العريّض ومكي البحراني (البحرين)، وتوفيق ضعون وعيسى إسكندر المعلوف (لبنان)، وسليمان الأزرعي (الأردن).
وثمة أوهام وأخطاء أخرى عثرت عليها بعد العام 1988 سوف تأخذ طريقها إلى الطبعة الجديدة من الكتاب إن شاء الله.
وأما المسرب الأخير التأثر والتأثير الذي يندرج في الأدب المقارن، فقد عُني عدد من الباحثين بتأثر عمر الخيّام بأبي العلاء المعري. ربما كان أقدمهم عباس محمود العقّاد في مقالته عمر الخيّام ، وهي إحدى مقالاته السبع فارس: شعرها وشعراؤها التي نشرت أولاً في صحيفة الدستور في العام 1908، ثم أُعيد نشرها في كتابه مواقف وقضايا في الأدب والسياسة (بيروت، 1974). ثم تلا هذا بحوث ومقالات أقدمها وأهمها: بين المعري والخيّام: فكرة الموت ومصير الأجساد لفؤاد أفرام البستاني (مجلة المشرق، لبنان، 1928)، و المقارنة بين المعري والخيّام لأحمد حامد الصرّاف (مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق، 1930)، و بين أبي العلاء والخيّام لعبد الوهّاب عزّام (مجلة الهلال، مصر، 1938)، و عمر الخيّام ورباعياته: مقارنة بين المعري والخيّام لعمر فروّخ في كتابه حكيم المعرّة (بيروت، دون تاريخ)، و مقارنة بين تفكير الخيّام والمعري لعبد الحق فاضل في كتابه ثورة الخيام (بيروت، 1968)، و لقاءات فكريّة بين المعري والخيّام لعبد القادر محمود (مجلة القاهرة، 1986)، و بين المعرّي والخيّام لأحمد كمال حلمي (مجلة الشعر، القاهرة، 1980) (يوسف بكار: جماعة الديوان وعمر الخيّام، وعمر الخيّام والرباعيات في آثار الدارسين العرب، وببليوغرافا الدراسات العربية المقارنة في اللغات الشرقيّة وآدابها، ووثائق رياديّة منسيّة في الأدب العربي المقارن).

غير أن ثمة تأثرات أخرى للخيّام بالشعر العربي لم يفطن أحد إليها إلى الآن، هي التي سأكتب عنها، وهي التي تكشف عن تأثر الخيّام أو صاحب الرباعيّات بشعر كلّ من أبي محجن الثقفي، وأبي نواس، وأبي العتاهيّة، وابن الرومي.
أما تأثير الخيّام نفسه في الشعر العربي المعاصر، فقد كشف بعض الدارسين جوانب منه في مؤلفات عامة، كما في كتاب تيارات ثقافية بين العرب والفرس لأحمد محمد الحوفي (القاهرة، 1978)، وكتاب دير الملاك لمحسن إطيمش (بغداد، 1982)، وكتاب دراسات مقارنة في الأدب العربي والتركي المعاصر لعبد الرزاق بركات (القاهرة، 2006) الذي يعرض فيه لتأثير رباعيات الخيّام في الشعر العربي والتركي الحديث (ص135-250)؛ في حين أن بعضهم درس تأثير الخيّام في شاعر معيّن. من هذه الدراسات: رباعيات الخيّام وطلاسم أبي ماضي لماهر حسن فهمي (مجلة تراث الإنسانية، 1969)، و أثر الخيّام في شعر مصطفى وهبي التل لكمال فحماوي في كتابه الشاعر مصطفى وهبي التل: حياته وشعره و الغواية والاستغفار والغفران بين أبي نواس وعمر الخيام ومصطفى وهبي التل لعيسى الناعوري (مجلة أفكار، الأردن، 1983) (يوسف بكار: عمر الخيّام والرباعيات في آثار الدارسين العرب، وببليوغرافيا الدراسات العربية المقارنة في اللغات الشرقية وآدابها)، و بين الخيّام وعرار لخالد الكركي في كتابه دم المدائن والقصيد: هواجس عربيّة (بيروت، 2000). يضاف إلى هذا تأثر شعراء الديوان: عباس العقّاد، وعبد الرحمن شكري، وإبراهيم المازني كما في كتابي جماعة الديوان وعمر الخيّام .
ومن الشعراء العرب من نظم وكتب في الخيّام بوحيٍ منه واتخاذه قناعاً ، كعبد الوهاب البياتي في ديوانيه الذي لا يأتي ولا يأتي و الموت في الحياة ، وفي مسرحيته النثريّة محاكمة في نيسابور (مجلة المعرفة، دمشق، 1970).


