الموضوع: عــم حســــين
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [1 (permalink)]  
قديم 03-29-2011, 08:58 AM

alshmo5

موقوف

 بيانات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  alshmo5 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي



 
افتراضي عــم حســــين


لوحة ٌ خشبية ٌ متآكلة ٌ تحملُ كلمتين بالكاد تسطيعُ قرأتـَهما " مكوجي السعادة "

يجلسُ أسفلَ هذه اللوحةِ شيخ ٌ كبيرٌ ، التجاعيدُ التي في وجهه تدلُ على أنَّه شاهدٌ على

عصورٍ كثيرةٍ ، يضعُ قدمَهُ اليمنى على اليسرى ويَتـَكِئُ بكوعهِ الأيمن على فخده

الأيمن ويستند بذ َقـَنـِه على كفيه الأيمن ، ويُمسِكُ في يده اليسرى سيجارة يَعْتـَصِرُهَا

بشفتيه كما يعتصرُ الطفلُ الحلوى

- صباح الخير يا عم حسين
- صباح الفل يا محمود يا بني ، إيه يا محمود إنت مفتحتش دكانك إمبارح ليه كفا الله الشر
- كنت تعبان شوية يا عم حسين
- لا ، ألف سلامة عليك يا بني

يفتح محمودٌ دكانـَه المجاورَ لدكانٍ العم حسين ، وعلى الجانبِ الآخرَ من الشارع ِ

يوجد منفذ ٌ ِلبَيْع الخبز ، يَتكالبُ الناسُ عليه كما تتكالبُ إناثُ الأسودِ على فريسَتِهَا

ومع هذا التكالبِ توجدُ بعضُ الهتافات من قبيل

- يلا يا أستاذ خلصني أنا ورايا شغل
- والنبي يا أستاذ إديني بجنيه عيش عايزه أودي العيال المدرسة
- إيه يا عم إنت بتزق كده ليه ما تاخد دورك في الطابور

وكثير من مثل ذلك ، فلا يخلو يومٌ من مشا جرة ٍ بين فلان وعلان

يجلس محمود بجوار العم حسين

- شايف يا محمود يا بني الناس بقيت وحشة قد إيه ، دول هيموتو بعض عشان رغيفين عيش ، إييييه فين أيام زمان إنت عارف ساعتها كنت تحس إن الناس كلها بيت واحد وأسرة واحدة الله يرحم أيام زمان
- ليه الزعل ده كله بس يا عم حسين ، ما الناس لسه برده كويسة وزي الفل
- كويسة مين يابني ، ده انا من يومين ركبت الأتوبيس إلـِّـي ما حد قام وقالي اتفضل يا حاج ، ده إحنا زمان لما كنا ننـ.......

يقطعُ حديثَ العمِّ حسين صوت ٌ عال ٍ آت ٍ من منفذ بيع الخبز

- تصدق إن إنت راجل ابن كلب صحيح
- أنا ابن كلب يا ابن ستين كلب يا واطي
- إنت بتشتمني أنا يا ابن ال (...) وحياة أمك لتشوف

فأمسكـَه بيدهِ اليسرى من ياقةِ قميصه ولكمه في وجهه لكمة شديدة ، ثم أمسكه من ياقة قميصه بكلتا يديه وضربه بركبته في بطنه عدة َ ضربات ٍ متتالية ٍ قبل أن ينتزعه الناس من بين يديه وقد احمر وجهـُه وسال دم ٌ خفيفٌ من أنفه ، وبدا عليه إعياء ٌ شديد ٌ من أثر الضرباتِ التي تلقاها في بطنه
أخرج هاتِفـَه المحمول وتكلم فيه قليلا ثم توجه إلى خصمه قائلا :

- وحياة أمك لربيك

وما هي إلا دقائق قليلة حتى ظهر من بعيد بضعة رجال يحملون أشياء َ تلمعُ تحتَ أشعَةِ الشمس ِ

- الله الله الله ، دي الحكاية كبرت ياعم حسين دول جايين بسكاكين ، يا رب استر

هـمَّ محمودٌ بالذهابِ إلى الجانبِ الآخرَ من الطريقٍ فاستوقفه العم حسين
- رايح فين يابني ، ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه
- أمّال عايزني أتفرج على الناس وهمّا بيموتو بعض

تدخل محمود لفض ِ الشجار بين الطرفين ِ، وحاولَ هو وغيرُه أن يمنعَ هذا عنْ ضربِ هذا ، حتى لمحَ أحدَهم يلتفُ من حول ِ المتشاجرين متجهًا إلى المتشاجر الأول وبيديه سكينٌ والغيظ ُ يَتـَطايَرُ من عينيه ، فوقفَ محمودٌ له وحاولَ أن يمنـَعَهُ

- بقولك إيه ابعد عني الساعة دي
- يا عم خلاص استهدى بالله ، على إيه ده كله
- هتبعد عني ولا أعورك
- يا عم صلي على النبي كده وروق

فأمسك الرجل ُ محمودًا بيديه محاولا أن يبعدَه عن طريقه

إلا أن محمودًا قد ثبتَ مكانـَه ولم يتحركْ ، فاستل الرجل سكينه وضربَ به محمودًا

في وجهه

يتمدد محمودٌ فاقدًا الوعيَ على سرير ٍ أبيضَ ، وقد غطت لفافات القطن والشاش ِ جبينـَه وعينـَه اليمنى

- للأسف يا حاج ابنك مش هيشوف بعينه اليمين تاني
- يعني إيه يا دكتور أنا ممكن أوديه احسن مستشفى في الدنيا
- للأسف يا حاج ما بقاش ينفع

نظر الأب إلى ابنه محمود نظرة اشفاق ٍ حملت بين طياتها لومًا شديدًا ، وقال في نفسه :
كان مالنا إحنا بس ومال إلـِّـي بيتخانقوا ، ما يموتوا ولا يولعوا بجاز

لوحة خشبية متآكلة تحمل كلمتين بالكاد تسطيع قرأتهما " مكوجي السعادة "

يجلس أسفل هذه اللوحة شيخ ٌ كبيرٌ ، التجاعيد التي في وجهه تدلُ على أنه شاهدٌ على

عصور كثيرة ، يضع قدمه اليمنى على اليسرى ويمسك بين يديه جريدة يتصفح ما

فيها من أخبار

" رئيس الوزراء يعد بخطة جديدة لتحقيق ..... "

"تدهور الوضع الأمني في غزة واشتباكات ....."

" مصرعُ رجل ٍ في أسيوط حاولَ فضَ منازعةٍ بين متخاصِمَيْن ِ"
uJJl psJJJJdk

uJJl psJJJJdk uJJl psJJJJdk

جميع الحقوق محفوظة وحتى لاتتعرض للمسائلة القانونية بسبب مخالفة قانون حماية الملكية الفكرية يجب ذكر :
- المصدر :
شبكة الشموخ الأدبية - الكاتب : alshmo5 - القسم : مجلة الشموخ الثقافية
- رابط الموضوع الأصلي : عــم حســــين

 

ظ„ظٹظ†ظƒط§طھ - ط¯ط¹ظ… : SEO by vBSEO 3.5.1