( 35 ) مدار الأفكار
صور مشهورة
يقول الشاعر العربي :
داعبوا عقلهَا الضعيفَ بكيــــدٍ = جاهليٍ أعمى الرؤى والـــرَّواء
أركبوها موجة الشعر وقالـــــوا= أنتِ أبهى من السنى والســـناء
إن عالم الصور عالم خصب متعدد الأبعاد، متنوع المجالات، ويشتمل على جوانب إيجابية كثيرة، وأخرى
سلبية. وكما يقول أرسطو: ) إن التفكير مستحيل من دون صور( ، ويقول الدكتور شاكر عبد الحميد في
مؤلفه القيم "عصر الصورة - السلبيات والإيجابيات": ( إن الحياة المعاصرة لا يمكن تصورها من دون
الصور،فالصور موجودة في كل مكان، إنها لا تكف عن التدفق والحضور في كل لحظة من لحظات حياتنا( ،
إننا نعيش بالفعل في "عصر الصورة" كما قال آبل جانس عام1926م، ونعيش حضارة الصورة كما قال
الناقد الفرنسي رولان بارت، والصورة لم تعد تساوي ألف كلمة كما يقول المثل الصيني بل صارت بملايين
الكلمات، وترتبط الصورة بمجال الوسائط والميديا وكذلك ترتبط بعالم التربية والتعليم والأخلاق والدين
والخيال والإبداع، ومصطلح الصورة مشتق كما يقال من كلمة لاتينية تعني محاكاة. ومعظم الاستخدامات
القديمة والحديثة لهذا المصطلح تدور حول المعنى نفسه، ومن ثم توجد معان متقاربة وربما مترادفة مثل:
( التشابه، النسخ، إعادة الإنتاج، الصورة الأخرى... إلخ) أما في اللغة العربية فإن كلمة صورة تعني هيئة
الفعل أو الأمر وصفته، ومن معانيها أيضا كما جاء في لسان العرب لابن منظور: (وتصورت الشيء توهمت
صورته، فتصور لي: والتصاوير تعني التماثيل) , ولعل هذا المعنى الأخير للصورة هو الذي أدى إلى تنامي
هذه النظرة الازدرائية للصورة في الثقافة الإسلامية والتي ربطتها بعبادة الأوثان كما جاء ذلك في العدد
(311) من سلسلة عالم المعرفة والصادر في يناير عام 2005م.
وترد الصورة في كلام العرب على ظاهرها وعلى معنى حقيقة الشيء، وهيئته، وعلى صفته وقد يعتقد
البعض أننا بصدد الحديث عن (الصورة) على اعتبار أنها من سمات العصر الراهن وإحدى أدواته المعرفية
والثقافية، أو (الصورة الشعرية) بمختلف أنماطها وأشكالها وبما فيها من طاقة إيحائية تكسب الشعر قيمة
جمالية مؤثرة في ذهن المتلقي ووجدانه والتي يفتقد إليها غالبية نتاج شعراء اليوم ولكن كل ذلك على الرغم
من أهميته في مجال الأدب لا يعنينا – على الأقل حاليا - وربما يتم التطرق له لاحقا. أما الصور المشهورة
التي نعنيها ونقصدها بالعنوان فهي صور الأسماء النسائية التي ركبت أو شجعت لركوب موجة الشعر،
خاصة الشعبي ودخلت مجاله - قسرا - وأصبحت هذه الأسماء والصور تحفل بها الصفحات الشعبية،
وتتصدر أغلفة المجلات الأدبية، وتشارك في الأمسيات الشعرية، وتعانق موجات الأثير وشاشات التلفزة
والقنوات الفضائية، وتحظى بالثناء والتقديم الطويل، والمديح غير المبرر والمحاباة والتطبيل، على
اعتبار أنها من رموز وأعلام الشعر النسائي في الخليج رغم أن الواقع وبشهادة المنصفين من أرباب
الاختصاص ينفي الشاعرية عن 98 في المائة منهن. وقد حدثني كثير من الزملاء ممن نثق بكلامهم ونعرف
مدى مثاليتهم ومصداقيته وحرصهم على الشعر والتفاني في سبيل الارتقاء به وتنقيته من شوائب
الدخلاء والأدعياء عن قصص وخفايا أغلب الأسماء النسائية المشهورة والتي تجوب شارع الصحافة ودهاليز
المطبوعات تتسول الشعر وتقدم الصور في شتى الأوضاع وحسب الطلب نظير القصائد التي تكتب وتنشر
بأسمائهن حتى تحقق لهن المراد، وفاقت شهرتهن - وان كانت زائفة - شهرة رموز الشعر والإعداد،
وتعدت حدود ومحيط البلاد، إلا أن بريق الأضواء والشهرة لا يعني التميز والجودة في كل الأحوال وقد اختفى
كثير من هذه الأسماء عندما جف نبع الممول، وكشفت أساليب التدليس والتسول، أو انتفت الحاجة لوجودهن،
ودخل حمى المورد غيرهن.
كم (شاعرة) من صنع تزييف الإعلام=وكل الشواهـد واضحـة بالمفاهيـم
تعطي الصور وتطيع للأمر باحكـام=وتمشي على المنهاج حسب التعاليم
عبدالعزيز الفدغوش
الأربعاء, 12 - نوفمبر - 2008