شموخ امراة 07-14-2013 04:31 AM

رد: رباعيات عمر الخيام
 
فن الرباعيات في الشعر الفارسي

http://img.tebyan.net/big/1390/08/20...2316846221.gif
اسمه بالرباعيات المنظومة بالفارسية على شكل (الدوبيت) والمكونة من أربعة أشطر تنتهي بقافية واحدة ووزن واحد؛ وهو ما عرف باسم الرباعي الكامل، أما الرباعي الخصيّ (الأعرج) فهو يقوم على وزن واحد مع اختلاف قافية الشطر الثالث – غالباً-. والوزن هو بحر (الهزج) المؤلف من تكرار تفعيلة (مفاعيلن) ست مرَّات.. وقد استخرج منه الشعراء أربعة وعشرين وزناً.. علماً أن معظم رباعيات الخيّام من الخصيّ.‏
ولذلك سميت بالرباعيات، وهذا الفن معروف في الشعر الفارسي منذ أواخر القرن الثالث الهجري. وقد نظم عليه شهيد البلخي المتوفى (325ه ‍ /936م) والرّودكي السمرقندي المتوفى (329ه ‍ /940م) والدقيق الطوسي المتوفى (368ه ‍ /978م).. وأبو سعيد ابن أبي الخير المتوفى (440ه ‍ /1049م)؛ وغيرهم.. ‏
وعرف بعض معاصري الخيام الرباعيات واشتهروا بها كالشيخ عبد الله الأنصاري المتوفي (488ه ‍ /1088م) فضلاً عن أنَّ الأستاذ أحمد حامد الصراف وآخرين يرون أن هناك شاعراً آخر يدعى الخيّامي، واسمه علي بن محمد بن أحمد بن خلف الخراساني الملقب علاء الدين.. وهو كثير الشعر مشهور؛ وربما يكون قسم منه نسب لعمر الخيَّام.‏
وإذا كان العرب والمسلمون قد عرفوا المُشَطَّرات الشعرية والمُخَمَّسات والمربَّعَات ولا سيما في الموشحات فإن الرباعيات تختلف في بنيتها القائمة على تكرار كثير من الأفكار. ولعل هذا يجعلها لا تحتاج إلى شاعرية إبداعية بالمعنى الدقيق للشاعرية؛ لأنها لا تحتاج إلى جهد كبير على رأي بعض الدارسين.‏
ومهما يكن القول فالرباعيات نتاج فارسي جُمعت في أواسط القرن التاسع الهجري بعد مضي ثلاثة قرون ونصف على وفاة عمر الخيام؛ ولا يُعْلم عددها بدقة؛ لأنه ما زال يظهر لدينا أشكال منها وإن قيل: بلغت (1200) رباعية.. وقد تناولها الدارسون وحققوا عدداً منها لعمر الخيام، بينما نُسب إليه شعر آخر كثير.‏
وبناء على ما وصل إلينا فهناك مَنْ يرى أن رباعيات الخيام عرفانية صوفية ولا صلة لـه بكل ما انطوى على العبث والإلحاد.. وهناك من يرى أنه لم ينظم أي رباعية؛ لأن مكانته المعرفية والعلمية والعرفانية تبعده عن ذلك؛ علماً أن المؤرخين في عصره وبعده لم يذكروا أنه شاعر، ولا سجلوا له أي رباعية من أي نمط كان؛ وإنما جاءت شهرته من إبداعاته في الفلك وعلم الحساب..‏
ويرى (رضا زاده شفق) أن الخيّام كان ينظم الرباعيات (ليفرج بها عن نفسه بعد طول البحث في مسائل النجوم، أو التدقيق في أبحاث الطب، أو التحقيق في غوامض الحكمة، ولقد كان يسجل الفكرة الكبيرة في تلك الرباعيات البسيطة اللطيفة. ويقال: إنه حينما يتحير في حلّ مسائل العلم بطريق العقل والبرهان كان يتحرك إحساسه عند النظر في تلك المسائل فيظل مبهوتاً متحيراً، فإذا به يحلق في الفضاء الواسع، فيطير بفكره وخياله فيجري لسانه بتلك الرباعيات). ومثله كان أبو حامد الغَزَّالي يتكلم بالنثر تارة ويلجأ إلى الشعر تارة أخرى.‏
فإذا صحَّ ما قاله عنه رضا زادة من إنشاء الرباعيات ترفيهاً لنَفْسِه وتخفيفاً لآلامه من طول النظر في المسائل العلمية الدقيقة فإنَّ الخيام يكون سابقاً للمدارس التربوية الحديثة التي تصطنع الترفيه بالموسيقى واللعب في العملية العلمية والتربوية لطلاب المدارس وغيرهم..‏
دون أن ننسى لحظة واحدة أنَّ الترويح عن النفس بعد طول الذكر والتفكر مبدأ إسلامي يثبته حديث رسول الله(ص) لحنظلة الأسيدي: (والذي نفسي بيده إنْ لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة - ثلاث مرات).‏
وليست الغاية من البحث دراسة توثيق الرباعيات للخيام، فقد أغنانا الدارسون عن هذا كله.. ولم يتوصلوا إلى رأي قاطع في الأمر؛ فمنهم من أثبت له ست عشرة رباعية؛ ومنهم من زادها إلى ست وثلاثين أو ست وخمسين.. وأوصلها آخرون إلى ما يزيد على مئة كما هي عليه الرباعيات التي اعتمدناها بترجمة أحمد الصافي النجفي؛ ومصطفى وهبي التل المشهور بَعَرار... الأولى شعرية والثانية نثرية..‏
ومهما يكن الأمر فمنعم النظر في الرباعيات يدرك أنها متفاوتة المضمون والبناء؛ وإن تشابهت في كثير من الملامح الفنية؛ مما يصعب القطع في نسبة عدد منها إلى شاعر بعينه.. ولهذا جعلنا الترجمتين السابقتين أصلاً لدراستنا، وإن لم نهمل الإشارة إلى ترجمات أخرى.‏
وهنا تقتضي الإشارة منا إلى
أن الرباعيات ترجمت إلى العربية عن الفارسية في الوقت الذي ترجم عدد منها عن لغات أخرى كالإنجليزية.. فقد ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واللاتينية والنمساوية والتركية وغيرها

