خبر بسيط... يولد نظرية عظيمة
وسائل الاعلام في أي مجتمع هي المسؤولة عن صياغة ونشر وتوزيع الأخبار والمعلومات والأفكار والأراء، وبالتالي تصبح من أهم الوسائل الفاعلة في أي مجتمع لتغيير القيم والاتجاهات، ولتعزيز أي سلوك ايجابي وتكريسه، وتهميش أي سلوك سلبي في المجتمع نفسه ولذا تعتمد الحكومات والمؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والهيئات ذات الصلة بالمجتمع وشرائحه، تعتمد على وسائل الاعلام الجماهيرية «صحافة، اذاعة، تلفزيون، سينما»، في الوصول الى الجمهور المستهدف وتحقيق الأهداف المتوخاة من ذلك الاتصال، ولذا كان لزاما على وسائل الاعلام أن تغير من نظرتها للمجتمع ككتلة واحدة الى مجتمع متشابك ومعقد، وبالتالي ينبغي صياغة رسائل اعلامية مناسبة لكل شريحة مستهدفة بحيث يتم صياغة تلك الرسائل بما يتناسب واتجاهات وأفكار وسمات تلك الشريحة المستهدفة.لعل أبرز وسائل الاعلام التي تجذبني هي التلفاز حيث انه ليس مجرد صمام تدفع من خلاله المواد المرئية فحسب بل انه عملية تفاعل بين الناس والآلات لامداد المشاهدين بخبرات ومعلومات ذات دلالة ترتكز على حاستي السمع والنظر لاثبات الحدث في ذهن المتلقي.تعتبر علاقتي بالتلفاز علاقة وطيدة جيدة فهو بالنسبة لي كالمعلم الذي يعطي دون مقابل، يطور وينمي ويصقل مواهب طلابه والطلاب هنا هم الجمهور الذي يتابع أخبار التلفاز بشغف واهتمام. يمدني التلفاز بكل ما يدور حولي من اخبار وأحداث عالمية ومحلية ومن خلاله أستطيع أن اعرف ما تميل نفسي اليه من أخبار وماهو المفيد لي وما هو البعيد عن ميولي، ونظرا لما له من دور في جذب اهتمامات الأفراد ويركز اهتماماتهم على قضايا معينة يقوم بطرحها عليهم وتختلف نسبة اهتمام الأشخاص بالقضايا وتتفاوت من شخص لآخر فعلى سبيل المثال هنا في دولة الكويت أثناء ظهور مرض انفلونزا الخنازير في بداية الأمر، كان هذا الامر عاديا ولكن سرعان ما انقلب الحال رأسا على عقب واختلفت نظرة الناس له بعد الاهتمام الذي حصده من التلفزيونات ومن الاعلانات المحتوية على ارشادات الأمن والسلامة التي ظهرت عنه وعن خطورته وهذا أثر في العديد من الناس وعلي أنا شخصيا حيث انني اتبعت الارشادات، والتي كانت تعرض على شاشات التلفاز يوميا وهناك مثال آخر قد يوضح فكرتي بشكل أفضل وهي القضية الفلسطينية مع العدوان الاسرائيلي الغاشم فان الأخبار التلفزيونية أخذت مجراها في نشر فضائح العدوان وكيفية انتهاكه لحرمة بيت المقدس الشريف والأقصى المبارك، وبعد ذلك أصبحت هذه القضية مصدر اهتمام للكبير والصغير ومن أولويات الجماهير، ولعل هذا يتماشى مع احدى نظريات الاتصال والتي تعرف باسم «تحديد الأجندة»، التي تعمل على تحديد أولويات الجمهور واهتماماتهم من خلال وسائل الاعلام المختلفة. وبالنسبة للتلفاز، فانه وبحسب هذه النظرية يعمل على خلق اهتمامات جماهيرية مختلفة من خلال القضايا التي يعرضها حيث يربط بين الاعلام المرئي والاهتمام الجماهيري بقضية معينة، يتم عرضها.بالرغم من وضوح نظرية الاجندة، الا انها تعرضت لبعض الانتقادات المتمثلة في «أنها لا تملك القدرة على تحديد اهتمامات الجمهور في القضايا المجردة، التي لا تملك ادراكا حسيا أو في حالة ان المعلومات معقدة ولا يفهمها الجمهور». وهناك بعض الأشخاص الذين أدلوا بأرائهم حول هذه النظرية فمنهم من مدح بها ومنهم من وجه نقد عليه فقال أحدهم: «ان الاهتمام الدائم بقضية معينة واهمال القضايا الاخرى سيؤدي بالجمهور الى تركيز انتباههم على تلك القضية واهمال القضايا الاخرى ما يؤدي الى حدوث خلل»(2).
وفي الختام لا يسعني القول غير أن نظرية تحدي الأجندة تثير اشكالية في اظهار العلاقة الجدلية بين اهتمام الجمهور بقضية ما واهتمام وسائل الاعلام بها وأنه بالمنظور العام من الذي يهتم بالآخر ويروج له.
*نجيبة سمحات- جامعة الكويت- كلية الآداب
(1): الكتاب الجامعي.مدخل الى علم الاتصال.صفحة 95 الفقرة الثانية.يوم الأربعاء. 14/4/2010
(2): منى خليل.طالبة جامعية.جامعة الخليج. 21 عاما.يوم الأربعاء 14/4/2010