ويبدو لي أن العرب عرفوا الترجمة الإنجليزية قبل أن يطلعوا عليها بالفارسية، وأول من ترجمها إلى الإنجليزية (توماس هيد) أستاذ اللغتين العربية والعبرية في جامعة أوكسفورد سنة (1700م)، ولكن ترجمة الشاعر الإنجليزية (فتزجيرالد) سنة (1859م) هي التي أصابت الشهرة في الأوساط الإنجليزية؛ لأنها اتصفت بالشفافية والدقة؛ فضلاً عن أنها تواءمت طبيعتها ومفاهيمها مع طبيعة الغربيين، ومبدأ الشك، والبحث عن سر الوجود؛ لذا بلغت طبعاتها حتى سنة (1925م) نحو (129) طبعة. ومن ثم تجاوزت اليوم ثلاث مئة طبعة.. ما جعل الخيام يحوز مكانة عالمية بها دون إهمال شهرته بعلم الرياضيّات والفلك ووَضْع التقويم الشمسي..‏
أمَّا ترجماتها العربية فقد زادت على خمس عشرة ترجمة، عدا الدراسات والأبحاث التي قامت حولها، ويعد الأستاذ وديع البستاني أول من ترجمها عن الإنجليزية إلى العربية سنة (1912م) وأحالها إلى سباعية بدل الرباعية.‏
ولما اطلع عليها عدد من الشعراء العرب سارعوا إلى ترجمتها عن الفارسية؛ فقد ترجمها عن الفارسية أحمد الصافي النجفي إثر قراءته لترجمة وديع البستاني، ثم حرص الشاعر أحمد رامي على تعلم الفارسية وترجم الرباعيات عنها سنة (1924). وتزيد ترجمة رامي شفافية على ترجمة النّجفي؛ وإن سكب كل منهما روحه الشاعرية فيها؛ إذ ترجم الحالة الشعرية التي امتزجت بالحالة الشعورية. والسبب في شفافية رامي أنه كان يقع تحت تأثير أحزان فقد أحد ذويه..‏
وحينما قرّب أحمد رامي الرباعيات إلى النفس العربية بأساليب رقيقة، كان لصوت أم كلثوم أثر بعيد في شهرتها بين الناس حين غنت بعض الرباعيات من ترجمته.‏
وكان الشاعر جميل صدقي الزهاوي قد ترجمها شعراً سنة (1924م) عن الفارسية؛ ولكنه أكثر التصرف فيها، ثم ترجمها نثراً فالتزم بالنقل الحرفي مثله مثل (مصطفى وهبي التل) الملقب بـ (عَرار)؛ على حين جمعت ترجمة محمد الفراتي بين الروح الشعرية والالتزام بكثير من المعاني الأصلية باعتباره متقناً للفارسية، ومترجماً عنها، فضلاً عن ترجمات أخرى كترجمة محمد السباعي وأحمد حامد الصراف مما وقف عنده الدكتور عبد الحفيظ محمد حسن.
وقبل أن نشير إلى خَصائص الرباعيات نثبت أن هذه الترجمات لم تكن مبنية على بحر الهزج وحده، ولم تتبنَّ طريقة واحدة في الشكل، في الوقت الذي اختلفت فيه في طريقة التعبير عن الأصل الفارسي بين النقل الحرفي والمجازي الذي أدخلها في تأويلات جديدة لم تكن في الأصل.. فمن ترجم الحالة الشعرية- باعتباره شاعراً - كالسباعي والنجفي وأحمد رامي فإن ترجمته اتّصفت بالشفافية والصور المتخيلة التي تسمو بالنفس لأن شخصيته وثقافته عدت جزءاً من التجربة الإبداعية الجديدة، وحملت العديد من رؤاه. ومن ترجم الرباعيات ـ باعتباره ناثراً ـ كالزهاوي وتوفيق مفرّج وعرار وأحمد حامد الصرافي فقد اتصفت ترجمته بالنقل الحرفي غالباً؛ وإن لم يستطيع عزل ثقافته عنها.. فتارة تكون دقيقة أمينة؛ وتارة أخرى يتصرف فيها كثيراً بما يتسق وما يملكه من ثقافة.‏
لهذا كله تظل الأحكام الصادرة عليها مرتبطة بذلك كله؛ سواءً منها ما يتعلق بدراسة المضمون أم الشكل..‏
ومهما يكن الأمر فالرباعيات دلت على نزوع عقلي، وقريحة نادرة، وموهبة فذة امتزجت بحس مرهف، وعاطفة متوثبة شفافة... فالحالة الشعرية تستند إلى العقل والحَدْس، فهما أساس الرؤية الشعرية الفلسفية لدى الخيام؛ بل إن والعقل لديه - كما نرى – (ممارسة وجودية تتغير أبنيتها وعلاقاتها مع كل فضاء فكري يُفْتَح، أو كل شكل معرفي يُبْتَكر). ولهذا طغت الدلائل الشعرية المتركزة حول مبدأ الشك واليقين، حتى انتهت لديه إلى فلسفة الوجود والعدم؛ وإن وقيل: إنه من الجبريين؛ أو قيل: إنه من الباطنيين، أو من الأبيقوريين؛ وكذلك قيل: كان لا أَدْريّاً، ومتشائماً.‏
وبناء على ذلك كله كان علينا اختيار الترجمتين اللتين أشرنا إليهما ـ‏
إذ لا بد من الاختيار ـ وهما من أقرب الترجمات إلى الأصل الفارسي ـ وإن كانت ترجمة النجفي ترجمة شعرية - لنبرز فلسفته بين العدم والتصوف؛ هذه الفلسفة التي تنتمي إلى ما يعرف بالشعر الفلسفي؛ باعتبار وظائفه ودلائله وأهدافه، ما يقربه من مفهوم الفلسفة الذي يعني بالكشف عن المشاعر والمعارف والحقائق.‏ ولما أردنا ذلك قدمنا بما يدخلنا إليها بمفهوم (حدود وأبعاد) وأتبعناه بمبدأ الشك واليقين لديه؛ لنكتشف حدوده ومفاهيمه باعتباره العلة للاتجاه الفلسفي المادي الوجودي الذي أوصله إلى فلسفة العدم.. وهذه الفلسفة هي التي أخرجتنا إلى النقيض الذي يتجسد في فلسفة التصوف والحكمة لديه..‏





تم نقل الموضوع من عدة جهات ومن عدة دراسات اخترت اشهرها


ارجو ان تكون الاضافة ذات افادة وهذا هو القصد من هاته الوقفة التحليلية لاحدى روائع العالم


رباعيات عمر الخيام


تحياتي واحترامي للجميع


شموخ امراة


شموخ امراة 07-14-2013 04:33 AM

رد: رباعيات عمر الخيام
 
رباعيات الخيام


سمعت صوتا هاتفا في السحر
نادى من الحان : غفاة البشر
هبوا املئوا كأس الطلى قبل أن
تفعم كأس العمر كف القدر

***
أحس في نفسي دبيب الفناء
ولم أصب في العيش إلا الشقاء
يا حسرتا إن حان حيني ولم
يتح لفكري حل لغز القضاء

***

أفق وهات الكأس أنعم بها
واكشف خفايا النفس من حجبها
وروّ أوصالي بها قبلما
يصاغ دنّ الخمر من تربها

***

تروح أيامي ولا تغتدي
كما تهب الريح في الفدفد
وما طويت النفس هما على
يومين أمس المنقضي والغد

***

غد بظهر الغيب واليوم لي
وكم يخيب الظن في المقبل
ولست بالغافل حتى أرى
جمال دنياي ولا أجتلي
***

سمعت في حلمي صوتا أهاب
ما فتق النوم كمام الشباب
أفق فإن النوم صنو الردى
واشرب فمثواك فراش التراب

***

قد مزق البدر سنار الظلام
فاغنم صفا الوقت وهات المدام
واطرب فإن البدر من بعدنا
يسري علينا في طباق الرغام

***

سأنتحي الموت حثيث الورود
وينمحي اسمي من سجل الوجود
هات اسقنيها يا منى خاطري
فغاية الأيام طول الهجود

***

هات اسقنيها أيهذا النديم
أخضب من الوجه اصفرار الهموم
و إن مت فاجعل غسولي الطلى
وقد نعشي من فروع الكروم

***

إن تقتلع من أصلها سرحتي
وتصبح الأغصان قد جفت
فصغ وعاء الخمر من طينتي
واملأه تسر الروح في جثتي

***
لبست ثوب العيش لم أستشر
وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم
أدرك لماذا جئت أين المقر

***

نمضي وتبقى العيشة الراضية
وتنمحي أثارنا الماضية
فقبل أن نحيى ومن بعدنا
وهذه الدنيا على ما هيه

***

طوت يد الأقدار سفر الشباب
وصوحت تلك الغصون الرطاب
وقد شدا طير الصبى واختفى
متى أتى يا لهفا أين غاب

***

الدهر لا يعطي الذي نأمل
و في سبيل اليأس ما نعمل
و نحن في الدنيا على همها
يسوقنا حادي الردى المعجل

***

أفق خفيف الظل هذا السحر
وهاتها صرفا وناغ الوتر
فما أطال النوم عمرا ولا
قصر في الأعمار طول السهر

***
اشرب فمثواك التراب المهيل
بلا حبيب مؤنس أو خليل
و انشق عبير العيش في فجره
فليس يزهو الورد بعد الذبول

***

كم آلم الدهر فؤادا طعين
و أسلم الروح ظعين حزين
وليس ممن فاتنا عائد
أسأله عن حالة الراحلين

***

يا دهر أكثرت البلى والخراب
و سمت كل الناس سوء العذاب
ويا ثرى كم فيك من جوهر
يبين لو ينبش هذا التراب

***

وكم توالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامش الهوينا إن هذا الثرى
من أعين ساحرة الإحورار

***

أين النديم السمح أين الصبوح
فقد أمض الهم قلبي الجريح
ثلاثة هن أحب المنى
كأس و أنغام ووجه صبيح

***
نفوسنا ترضى احتكام الشراب
أرواحنا تفدى الثنايا العذاب
و روح هذا الذي نستله
ونستقيه سائغا مستطاب

***

يا نفس ما هذا الأسى والكدر
قد وقع الإثم وضاع الحذر
هل ذاق حلو العفو إلا الذي
أذنب والله عفا واغتفر

***

نلبس بين الناس ثوب الرياء
و نحن في قبضة كف القضاء
وكم سعينا نرتجي مهربا
فكان مسعانا جميعا هباء

***

لم تفتح الأنفس باب الغيوب
حتى ترى كيف تسام القلوب
ما أتعس القلب الذي لم يكد
يلتام حتى أنكأته الخطوب

***
عامل كأهليك الغريب الوفي
واقطع من الأهل الذي لا يفي
و عف زلالا ليس فيه الشفا
واشرب زعاف السم لو تشتفي

***


أحسن الى الأعداء و الأصدقاء
فإنما إنس القلوب الصفاء
و اغفر لأصحابك زلاتهم
وسامح الأعداء تمح العداء

***

عاشر من الناس كبار العقول
وجانب الجهال أهل الفضول
واشرب نقيع السم من عاقل
واسكب على الأرض دواء الجهول

***

يا تارك الخمر لماذا تلوم
دعني الى ربي الغفور الرحيم
ولا تفاخرني بهجر الطلى
فأنت جان في سواها أثيم

***

أطفيء لظى القلب ببرد الشراب
فإنما الأيام مثل السحاب
وعيشنا طيف خيال فنل
حظك منه قبل فوت الشباب

***

بستان أيامك نامي الشجر
فكيف لا تقطف غض الثمر
اشرب فهذا اليوم إن أدبرت
به الليالي لم يعده القدر

***

جادت بساط الروض كف السحاب
فنزه الطرف وهات الشراب
فهذه الخضرة من بعدنا
تنمو على أجسادنا في التراب

***

و إن تواف العشب عند الغدير
وقد كسا الأرض بساط نضير
فامش الهوينا فوقه إنه
غذته أوصال حبيب طرير

***

يا نفس قد آدك حمل الحزن
يا روح مقدور فراق البدن
اقطف أزاهير المنى قبل أن
يجف من عيشك غض الفنن

***

يحلو ارتشاف الخمر عند الربيع
ونشر أزهار الروابي يضوع
وتعذب الشكوى الى فاتن
على شفا الوادي الخصيب الينيع

***

فلا تتب عن حسو هذا الشراب
فإنما تندم بعد المتاب
وكيف تصحو وطيور الربى
صداحة و الروض غض الجناب

***

زخارف الدنيا أساس الألم
وطالب الدنيا نديم الندم
فكن خلي البال من أمرها
فكل ما فيها شقاء وهم

***

و أسعد الخلق قليل الفضول
من يهجر الناس ويرضى القليل
كأنه عنقاء عند السهى
لا بومة تنعب بين الطلول

***

من يحسب المال أحب المنى
و يزرع الأرض يريد الغنى
يفارق الدنيا ولم يختبر
في كده أحوال هذي الدنى

***

سرى بجسمي الغض ماء الفناء
وسار في روحي لهيب الشقاء
وهمت مثل الريح حتى ذرت
تراب جسمي عاصفات القضاء

***

يا من يحار الفهم في قدرتك
وتطلب النفس حمى طاعتك
أسكرني الإثم و لكنني
صحوت بالآمال في رحمتك

***

لم أشرب الخمر ابتغاء الطرب
ولا دعتني قلة في الأدب
لكن إحساسي نزاعا إلى
إطلاق نفسي كان كل السبب

***

أفنيت عمري في اكتناه القضاء
وكشف ما يحجبه في الخفاء
فلم أجد أسراره وانقضى
عمري وأحسست دبيب الفناء

***

أطال أهل الأنفس الباصرة
تفكيرهم في ذاتك القادرة
ولم تزل يا رب أفهامهم
حيرى كهذي الأنجم الحائرة

***

لم يجن شيئا من حياتي الوجود
ولن يضير الكون أني أبيد
واحيرتي ما قال لي قائل
ماذا اشتعال الروح كيف الخمود

***

إذا انطوى عيشي وحان الأجل
وسد في وجهي باب الأمل
قرّ حباب العمر في كأسه
فصبها للموت ساقي الأزل

***

إن لم أكن أخلصت في طاعتك
فإنني أطمع في رحمتك
و إنما يشفع لي أنني
قد عشت لا أشرك في وحدتك

***

يا رب هيئ سبب الرزق لي
ولا تذقني منة المفضل
وأبقني نشوان كيما أرى
روحي نجت من دائها المعضل

***

أفنيت عمري في ارتقاب المنى
ولم أذق في العيش طعم الهنا
وإنني أشفق أن ينقضي
عمري وما فارقت هذا العنا

***

لم يبرح الداء فؤادي العليل
ولم أنل قصدي وحان الرحيل
وفات عمري وأنا جاهل
كتاب هذا الدهر جم الفصول

***

صفا لك اليوم ورقّ النسيم
وجال في الأزهار دمع الغيوم
ورجّع البلبل ألحانه
يقول هيا اطرب وخل الهموم

***
الدرع لا تمنع سهم الأجل
والمال لا يدفعه إن نزل
وكل ما في عيشنا زائل
لا شيء يبقى غير طيب العمل

***

الله يدري كل ما تضمر
يعلم ما تخفي وما تظهر
وإن خدعت الناس لم تستطع
خداع من يطوي ومن ينشر

***

وإنما بالموت كل رهين
فاطرب فما أنت من الخالدين
واشرب ولا تحمل أسى فادحا
وخلّ حمل الهم للاحقين

***

رأيت خزافا رحاه تدور
يجدّ في صوغ دنان الخمور
كأنه يخلط في طينها
جمجمة الشاه بساق الفقير

***

تمتلك الناس الهوى والغرور
وفتنة الغيد وسكنى القصور
ولو تزال الحجب بانت لهم
زخارف الدنيا وعقبى الأمور

***
إن الذي تأنس فيه الوفاء
لا يحفظ الود وعهد الإخاء
فعاشر الناس على ريبة
منهم ولا تكثر من الأصدقاء

***

زاد الندى في الزهر حتى غدا
منحنيا من حمل قطر الندى
والكُم قد جمع أوراقه
فظلّ في زهر الرّبى سيدا

***

وأسعد الخلق الذي يرزق
وبابه دون الورى مغلق
لا سيدٌ فيهم ولا خادم
لهم ولكن وادع مطلق

***

قلبي في صدري أسير سجين
تخجله عشرة ماء وطين
وكم جرى عزمي بتحطيمه
فكان ينهاني نداء اليقين

***

مصباح قلبي يستمدّ الضياء
من طلعة الغيد ذوات البهاء
لكنني مثل الفراش الذي
يسعى الى النور وفيه الفناء

***
طبعي ائتناسي بالوجوه الحسان
وديدني شرب عتاق الدنان
فاجمع شتات الحظ وانعم بها
من قبل أن تطويك كف الزمان

***

عاقب الأيام يدني الأجل
ومرها يطويك طيّ السجل
وسوف تفنى وهي في كرِّها
فقضِّ ما تغنمه في جذل

***

لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذّاته
فليس في طبع الليالي الأمان

***

قيل لدى الحشر يكون الحساب
فيغضب الله الشديد العقاب
وما انطوى الرحمن إلا على
إنالة الخير ومنح الثواب

***

كان الذي صورني يعلم
في الغيب ما أجني وما آثم
فكيف يجزيني على أنني
أجرمت والجرم قضا مبرم

***
هات اسقني كأس الطلى السلسل
وغنني لحنا مع البلبل
فإنما الإبريق في صبه
يحكي خرير الماء في الجدول

***

الخمر في الكأس خيال ظريف
وهي بجوف الدنّ روح لطيف
أبعد ثقيل الظّل عن مجلسي
فإنما للخمر ظل خفيف

***

باب نديمي ذو الثنايا الوضاح
وبيننا زهر أنيق وراح
وافتض من لؤلؤ أصدافها
فافترّ في الآفاق ثغر الصباح

***

نار الهوى تمنع طيب المنام
وراحة النفس ولذّ الطعام
وفاتر الحب ضعيف اللظى
منطفئ الشعلة خابي الضرام

***

القلب قد أضناه عشق الجمال
والصدر قد ضاق بما لا يقال
يا ربّ هل يرضيك هذا الضما
والماء ينساب أمامي زلال

***

خلقتني يا ربّ ماء وطين
وصغتني ما شئت عزّا وهون
فما احتيالي والذي قد جرى
كتبته يا ربّ فوق الجبين

***

ويا فؤادي تلك دنيا الخيال
فلا تنؤ تحت الهموم الثقال
وسلم الأمر فمحو الذي
خطت يد المقدار أمر محال

***

وإنما نحن رخاخ القضاء
ينقلنا في اللوح أنى يشاء
وكل من يفرغ من دوره
يلقى به في مستقر الفناء

***

رأيت صفا من دنان سرى
ما بينها همس حديث جرى
كأنها تسأل : أين الذي
قد صاغنا أو باعنا أو شرى

***

سطا البلى فاغتال أهل القبور
حتى غدوا فيها رفاتا نثير
أين الطلى تتركني غائبا
أجهل أمر العيش حتى النشور

***

إذا سقاني الموت كأس الحمام
وضمكم بعدي مجال المدام
فأفردوا لي موضعي واشربوا
في ذكر من أضحى رهين الرجام

***

عن وجنة الأزهار شف النقاب
وفي فؤادي راحة للشراب
فلا تنم فالشمس لمّا يزل
ضياؤها فوق الرّبى والهضاب

***

فكم على ظهر الثرى من نيام
وكم من الثاوين تحت الرغام
وأينما أرمي بعيني أرى
مشيعا أو نهزة للحمام

***

يا ربّ في فهمك حار البشر
وقصر العاجز والمقتدر
تبعث نجواك وتبدو لهم
وهم بلا سمع يعي أو بصر

***

بيني وبين النفس حرب سجال
وأنت يا ربّي شديد المحال
أنتظر العفو ولكنني
خجلان من علمك سوء الفعال

***

شقت يد الفجر ستار الظلام
فانهض وناولني صبوح المدام
فكم تحيينا له طلعة
ونحن لا نملك ردّ السلام

***

معاقرو الكأس وهم سادرون
وقائمو الليل وهم ساجدون
غرقى حيارى في بحار النهى
والله صاح والورى غافلون

***

كنّا فصرنا قطرة في عباب
عشنا وعدنا ذرة في التراب
جئنا إلى الأرض ورحنا كما
دب عليها النمل حينا وغاب

***

لا أفضح السر لعال ودون
ولا أطيل القول حتى يبين
حالي لا أقوى على شرحها
وفي حنايا الصدر سري دفين

***

أولى بهذي الأعين الهاجدة
أن تغتدي في أنسها ساهدة
تنفس الصبح فقم قبل أن
تحرمه أنفاسنا الهامدة

***

هل في مجال السكون شيء بديع
أحلى من الكأس وزهر الربيع
عجبت للخمّار هل يشتري
بماله أحسن مما يبيع

***

هوى فؤادي في الطلى والحباب
وشجو أذني في سماع الرباب
إن يصغ الخزاف من طينتي
كوبا فأترعها ببرد الشراب

***

يا مدعي الزهد أنا أكرم
منك وعقلي ثملا أحكم
تستنزف الخلق وما أستقي
إلا دم الكرم فمن آثم؟

***

الخمر كالورد وكأس الشراب
شفت فكانت مثل ورد مذاب
كأنما البدر نثا ضوءه
فكان حول الشمس منه نقاب

***

لا تحسبوا أني أخاف الزمان
أو أرهب الموت إذا الموت حان
الموت حق لست أخشى الردى
وإنما أخشى فوات الأوان

***

لا طيب في الدنيا بغير الشراب
ولا شجى فيها بغير الرباب
فكرت في أحوالها لم أجد
أمتع فيها من لقاء الصحاب

***

عش راضيا واهجر دواعي الألم
واعدل مع الظالم مهما ظلم
نهاية الدنيا فناء فعش
فيها طليقا واعتبرها عدم

***

لا تأمل الخل المقيم الوفاء
فإنما أنت بدنيا الرياء
تحمل الداء ولا تلتمس
له دواء وانفرد بالشقاء

***

اليوم قد طاب زمان الشباب
وطابت النفس ولذ الشراب
فلا تقل كأس الطلى مرة
فإنما فيها من العيش صاب

***

وليس هذا العيش خلدا مقيم
فما اهتمامي محدث أم قديم
سنترك الدنيا فما بالنا
نضيع منها لحظات النعيم

***

حتام يغري النفس برق الرجاء
ويفزع الخاطر طيف الشقاء
هات اسقنيها لست أدري إذا
صعدت أنفاسي ردت الهواء

***

دنياك ساعات سراع الزوال
وإنما العقبى خلود المآل
فهل تبيع الخلد يا غافلا
وتشتري دنيا المنى والضلال

***

يامن نسيت النار يوم الحساب
وعفت أن تشرب ماء المتاب
أخاف إن هبت رياح الردى
عليك أن يأنف منك التراب

***

يا قلب كم تشقى بهذا الوجود
وكل يوم لك همّ جديد
وأنت يا روحي ماذا جنت
نفسي وأخراك رحيل بعيد

***

تناثرت أيام هذا العمر
تناثر الأوراق حول الشجر
فانعم من الدنيا بلذاتها
من قبل أن تسقيك كف القدر

***
لا توحش النفس بخوف الظنون
وأغنم من الحاضر أمن اليقين
فقد تساوى في الثرى راحل
غدا وماض من ألوف السنين

***

مررت بالخزاف في صحوة
يصوغ كوب الخمر من طينة
أوسعها دعّا فقالت له :
هل أقفرت نفسك من رحمة

***

لو أنني خيرت أو كان لي
مفتاح باب القدر المقفل
لاخترت عن دنيا الأسى أنني
لم أهبط الدنيا ولم أرحل

***

هبطت هذا العيش في الآخرين
وعشت فيه عيشة الخاملين
ولا يوافيني بما أبتغي
فأين مني عاصفات المنون

***

حكمك يا أقدار عين الضلال
فأطلقيني آد نفسي العقال
إن تقصري النعمى على جاهل
فلست من أهل الحجا والكمال

***
إذا سقاك الدهر كأس العذاب
فلا تبن للناس وقع المصاب
واشرب على الأوتار رنانة
من قبل أن تحطم كأس الشراب

***

لا بد للعاشق من نشوة
أو خفة في الطبع أو جنة
والصحو باب الحزن فاشرب تكن
عن حالة الأيام في غفلة

***

أنا الذي عشت صريع العقار
في مجلس تحييه كأس تدار
فعدِّ عن نصحي لقد أصبحت
هذي الطلى كل المنى والاختيار

***

أعلم من أمري الذي قد ظهر
وأستشف الباطن المستتر
عدمت فهي أن تكن نشوتي
وراءها منزلة تنتظر

***

طارت بي الخمر إلى منزل
فوق السماك الشاهق الأعزل
فأصبحت روحي في نجوة
من طين هذا الجسد الأرذل

***
سئمت يا ربي حياة الألم
وزاد همي الفقر لما ألمّ
ربي انتشلني من وجودي فقد
جعلت في الدنيا وجودي عدم

***

لم يخل قلبي من دواعي الهموم
أو ترض نفسي عن وجودي الأليم
وكم تأدبت بأحداثه
ولم أزل في ليل جهل بهيم

***

الله قد قدر رزق العباد
فلا تؤمل نيل كل المراد
ولا تذق نفسك مرّ الأسى
فإنما أعمارنا للنفاد

***

إن الذي يعرف سر القضاء
يرى سواء سعده والشقاء
العيش فان فلندع أمره
أكان داء مسنا أم دواء

***

يا طالب الدنيا وقيت العثار
دع أمل الربح وخوف الخسار
واشرب عتيق الخمر فهي التي
تفك عن نفسك قيد الإسار

***
الكأس جسم روحه الساريه
هذي السلاف المزة الصافية
زجاجها قد شف حتى غدا
ماء حوى نيرانها الجارية

***

قد ردد الروض غناء الهزار
وارتاحت النفس لكأس العقار
تبسم النور فقم هاتها
نثأر من الأيام قبل الدمار

***

بي من جفاء الدهر همّ طويل
ومن شقاء العيش حزن دخيل
قلبي كدنّ الخمر يجري دما
ومقلتي بالدمع كأس تسيل

***

وكلما راقبت حال الزمن
رأيته يحرم أهل الفطن
سبحان ربي كلما لاح لي
نجم طوته ظلمات المحن

***

ماذا جنينا من متاع البقاء
ماذا لقينا في سبيل الفناء
هل تبصر العين دخان الألى
صاروا رمادا في أتون القضاء

***
تلك القصور الشاهقات البناء
منازل العز ومجلى السناء
قد نعب البوم على رسمها
يصيح أين المجد ، أين الثراء

***

هون على النفس احتمال الهموم
واغنم صفا العيش الذي لا يدوم
لو كانت الدنيا وفت للألى
راحوا لما جاءك دور النعيم

***

وإنما الدهر مذيق الكروب
نعيمه رهن بكف الخطوب
ولو درى الهم الذي لم يجيء
دنيا الأسى لاختار دار الغيوب

***

صبت علينا وابلات البلاء
كأننا أعداء هذا القضاء
بينا ترى الإبريق والكأس قد
تبادلا التقبيل حول الدماء

***

تفتح النوار صب المدام
واخلع ثياب الزهد بين الأنام
وهاتها من قبل سطو الردى
في مجلس ضم الطلى والغرام

***
حار الورى ما بين كفر ودين
وأمعنوا في الشك أو في اليقين
وسوف يدعوهم منادي الردى
يقول ليس الحق ما تسلكون

***

نصبت في الدنيا شراك الهوى
وقلت أجزي كل قلب غوى
أتنصب الفخ لصيدي وإن
وقعت فيه قلت عاص هوى

***

أنا الذي أبدعت من قدرتك
فعشت أرعى في حمى نعمتك
دعني الى الآثام حتى أرى
كيف يذوب الإثم في رحمتك

***

إن تفصل القطرة في بحرها
ففي مداه منتهى أمرها
تقاربت يا ربّ ما بيننا
مسافة البعد على قدرها

***

وإنما الدنيا خيال يزول
وأمرنا فيها حديث يطول
مشرقها بحر بعيد المدى
وفي مداه سيكون الأفول

***
جهلت يا نفسي سر الوجود
وغبت في غور القضاء البعيد
فصوري من نشوتي جنة
فربما أحرم دار الخلود

***

يا ورد أشبهت خدود الحسان
ويا طلي حاكيت ذوب الجمان
وأنت يا حظي تنكرت لي
وكنت من قبل الأخ المستعان

***

أولى بك العشق وحسو الشراب
وحنة الناي ونوح الرباب
فأطلق النفس ولا تتصل
بزخرف الدنيا الوشيك الذهاب

***

لا تشغل البال بأمر القدر
واسمع حديثي يا قصير النظر
تنح واجلس وادعا قانعا
وانظر الى لعب القضا بالبشر

***

يا قلب إن ألقيت ثوب العناء
غدوت روحا طاهرا في السماء
مقامك العرش ترى حطّة ً
أنك في الأرض أطلت البقاء

***
إن الذي يذبل زهر الربيع
ينثر أوراق وجود الجميع
والهم مثل السّم ترياقه
في الخمر فاشرب قدر ما تستطيع

***

زجاجة الخمر ونصف الرغيف
وما حوى ديوان شعر طريف
أحب لي إن كنت لي مؤنسا
في بلقع من كل ملك منيف

***

أتسمع الديك أطال الصياح
وقد بدى في الأفق نور الصباح
ما صاح إلا نادبا ليلة
ولّت من العمر السريع الرواح

***

علام تشقى في سبيل الألم
ما دمت تدري أنك ابن العدم
الدهر لا تجري مقاديره
بأمرنا فارض بما قد حكم

***

تحمل الداء كبير الرجاء
أنك يوما تنال الشفاء
واشكر على الفقر الذي إن يُرَدّ
أصبحت موفور الغنى والثراء

***
ليتك يا ربي تبيد الوجود
وتخلق الأكوان خلقا جديد
فتغفل اسمي أو تزيد الذي
قدرت لي في الرزق بين العبيد

***

وصلتني بالنفس منذ القدم
فكيف تفري شملنا الملتئم
وكنت ترعاني فماذا دعا
إلى اطراحي للأسى والألم

***

هات الطلى فالنفس عما قليل
توشك من فرط الأسى أن تسيل
عساي أنسى الهم في نشوتي
من بعد رشفي كأسها السلسبيل

***

يا ساقي الخمر أفق هاتها
ثم اسقني سائل ياقوتها
فإنها تبعث من روحها
نفسي وتحيي ميت لذاتها

***

صب من الإبريق صافي الدماء
واشرب وهات الكأس ذات النقاء
فليس بين الناس من ينطوي
على الذي في صدرها من صفاء

***
أين طهور النفس عفّ اليمين
وكيف كانت عيشة الصالحين
إن كنت لا تغفر ذنبي فما
فضلك يا ربِّ على العالمين

***

أبدعت فينا بينات العِبر
وصُغتنا يا ربي شتى الصور
فهل أطيق اليوم محو الذي
تركته في خلقتي من أثر

***

طبائع الأنفس ركّبتها
فكيف تجزي أنفسا صغتها
وكيف تفنى كاملا أو ترى
نقصا بنفس أنت صورتها

***

تخفي عن الناس سنا طلعتك
وكل ما في الكون من صنعتك
فأنت مُجلاه وأنت الذي
ترى بديع الصنع في آيتك

***

يا رب مهّد لي سبيل الرّشاد
واكتب لي الراحة بعد الجهاد
وأحي في نفسي المنى مثلما
يحيي موات الأرض صوب العهاد

***
لن يرجع المقدار فيما حكم
وحملك الهم يزيد الألم
ولو حزنت العمر لن ينمحي
ما خطه في اللوح مر القلم

***

ولّى الدجى قم هات كأس الشراب
كأنما الياقوت فيها مذاب
واحرق من العود بخورا وخذ
من غصنه المعطار واصنع رباب

***

الخمر توليك نعيم الخلود
ولذّة الدنيا وأنس الوجود
تحرق مثل النار لكنها
تجعل نار الحزن ماء برود

***

عيشي من أجل الطلى مستحيل
فإنها تشفي فؤادي العليل
ما أعذب الساقي إذا قال لي
تناول الكأس ورأسي يميل

***

أولى بهذا القلب أن يخفقا
وفي ضرام الحب أن يحرقا
ما أضيع اليوم الذي مرّ بي
من غير أن أهوى و أن أعشقا

***
سارع الى اللذات قبل المنون
فالعمر يطويه مرور السنين
ولست كالأشجار إن قلمت
فروعها عادت رطاب الغصون

***

إن الألى ذاقوا حياة الرّغد
وأنجز الدهر لهم ما وعد
قد عصف الموت بهم فانطووا
واحتضنوا تحت تراب الأبد

***

نفسي خلت من أنس تلك الصحاب
لما غدوا ثاوين تحت التراب
في مجلس العمر شربنا الطلى
فلم يفق منا صريع الشراب

***

ولست مهما عشت أخشى العدم
وإنما أخشى حياة الألم
أعارني الله حياتي وعن
حقوقه استرداد هذا النسم

***

قالوا امتنع عن شرب بنت الكروم
فإنها تورث نار الجحيم
ولذّتي في شربها ساعة
تعدل في عيني جنان النعيم

***
إن دارت الكأس ولذّ الشراب
فكن رضيّ النفس بين الصحاب
واشرب فما يجديك هجر الطلى
إن كان مقدورا عليك العذاب

***

شيئان في الدّنيا هما أفضل
في كل ما تنوي وما تعمل
لا تتخذ كل الورى صاحبا
ولا تنل من كل ما يؤكل

***

لو كان لي قدرة رب مجيد
خلقت هذا الكون خلقا جديد
يكون فيه غير دنيا الأسى
دنيا يعيش الحر فيها سعيد

***

إذا بلغت المجد قالوا زنيم
وإن لزمت الدار قالوا لئيم
فجانب الناس ولا تلتمس
معرفة تورث حمل الهموم

***

خير لي العشق وكأس المدام
من ادعاء الزهد والإحتشام
لو كانت النار لمثلي خلت
جنات عدن من جميع الأنام

***
عبدك عاص أين منك الرضاء
وقلبه داج فأين الضياء
إن كانت الجنّة مقصورة
على المطيعين فأين العطاء

***

أهل الحجا والفضل هذي العقول
قد حاولوا فهم القضاء الجليل
فحدثونا بعض أوهامهم
ثم احتواهم ليل نوم طويل

***

يا عالم الأسرار علم اليقين
يا كاشف الضر عن البائسين
يا قابل الأعذار فثنا الى
ظلك فاقبل توبة التائبين



تم نقل الموضوع من عدة جهات ومن عدة دراسات اخترت اشهرها


ارجو ان تكون الاضافة ذات افادة وهذا هو القصد من هاته الوقفة التحليلية لاحدى روائع العالم


رباعيات عمر الخيام


تحياتي واحترامي للجميع


شموخ امراة

مشعل الشعلاني 07-14-2013 01:37 PM

رد: رباعيات عمر الخيام
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


الساعة الآن 08:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
ظ„ظٹظ†ظƒط§طھ - ط¯ط¹ظ… : SEO by vBSEO 3.5.1 Trans by
Coordination Forum √ 1.0 By: мộнαηηαď © 2011

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009